الحسين صاحب المنزلة الرفيعة والدرجة العالية؛ التي جعلت الملايين تحج اليه؛ يوم أربعينه, وتتشرف بخدمته وزواره, فلاشك أبدا بأن هناك موكبا للأنبياء؛ ليضاهي ويتنافس مع مواكب عامة الشيعة, المنتشرة على طريق الاحرار طريق كربلاء.
هذا الموكب؛ لابد له من أن يكون عظيما وكبيرا, ولابد له ايضا من موافقة خاصة؛ لتهيئة مكان وزمان نصبه, فجاء جميع الانبياء ليخلعوا أنعلتهم في الوادي المقدس طوى, ويأخذون موافقة موكبهم, فحضروا عند أمير المؤمنين, ليقدموا العزاء له بسيد الشهداء.
ثم هيئوا موكبهم وخصصوا مهام كل منهم: يا آدم أنت لزراعة الرايات, أما نوح النبي فأنت للترحيب بالزائرين, يا هود مهمتك سقاية الماء, يا نبي الله إبراهيم دورك مجالسة الشيوخ والترحيب بهم, وأما الذبيح مهمتك أن تعزي الشباب وتذكرهم بعلي الأكبر, أما المفرزة الطبية فلا بد لها من طبيب, فأنيطت المهمة بعيسى النبي, وأنت ياموسى عليك بعقد المأتم والعزاء.
كانوا في مهامهم ذائبين ومهتمين, تحت لافتة كتب عليها موكب حج المرسلين يرحب بالزائرين الكرام, يعقوب النبي كان لاهفا للقاء العقيلة والسجاد يوم الأربعين؛ لكن جمال الخدمة جعله صابرا, النبي أيوب لا يتوق الشوق, فقد تفتت ذلك الصبر الجميل؛ في حضرة سيد الشهداء, نبي الله يوسف كان مشتاقا لجمال الحسين, لكي يرى من هو أجمل منه.
عندما أقترب اللقاء؛ فلابد للموكب ان يواصل مسيرته, لحضرة العشق, فتوجهوا جميعا الى نهر الفرات ليحرموا, فأحرموا بالسواد, وتوضئوا لصلاة العشق وإتمام الحج, ثم توجهوا للكفيل ليستأذنوه؛ لزيارة سيد شباب أهل الجنة, كان سعيهم بين الكفيل والذبيح, ليتم حجهم, ثم طافوا على ضريح الحسين (ع), لبيك يا أبا عبد الله, لبيك يامن ناديت هل من معين يعيننا.
عند وصولهم وجدوا العزاء قائما؛ وموكبا أخرا لأصحاب المصيبة,(محمد؛ علي؛ فاطمة؛ الحسن)؛ بالقرب من الضريح المقدس, وهم هكذا واذا بالعقيلة والسجاد قد أقبلوا؛ ومعهم الرأس الشريف, فتجمعوا حول القبر ليلحقوا الرأس بالجسد المبارك؛ وسط صراخات وهتافات من شيعة أهل البيت(ع), لبيك ياحسين لبيك؛ لبيك لا شفيع غيرك لبيك.
هنا كانت المشاركة العظيمة؛ للأنبياء(ع), في مواساة العقيلة وهي تأبن أخيها وأهل بيته وأصحابه, برفقة شيعتها ومحبيها, لتكون أربعينية الحسين نبراسا ومنهاجا؛ تسير عليه الثائرين نحو النصر والخلود.