18 ديسمبر، 2024 7:20 م

حدث في بلاد الموز ( 2 ) ذبح الابرياء بغير سكين

حدث في بلاد الموز ( 2 ) ذبح الابرياء بغير سكين

كان قاضي البلدة يطل فجرا من نافذته ، فشاهد رجلا يطعن اخر ويرديه قتيلا ، ثم يرمي السكين بعد مسافة قصيرة ويهرب ، وخلال دقائق يحضر بالصدفة من عكس الاتجاه الذي هرب منه الجاني خباز المدينة ، فيشاهد السكين الملخطة بالدماء ، فيحملها ، وبعد خطوات يقف على جثة القتيل ، وخلال دقائق قليلة تجتمع الناس على الرجل وهو لا زال يحمل السكين الملطخة بالدماء ويتهموه بالقتل .
وينتهي امر البت في تهمة الخباز بيد قاضي البلدة الذي شاهد الحقيقية كاملة ، الذي رغم ذلك يحكم على الخباز بالاعدام ، دون ان يلتفت الى ما شاهده بنفسه ، تطبيقا للمبدأ القانوني القائل ( بان القاضي لا يحكم بناء على علمه الشخصي ) .وبعد سنوات من اعدام الخباز عرف اهل البلدة الحقيقة ، فاخذ قسم منهم يلبسون اردية سوداء ويقولوا للقضاة قبل كل محاكمة ( تذكروا مظلمة الخباز ) ويقال بان ذلك هي الاصل التاريخي للرداء الاسود الذي يرتديه القضاة حول العالم .
اما في بلاد الموز فان الامر اجمل بكثير اذ حدث ان مجموعة ارهابية مكونة من ستة اشخاص تهجم على نقطة تفتيش في وقت متأخر من الليل وتقتل من فيها ، ويصور القتلة انفسهم وهم يرقصون ويهزجون على الجثث ، وتلقي استخبارات الداخلية القبض على اربعة من المجموعة ويعترفون بالحادث ويضبط الفلم الذي صوروا انفسهم به والسيارة والاسلحة التي استخدموها ، ويتبين بان خامسهم قتل في الحادث ودفن بشهادة وفاة مزورة ، ويتم الوصول الى قبره وفتحه للتأكد منه وتضبط شهادة الوفاة المزورة .
لكن يتفاجأ الجميع بان هناك اربع جهات تحقيقية اخرى القى كل منها القبض على مجموعة اعترفت – طبعا بارادتها الحرة جدا – بارتكاب نفس الحادث ، فيتقرر جمع المجاميع الخمسة كلها لدى استخبارات الداخلية ، ويقرر قاضي التحقيق الافراج عن اعضاء المجاميع الاربعة الاخرى لان الادلة تقطع بعدم صحة اعترافاتهم ، وبكون المجوعة الاولى هي المتورطة بالحادث . الا ان محكمة الجنايات تنقض القرار وتأمر قاضي التحقيق باعادة الجميع للتوقيف واحالتهم اليها لتقرر هي ( اي محكمة الجنايات ) مصيرهم ، باعتبارهم متهمين معترفين ولا يجوز لقاضي التحقيق الافراج عنهم .
فيسلم عدد المتهمين المفرج عنهم انفسهم مجددا ، بظنهم انهم ابرياء وسوف تفرج عنهم محكمة الجنايات حتما ، لكن المفاجأة كانت حينما حكمت محكمة الجنايات باعدام المجموعة المتورطة بالحادث ، وباعدام اعضاء المجاميع الاربعة الاخرى ايضا لان الادلة ضدهم كافية.
ارجوكم لا تسألوني من هي محكمة الجنايات الموقرة التي اصدرت هذا الحكم العادل ، ولا من هم القضاة المحترمين ، لان محكمة النشر والاعلام في بلاد الموز جاهزة لاصدار اوامر القبض ضدي خلال ساعات ، وخلال ايام تصدر احكامها الغيابية العادلة جدا بحبسي سنة كاملة بدون اجراء التبليغات ثم تبلغ الحكم الغيابي بالصحف وتنشر هيئة النزاهة ( في بلاد الموز طبعا ) بيانا بان الحكم اكتسب درجة البتات .
اظن ان قاضي البلدة الذي اعدم الخبار اشرف واعلم وانزه واصحى ضمير من قضاة بلاد الموز الذي يحكمون باعدام الناس بناء على اعترافات مقطوع بانها منتزعة بالتعذيب والاكراه ، وباعدام اناس مقطوع بانهم لم يرتكبوا حادثا اعترفوا بارتكابه تحت اي ظرف .