مثلما جرت العادة عليه قبل كلّ انتخابات برلمانية، نشطت كثيراً في الأيام الأخيرة بورصة الترشيحات لتولّي رئاسة الحكومة المقبلة، فثمة العديد من المتدافعين بالمناكب، أو تتدافع عوضاً عنهم كتلهم وائتلافاتهم، سعياً للوصول إلى بوابة منجم الذهب في المنطقة الخضراء.
معظم الأسماء الرائجة الآن في البورصة لا تختلف عن بعضها البعض إلا في التفاصيل الشكلية .. أمّا الجوهر فمتماثل في الغالب. لا مشكلة في أن يترشّح الناس لهذا المنصب أو سواه، لكنْ بعد التجربة الأليمة، الفاجعة ، والمخزية على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، لابدّ من رفع الكارتات الحمر في وجوه المترشِّحين أو المُرشّحين لمنصب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات الوشيكة، ممّنْ هم على شاكلة أسلافهم، فالحاجة ماسّة الآن لرجل، أو امرأة – هل تقبل الطبقة السياسية المتدافعة على المنصب بامرأة لرئاسة الحكومة؟! – يكون مناسباً للحقبة المفترض أنها الأهم منذ 2003.
الشخص المطلوب، رجلاً سيكون أم امرأة، لا ينبغي أن يأتي على شاكلة أحد الذين كان اسمه مُتداولاً في بورصة الانتخابات السابقة، وربما يُعاد تداوله الآن، فالبورصة مشرعة أبوابها على الآخر.
هذا المُرشّح الذي من محاسن الصدف أنّ الحظّ لم يحالفه في نهاية المطاف، لا أعرفه شخصياً، لكنّ واحداً من أصدقائي يعرفه وعمل معه في اليمن أيام النظام السابق. صديقي هذا استنكر يومها (2014) أن يكون الرجل بين المُرشّحين لتولّي رئاسة الحكومة، وبسؤاله عن السبب الكامن خلف اعتراضه، قال: ستحيقُ بنا الكارثة لا محالة… كيف؟ قال الصديق: هل يُمكن الاطمئنان إلى رئيس حكومة يؤمن بالسحر والشعوذة والاستخارة برغم أنه أستاذ جامعي؟ .. طبعاً لا يُمكن الاطمئنان له يا صديقي .. لكنْ ما القصة؟
الصديق قدّم لي المعلومات الآتية: ذات يوم تقدّم أحدهم لخطبة ابنة أستاذ جامعي عراقي يعمل في اليمن، فرأى هذا الأستاذ أن يستفسر من زميل له، سيكون لاحقاً بين المرشّحين لرئاسة حكومة 2014، عن الخطيب بوصفه معروفاً من جانبه، فكان الجواب: أمهلني إلى الغد. وفي الغد أبلغ الأستاذ الجامعي، الذي سيترشح في 2014 لترؤس حكومة العراق، زميله أبا البنت المخطوبة بأنه استخار بالمسبحة وكانت نتيجة الاستخارة سلبية، ونصح زميله السائل بألّا يزوّج ابنته إلى الشاب المتقدّم لخطبتها.
الأستاذ الأب يحترم عقله ومكانته العلمية ووضعه الأكاديمي، فلم يُصخْ سمعاً لزميله المستخير، الذي سيُصبح لاحقاً أحد المرشّحين لرئاسة حكومة العراق في 2014، فزوّج ابنته من الشاب الذي طلب يدها.. ومنذ ذلك اليوم عاش الشابان حياة زوجية هانئة وخلّفا صبياناً وبناتٍ، فيما سقطت عقيدة الأستاذ الجامعي المؤمن بالاستخارة الذي كاد أن يكون الآن رئيساً لحكومة العراق منذ 2014 ! وهو قد يكون بين المرشّحين لرئاسة الحكومة القادمة..!
… حذارِ ثمّ حذارِ!