قد يضن البعض أنّ من يقتل العراقيين ويزرع الدمار ويقاتل الجيش العراقي الآن ويسعى لإسقاط النظام القائم هم داعش والقاعدة فقط , وهذا جزء من الحقيقة وليس كل الحقيقة , فالحقيقة أوسع بكثير مما نعتقد أو نضن , فإسقاط النظام القائم مشروع توّحدّت حوله مختلف الأجندات السياسية والطائفية المدعومة داخليا وإقليميا , فالطائفيون والموتورون من النظام الحالي من بقايا النظام السابق وأعوانه الذين ترّبوا في مدارس هذا النظام وأجهزته القمعية , أصبحوا متوزعين على كل الفعاليات السياسية وغير السياسية , فمنهم من تقمّص دور السياسي في العملية السياسية , ومنهم من تقمّص دور رجل الدين والقائم بالإفتاء , ومنهم من تقمّص دور شيخ العشيرة , ومنهم من تقمّص دور الذباح الذي يذبح الناس الأبرياء , فالجميع يشترك بهدف إسقاط هذا النظام , ولهذا تراهم يتبادلون الأدوار كل من موقعه , ضنّا منهم أنهم سيفلحون في الوصول إلى غاياتهم .
فالذي يدّعي إنه ضدّ داعش لا يقاتل الجيش العراقي الذي يدافع عنه وعن عرضه وعن كرامته , ولا يسّلم الجنود العراقيين إلى داعش لإعدامهم أمام الناس وبدم بارد , ولا يتهدد ويتوّعد الجيش العراقي من خلال القنوات الفضائية , ولا يصدّر الفتاوى والبيانات الداعية لقتال الجيش العراقي , فهذه هي أهداف داعش وما تسعى له , وهؤلاء جميعا أصبحوا اليوم تحت راية عشائر أهل الأنبار من أجل خلط الأوراق ومد طوق النجاة للإرهاب كي ينفذ من مصيره المحتوم الذي ينتظره , فالسياسي ورجل الدين وشيخ العشيرة الذي يطالب الجيش بالانسحاب من المدن ووقف قتال هؤلاء القتلة والمجرمين , هم جميعا داعشيون وإن لم ينتموا .
ومحاولة بعض الفضائيات العراقية تقديمهم بعنوان العراقيين الحريصين على حقن الدماء وتطويق الفتنة , قضية ينبغي الوقوف عندها مليا واستشفاف مبتغياتها , فلا زلت غير قادر على استيعاب موقف قناة البغدادية تحديدا , بإصرارها على تقديم علي حاتم السليمان كرجل سلام يسعى لحقن دماء العراقيين من خلال دعواته لإيقاف ( جرائم الجيش العراقي ضد السكان المدنيين الآمنين ) كما يدّعي , مع العلم أنّ القائمين على إدارة هذه القناة يعلمون جيدا إنّ القاعدة وداعش ما كانت لتتمدد بهذا الشكل بين عشائر الرمادي وشبابها …
فلا يمكن أبدا المساواة بين الموقف المشّرف لعشائرنا الأصيلة في محافظة الأنبار والتي تقاتل جنبا إلى جنب مع القوات المسلّحة العراقية وبين تلك العشائر التي آوت ودعمت قوى الإرهاب من داعش ومشتقاتها , فالمساواة بين من يعانق قادة الإرهاب ويرفع السلاح بوجه الجيش العراقي دعما للإرهاب وبين من يقدّم حياته دفاعا عن الوطن العراقي من شرور هؤلاء الأوغاد , أمر لا يمكن القبول به تحت أي مسمى .
ومرة أخرى أتوّجه لقناة البغدادية ومديرها الدكتور عون حسين الخشلوك , بإيقاف هذه المبادرة بشكلها الحالي , فإنها قد انحرفت عن مسارها الذي انطلقت من أجله , وإذا كانت المبادرة محصورة بالدعوّة لسحب الجيش وفك الحصار عن الآلاف من مقاتلي القاعدة وداعش والعصابات المتحالفة معهم من جيش النقشبندية والجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين وحماس العراق وكتاب حزب البعث المنحل , فإنّ العراقيون جميعهم والسنّة قبل الشيعة يرفضونها قبل أن ترفضها الحكومة , وإذا كان رئيس الوزراء قد أبدى موافقته المبدئية على هذه المبادرة , فهذه الموافقة مرهونة بتطويق الفتنة وليس بمد طوق النجاة للمجرمين وجعلهم يفلتون من مصيرهم المحتوم .