بعد إفطار سريع ، صعدت المترو المتجهة من ( العشار داون تاون ) مرورا ب(ساحة الحرية )الى مطار البصرة الجديد الذي افتتح مؤخرا، انا الان متجه لاستقبال مجموعة من الاصدقاء العراقيين الذين جاءوا لتشجيع منتخبهم الوطني ، تقابلنا في كافية المطار ذو النوافذ البانورامية على غابات النخيل في البرجسية بمحاذاة مضمار سباق الخيل الجديد ،تحدثنا عن الرياضة كرابط مشترك بين بلدين شقيقين كالعراق والبصرة واستذكرنا حكايات الماضي القريب عندما كانت البصرة مقاطعة تابعة للعراق.
صدقني القرار الجديد مجحف بدخولنا بفيزا كأجانب الى البصرة بعد ان كنا نأتي بواسطة (كارد زيارة) فقط. قال احد الاصدقاء
-انا معك ولكن فتح المجال قد يضر ديموغرافية البصرة كدولة خليجية ،الكثير من العراقيين يأتون ولا يغادروا بحكم علاقات القربى هنا في البصرة.
انتصف النهار سريعا، دعوت أصدقائي لوجبة غداء في (موفنبيك شط العرب بالاس)،
طبق( الصبور) صار طبق دولي مثل( السوشي) ،يمكنكم طلبه في أي مكان بالعالم، سأطلب(صبور) مدخن بالاناناس ،ماذا عنكم ؟ سالت ضيوفي، بعدها
حدثوني بشجون عن الخراب الذي مازالو يعانو منه و الحروب الحزبية حيث تخندق الأحزاب بجيوش حقيقية هذه المرة وبدأت تتصارع رغم انعدام الموارد والمجاعات والأوبئة فيما تبقى من ال (little Iraq)كما سماه أحدهم مازحا.
في الطريق تسائل احد الاصدقاء عن انظمة النقل الحديث من باصات الى تكسي بدون سائق وعن مقدار الدقة بالمواعيد
من يتحرش بالركاب الان اذا سائق( الكيا )لديكم بالبصرة روبوتات ذكية، ههه
الألعاب النارية زينت السماء في المساء ،كانت ترسم بالازرق والاخضر علم جمهورية البصرة الفتية و تشكيلات لنخيل وطيور وأزهار.
في بوابات (جذع النخلة) الملعب الاولمبي كانت الانسيابية جيدة رغم ان عدد القادمين لمشاهدة المباراة تجاوز الثمانين الف بعضهم من العراق الشقيق وبعضهم من دول الجوار الأخرى، اوقفت العارضة الإلكترونية اصدقائي طويلا لم تتعرف على تذاكرهم لان التطبيقات في هواتفهم قديم نوعا ما وغير متوافق مع النظم المتطورة في الملعب ،اضطررت لشراء تذاكر جديدة من هاتفي وبسعر اعلى طبعا و تعذرو لي عن هذا الموقف وانا تفهمت ذلك.
سألني احدهم عن الماء في البصرة و كيف اصبح بعد الاستقلال ، اخبرته بان الماء المقطر الذي يصل المنازل مدعم بالفلوريد لحماية الاسنان والشركة الان في نيتها إطلاق خدمة النكهات المتعددة حسب الطلب اضفت مبتسما
قبل أسبوع طالب ناشطون في السوشيال ميديا البصرية باضافة ملوحة قليلة للماء لان ملوحته. صفر بالمائة وعذوبته لا تطاق ،تصوروا
سألني عن قطاع الكهرباء فاجبته بان البصرة تعتمد الآن مفاعلا سلميا لتوليد الكهرباء قرب الحدود الكويتية كذلك زودت المنازل مجانا بالخلايا الشمسية للاستفادة من شمس البصرة .
تكلمنا عن السياحة
الاهوار الان تضاء ليلا بالليزر وأعداد السياح في السنوات الأخيرة مليونية ،حتى السفن الغارقة في شط العرب بسبب الحرب أصبحت الآن متاحف بيئه مائية ربما اصطحبكم لها غدا للغوص او ربما تودون الاستمتاع بالقرى السياحية على سواحل الخليج في الواجهة البحرية في الفاو.
انا مستعد لذلك.
سالني احدهم :اشعر ببرودة في مؤخرتي هل مقاعد الملعب مبردة
هههه ،نعم
معقوله !!
ابتدأ حفل المبارة بالمئات من الأطفال نزلوا الملعب واطلقو الحمائم البيضاء ترافق ذلك مع غناء فرقة الخشابة البصرية الوطنية أعقبها عروض تستذكر تاريخ البصرة منذ تأسيسها قبل أربعة عشر قرنا مرورا حتى استقلالها ، عرضت الشاشات العملاقة خلالها مشاهد الحروب العراقية على ارض البصرة أعقبها صور تذكر بالتلوث والتسمم والملوحة والاغتيالات والخطف والسرقات في عهد الإدارات السابقة ثم مشاهد للقوات العراقية تواجه البصريين بالرصاص في انتفاضة الاستقلال وما رافقها من عنف وشهداء واخيرا كلمة شكرا بسبع لغات لكل من ساهم في الحملة العالمية لبناء البصرة حديثا.
الان نزل الفريقان وعزف السلام الجمهوري العراقي ثم السلام الجمهوري البصري
وابتدأ تشجيع الجمهور يرج (ملعب النخلة )مع أول ركلة للكرة من الفريق الوطني البصري
متى وكيف انتهت المباراة؟
من الفائز؟
من الخاسر؟
لا ادري
لم أكمل المشاهدة،ربما اولادي سيكملون الحلم يوما ما!
(الصبور) سمك مشهور جدا في البصرة