23 ديسمبر، 2024 1:43 ص

حج النائب وحج إبن يقطين   

حج النائب وحج إبن يقطين   

أشارت أنباء  الى  قيام عدد كبير من النواب بالسفر لاداء فريضة الحج هذا العام … وهناك من تساءل بإستغراب عندما سمع بذلك …هل ( حج النائب ) هو امتياز خاص للنائب  العراقي ، يضاف لما يتمتع به من امتيازات ، مادية ، واعتبارية ، وأمنية ( حمائية ) ، وحصانة برلمانية … 
ولكن هناك من يرى أنه لا يعني  شيئا  الأن الاعلان عن هذا الموضوع ،  بعد أن  يكون ( الحجاج النواب ) قد وصلوا الى الديار المقدسة ،  وباشروا باداء مناسك الحج والعمرة  ، وإنقطعوا عن عالم السياسة ، وابتعدوا عن الاخبار التي لا تسرهم ، ويكون الناس قد انشغلوا بالعيد والعطلة وزيارة القبور والاهل والاصدقاء ، وحصول احداث جديدة في البلاد  تطغى على  ذلك الموضوع  ، وعندها يكون كل شيء قد انتهى عند عودتهم  ، وأصبح في خبر كان …وتساءل  أخر ….. هل يخضع  ( حج النائب ) الى القرعة ، والحظ والنصيب ، والانتظار سنوات طويلة ، قد لا يحالفه الحظ فيها ، والسفر مع هيئة الحج والعمرة ، أم هو خارج النسبة المسموح بها  للعراقيين سنويا  ….؟…  
وبحساب النسبة والتناسب يظهر كم هو العدد كبير ، فبينما اختارت القرعة من بين أكثر من ثلاثين مليون عراقي نحو 25172حاجا في هذا الموسم اشارت انباء الى أن  عدد (الحجاج النواب) بالعشرات ( اكثر من 70 نائبا ) حسب أحد التصريحات التي نقلتها هذا اليوم من بين (  328 )  مجموع عدد اعضاء البرلمان  .. فيما اشارت  أنباء سابقة الى ان عددهم ( 100 ) نائب  … فهل لدى البرلمان رد على ذلك  يوضح فيه الحقيقة للشعب حول العدد الحقيقي ، وكيف حصلوا على الموافقة …فهو المعني بالأمر.. وانعكاس غياب هذا العدد على عمله …  واذا لم يكن مهما معرفة الوسيلة التي حصل من خلالها ( النائب الحاج ) على موافقة السفر ، بما في ذلك عن طريق ( تأشيرة المجاملة ) التي تمنحها  المملكة العربية السعودية للشخصيات السياسية  وغيرها ، فأن ما يثير الاستغراب هو  سفر هذا العدد الكبير ، ، في ظروف غاية  في الصعوبة ، سواء بالنسبة للبرلمان الذي يعيش أزمة واضحة ، تعصف به منذ عملية استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي ، وبعده وزير المالية هوشيار زيباري ، الذي لم يحسم أمره بعد ، أو ظروف العراق عامة من الجانب الامني ، والوضع  الاقتصادي والحرب مع داعش على جبهات متعددة ،  ومعاناة النازحين ، والعاطلين والفقراء والايتام وعوائل الشهداء ، بحيث أدى  غياب هذا العدد الى التأثيرعلى  جلستي  يومي الثلاثاء والخميس وتأجيلهما ، اضافة الى وجود نواب اخرين في ( كافتريا ) المجلس ، لم يدخلوا قاعة الاجتماع ،  وسفر أخرين الى خارج العراق … فتعطل النصاب القانوني  ..  لقد فرض الله الحج على المسلم مرة واحدة  في العمر لمن استطاع ، وما زاد على ذلك يُعد تطوعا ، على خلاف فرائض وعبادات اخرى تمارس يوميا وفي الحياة باستمرار ..
والاستطاعة لا تعني تقديم هذه الشعيرة على واجبات أخرى يراها المسلم اكثر أهمية  في ظرفها  وموجباتها  الآنية ، ما دام بامكانه أن يؤجل الحج  الى موسم أخر ، كما حصل مع ( علي أبن يقطين ) ، العالم والوزير ، وقصته المعروفة …..فهو رغم ما كان  يتمتع  به من نفوذ وجاه وسلطان ومال كثير لكنه  آثر غيره على نفسه ، وأعطى متاعه ، وما بحوزته من مال معه لرحلة الحج الى أمراة فقيرة تتكفل ايتاما وأجل الحج الى وقت أخر ، بعد أن  وضعته هذه المرأة في موقف لا يتكرر ، بينما  الحج  يتكرر عاما بعد أخر ، ولا ينقطع الا  بالاجل  المحتوم  .. فكان إبن يقطين  أمام موقف استذكر فيه واجبه  الانساني ، وموقعه ومنزلته العلمية والدينية  ، وعرف أن  حسابه  يكون على قدر ذلك… ولذلك اتخذ ما يناسبه ونجح بامتياز.. وفاز  بالموقفين معا .. ( الانساني والروحي ) وأدى موقفه الحج نيابة عنه ، وإستحق أن يقول عنه الامام الصادق ( ع ) قولته المأثورة بعد زيارة الحجاج له وعرض ما شاهدوه عليه  ( ….. ما حججت إلا أنا وناقتي وعلي إبن يقطين ..) …
فاين هذا الموقف من مواقف أخرى يتصرف  أصحابها وكأن الحج عندهم عادة وليس عبادة ، أو عندما أو لا يقدمون تضحيات ، ومواقف متميزة  تناسب ( مقاساتهم ) في المسؤولية بكل درجاتها ومسمياتها ، أويتناسون أن هناك فقراء يعيشون على ما يجدونه في القمامة ، ومتعففين ، ونازحين يفترشون الارض ، ويلتحفون السماء  وبلدا ينزف دما وألما يوميا … أن أهم ما في العمل أن تطمئن الى صوابه …  والقلب دليل الانسان الى معرفة الصواب من الخطأ قبل القانون  والتعليمات والضوابط …. والبر ما اطمئن اليه القلب ..