18 نوفمبر، 2024 12:33 ص
Search
Close this search box.

“حجيك” لم يعد “مطر صيف”

“حجيك” لم يعد “مطر صيف”

تغير كل شئ في بلادنا.. لم تعد الجغرافية هي الجغرافية ولا التاريخ هو التاريخ..  المقولة الاكثر شهرة في تواريخ استخداماتنا المدرسية  عن مناخ العراق ” حار جاف صيفا .. بارد ممطر شتاء” تمرغت في وحل السيول والامطار الصيفية .. لم يعد مطرنا مطر ولا جفافنا جفاف. لا بردنا برد ولا حرنا حر. لافسادنا فساد ولا نزاهتنا نزاهة. 
في دول النفط  وبخاصة منها بلدان  الموازنات المليارية المخيفة كل شئ قابل لان يتحول الى فضيحة بجلاجل. المطر فضيحة واجهزة كشف المتفجرات  فضيحة. اكثر من نصف بلدان المعمورة لايتوقف فيها المطر ولا الرياح ولا العواصف على مدار العام صيفا وشتاء , ربيعا وخريفا .. بينما نحن  فان اصبنا بموجة جفاف فـ “هاي اللي كتبها الله علينا” .. لاتنتهي باقل من  عشر سنين متفوقين  في ذلك على سنين يوسف   السبع العجاف. حتى عجافنا يختلف عن عجاف الاخرين هو الاخر فضيحة.
وان شاءت الصدف السعيدة وامطرت سماءنا فلن تمطر “لؤلؤا من نرجس” كما قال احد شعرائنا “البطرانين” ذات يوم بل سيول وفيضانات وخراب ديار. ثمان ساعات متواصلة  من  ليلة ممطرة في عز الشتاء الفائت جعلت رئيس مجلس محافظة بغداد ينام على السطوح بعد ان تسللت الامطار  الى غرفة نومه وصالة الضيوف وبذلك تساوت  مطريا “كرعة” المواطنين البسطاء مع “ام شعر” المسؤولين الكبار. 
بالضربة القاضية اسقطت تلك الليلة الممطرة  حكاية الجفاف. وصعد فجأة “سوق” دائرة الانواء الجوية  حتى زاحمت تصريحات المنبئ الجوي فيها عن المنخفض  القادم الينا من الخليج العربي والمرتفع الاتي من البحر الابيض المتوسط تصريحات كبار النواب والسياسيين في  بلادنا. بعد تلك الليلة مضت اشهر الربيع غير العربي بزخات مطر بسيطة هنا وهناك. وتنفست دوائرنا البلدية الصعداء وعاد اهالي صلاح الدين الى قراهم التي اغرقها فيضان دجلة. وما ان بدانا ندلف على استحياء الى اشهر الصيف على وقع فقدان 3000 كيلو واط من المنظومة الكهربائية بسبب شحة الوقود حتى فاجأنا المطر ثانية. ابتهلنا الى الباري  طبقا لمقولة المطر خير. فتحت عجائزنا “زياكتهن” نادبات مولولات كعادتهن التاريخية منذ معركة ذات الصواري حتى “دكة الرارنجية” طالبات من كل الاولياء والصالحين  ان يديم هذه النعمة ويكشف الغمة عن هذه الامة. وفعلت الادعية فعلها  وهطل المطر مدرارا بلا توقف . سقطت ادعية عجائزنا التي ظهر ان فيها شبهة فساد مثل صفقة الاسلحة الروسية. فلن يتوقف المطر قبل ان يجرف كل شئ.  ومن ساحات التظاهر والاعتصامات وماذا قال سعيد اللافي وعلي الحاتم تحولت انظار خلية الازمة الحكومية صوب السماء الممطرة. وتوجه الجيش لمطاردة السيول التي جرفت محاصيلنا من الحنطة والشعير واغرقت المنازل والمدارس .  لم تسقط نظرية الجفاف فقط. بل سقطت كل الاغاني التي طالما صدحت بها حناجر المطربين طوال عقود. “حجيك” لم يعد “مطر صيف ما بلل اليمشون ” بل اغرقهم ودمر حقولهم ومنازلهم ومدارسهم واطاح بوزرائهم ومحافظيهم واحال منبئهم الجوي  الى .. هيئة النزاهة.

أحدث المقالات