بعدما صدعوا رؤوسنا بان التعليم العالي يشهد قفزات نوعية على مستوى التطوير والارتقاء بالأستاذ الجامعي .. ومن اجل البرهنة على هذا الارتقاء لنتابع القصة الطريفة التالية والتي حدثت في احدى كليات جامعة البصرة انقلها كما رواها لي احد أساتذة الكلية ..والتي تبدأ..
تأبط الدكتور … عضو هيئة التدريس في كلية … الدفاتر الامتحانية بعد أن انتهى زمن الامتحان لطلبة الدكتوراه ..ليصطحبه زميله المخضرم الدكتور …. إلى احد مطاعم البصرة لتناول وجبة الغداء ..
تفاجئوا بعد خروجهم من المطعم بكسر زجاج احد نوافذ السيارة العائدة إلى احدهم وسرقة بعض محتوياتها .. والتي كان من ضمنها الدفاتر الامتحانية لطلبة الدكتوراه التي تركها اخونا الدكتور صاحب المادة الامتحانية على احد مقاعد السيارة .
وبعد أن سيطر الوجوم على وجوه الاثنين .. وبدت علامات الذعر التي انتابتهما واضحة عليهم نتيجة لما حدث والذي كله لا يساوي شيء أمام سرقة الدفاتر الامتحانية ..
وبعد حيص وبيص وانهيار الدكتور صاحب الدفاتر الامتحانية ومحاولة البحث مع زميله عن مخرج لهذه المصيبة التي حلت على رأسه .. يبدو اتفق الاثنان على ما يلي :
– أن يبقى الأمر سرا بينهما ولايطلعّن عليه أحدا مهما حصل ..
– أن يقوم الدكتور صاحب الدفاتر المسروقة بالحصول على دفاتر امتحانية جديدة مختومة ليقوم هو بأملاء الإجابة عليها بدلا عن الطلبة ومن ثم تصحيحها وإعادتها للجنة الامتحانية للدراسات العليا وكأن شيئا لم يحصل .
– اقسما أمام بعضهما أن يقبر هذا السر بينهما .. ولايعلمّن به إلا الله .
وبالفعل تم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بينهما .. بحيث قام الدكتور صاحب الدفاتر المسروقة بالحصول على دفاتر امتحانية أخرى مختومة بختم اللجنة الامتحانية .. ولسنا نعلم كيف تم حصوله على هذه الدفاتر التي يفترض أن يكون محرّز عليها كثيرا .
وقام بإملائها بمساعدة زوجته وقام بتصحيحها وإعادتها للجنة الامتحانية بشكل طبيعي .
ومرت العملية بسلام وهدوء واطمئن قلب الدكتور صاحب الدفاتر المسروقة وعادت دقاته إلى طبيعتها … ولكن ….حصل مالم يكن بالحسبان ..
إذ قام زميله وصاحبه الدكتور الذي عاهده على أن يحفظ سره ، قام بإفشاء سر صاحبه لعميد الكلية دون أن يضع اعتبارا لعمره أولا وللصداقة ثانيا ولكلمته كرجل ثالثا . والملفت للنظر أيضا ، أن هذا الصديق افشى السر بعد يومين من دعوته لعزومة عائلية وجهها له ولعائلته الدكتور المأزوم ( صاحب الدفاتر الامتحانية المسروقة ) .
مما تطلب وبعد افتضاح الأمر على ما يبدو إلى تشكيل لجنة تحقيقية للتحقيق في هذه الجريمة والتي تعد خيانة لمهنة التعليم المقدسة كما يراها البعض .
أية خسة ونذالة وصلت اليه العلاقات الاجتماعية شملت حتى أساتذة الجامعة .. وهل بالإمكان لوم البسطاء من الناس إن هم تصرفوا على هذا المنوال .
ونحن هنا لا نشير إلى عدم الوفاء والثقة بين الأصدقاء لان الأمر من بدايته والتصرف فيه بني على خطأ .. لكن بما إن الأمور أخذت هذا المنحى فيفترض أن يكون الأنسان عند كلمته لان الرجل كلمة كما ما يقولون …
أي رجال بقت في العراق واي تعليم عالي ممكن أن يعتمد عليه في ظل تفسخ مجتمعي لم يشهده العراق سابقا.
ثم اليست هذه خيانة لشرف المهنة أولا ولعلاقة الصداقة ثانيا ..وهل سيبقى لهؤلاء مكان في العملية التعليمية بعدما اقترفوه من سوء السلوك هذا والتصرف الذي لا يرقى لأبسط قواعد المهنة .