أثارت الأسئلة التي طرحتها عضو مجلس النواب العراقي الدكتورة حنان الفتلاوي في استجوابها الغيابي للمدير العام التنفيذي لهيئة الإعلام و الاتصالات اندهاشا كبيرا ، عن حجم الفساد و المخالفات الحاصلة في هذه الهيئة المهمة ، و تساءل البعض عن دور القضاء مما يحصل في هيئة الإعلام و الاتصالات ، و كأن القضاء هو المتستر على ما يحصل ! و رغم أن مدير عام هذه الهيئة لم يعر أي اهتمام لمجلس النواب و هو أعلى سلطة في الدولة العراقية و لم يحضر جلسات الاستجواب المتعددة ، بل و لم يزود المجلس بنسخ العقود التي أبرمتها الهيئة مع شركات الاتصالات و كذلك فعل ذلك مع مجلس الوزراء و دائرة الضريبة ، و هذا يؤكد بشكل جلي أن هذه المسئول مثال على من يتمتع بحماية و حصانة سياسية من المتابعة و المحاسبة ، فكيف للقاضي المختص أن يفعل ما عجزت عنه السلطتين التشريعية و التنفيذية بكل ما أوتيت من صلاحيات و قوة ، و هل وظيفة المحاكم و القضاة أن يشكلوا فرق جوالة لمداهمة مؤسسات الدولة و البحث عن المخالفات و الفساد !؟
في كل سنة تعلن المحاكم المختصة بالنزاهة حجم ما تحسمه من قضايا الفساد و على الأغلب تتجاوز الـ 90 بالمائة ، و هذه معدلات عمل قل ما نجد جهة رسمية تحققها ، ولو أن الجهات الكشفية المعنية بالنزاهة قامت بما عليها في هيئة الإعلام و الاتصالات ، لرأى الجميع أن القضاء سيحسمها كالدعاوى الأخرى ، و بحجم احتراف الكشف ستكون المحاكم قادرة على إدانة الفاسدين و محاكمتهم ، أما أن يعجز الجميع عن كشف الفاسدين و الوصول إلى ما يثبت فسادهم وسوءهم و تحميل القضاء جريرة ذلك ، فهذا يعني مناورة أخرى من قبل الشريحة الفاسدة التي تسعى لتشتيت صورة الحقيقة و العبث بالإجراءات المفترضة
لن يتمكن القضاء من القيام بدوره بغياب الأدوار المفترضة للسلطات الأخرى ، و لن يتمكن كذلك من القيام بواجباته المهمة و هو يتعرض لهذا الضغط بالتدخلات و التأثير على عمله ، فمن كان صادقا بالقضاء على الفساد و محاسبة الفاسدين فليمكن القضاء من ذلك و ليقم قبل كل شيء بدوره كما ينبغي .