لست فقيهاً ولا مستهوياً البحث في امور الدين فهي اكبر مني في علومها وفقهها وشرائعها ، فأتجنب الكتابة عنها أو النقاش في تفاصيلها ، ولا اتدخل مطلقاً في قناعات الناس الدينية ، فانا رجل مؤمن ان الدين لله وان العلاقة مع الخالق علاقة ثنائية لايحكم فيها الا الله وحده.
لكّن منطقياً الحج الى بيت الله الحرام يعني ان الانسان سيكون في حضرة هذا البيت المقدس ليتوب عن ذنوبه ويستغفر الرب الرحيم عما فعله من موبقات او ماشابهها ، أو حتى الحج وهو خفيف الذنوب لكن الحجة تكون لتصفيرها والعودة لحياة التقوى والابتعاد عن المنكرات كما يحددها الدين ، كلّ حسب دينه ومذهبه
والسؤال:
ما الهدف من الحجّة الثانية والثالثة والرابعة؟
هذا التكرار يصادر فرص الآخرين في الحج ، والأهم انه يثير الشكوك ، بالنسبة لي ولمن يذهب الى رأي ، حول مدى التزامه بثوابت الحجّة الاولى واخلاقياتها ، فاذا كان قد صفّر ذنوبه في الحجة الاولى ، فماذا سيصفر في الحجّة الثانية والثالثة ، باستثناء من يحج نيابة عن آخرين لاسباب محددة وواضحة في تبريرها؟
وجهة نظري ان ” المكررون ” هم من شريحة المسؤولين والاغنياء ، وهما شريحتان بالنسبة للعراق ، تثار الكثير من الشكوك حول ” حلالية ” اموالهم والطرق التي يتبنونها في تكديس الاموال التي قال الله سبحانه وتعالى بأن جباههم وجنوبهم ستكوى بها يوم القيامة .كما في سورة التوبة ” يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ”..!
على مستوى المسؤولين لدينا فالغالبية العظمى تدور حولهم تهم الفساد من اليسار واليمين وما بينهما ، ونراهم يحجّون اكثر من مرّة ويعتمرون أكثر من مرّة ، ثم يعودوا ليفسدوا أكثر من مرّة!!
ومنطقياً سيحتاجون الى حجّة ثانية وثالثة ، وهذا نفاق قد يعبر على الشرائح البسيطة من الناس بوعيها المتدني ، لكنّها لاتعبر على الخالق العالم باسرار القلوب وبواطن النوايا وكاشف المستور:
في كتب التأريخ يقال ان احد المسلمين سأل النبي محمد السؤال التالي:
أيهما أخطر على الاسلام الكفّار ام المنافقون ؟
فاجابه الرسول ، المنافقون الاشد خطراً ، ثم أوضح ، لاننا نعرف الكافر ونواياه لكن المنافقين بيننا يتسترون بالاسلام!!
اخوان حجّة واحدة تكفي لدرء كلام المتصيدين من أمثالي!!
ومقدماً ” حجاً مبروراً ” لاصحاب النوايا الحسنة..