18 ديسمبر، 2024 7:48 م

حتى الحرية بسحرها الاخاذ، قد تنقلب افيونا للشعوب !!

حتى الحرية بسحرها الاخاذ، قد تنقلب افيونا للشعوب !!

نجد على الفضائيات تصريحات بعض رموز الحكومة العراقية الحالية بالفشل والفساد القاتل بعظمة لسانهم، دون ولو مجرد التفكير باحتمال اية ملاحقة قانونية، ليقينهم كما يبدو، بانهم فوق القانون.
منهم على سبيل المثال :
1 – نوري المالكي :
بالحقيقة، المتصدين من السياسيين والشعب يعلم وانا اعتقد بان هذه الطبقة السياسية وانا منهم، …  فشلوا فشلا ذريعا، وانا منهم يؤكد ذلك ثانية.
2 – مشعان الجبوري :
نحن كلنا ندير الفساد، …، نحن في لجنة النزاهة نفتح ملفات ياتون ويعطوننا رشوة فنسكرها ( نغلقها )، والله انا اخذت رشوة كم مليون دولار …، كلنا مفسدين الكل، لابس عكال ولابس عمامه وافندي، …  برلمان وحكومة كلها فاسدة…..
3 – حنان الفتلاوي :
عزيزتي …، بدايتها جينا بحماس كلنا نريد، كلنا نريد نتقاسم الامتيازات، وتقاسمنا الكعكة وكل واحد اخذ كيكته وفرح بيها، وعقود ومناقصات وكوممشنات واستفادينا كلنا استفادينا …
مثل هذه الاعترافات، دفعتني لاجراء مقارنة بسيطة بين وضعنا الماساوي هذا،وبين ضحايا قانون ساكسونيا.
ذلك القانون الذي سنته طبقة النبلاء في ولاية ساكسونيا الالمانية في حوالي القرن الخامس عشر الميلادي، وذلك لقناعتهم بانهم مختلفون عن عامة الناس، ومفاده : 
((( إذا كان المجرم من طبقة عامة الشعب الفقراء قاتلا فيؤتى به في وضح النهار وينفذ فيه حكم الإعدام بقطع رقبته وسط جمع غفير من الناس، وكذا السارق أو المحكوم عليه بالجلد مثلاً فيجلد بنفس الشكل العلني، وإن كانت العقوبة السجن فيسجن.أما إذا كان المجرم من طبقة الأغنياء النبلاء فإن قانون ساكسونيا كان ينص على أن تنفذ العقوبة على “ظله”، فإذا كان قاتلاً يؤتى به وسط جمع غفير من الناس وفي وضح النهار وتقطع رقبة “ظله”، وإن كان محكوما عليه بالجلد فيجلد “ظله”، وإذا كان محكوماً عليه بالسجن فإنه يدخل السجن من الباب الرئيسي ويخرج في الوقت ذاته من باب مخصص للنبلاء ))).
مقارنتي هذه، اثبتت لي بما لا يدع مجالا للشك، باننا حقا نعيش في العراق عصر الساكسونية، وربما نحن اسوا حالا حتى من شعب ساكسونيا نفسه.
فهم على الاقل كانوا يضربون ظل المجرم الغني.
بينما نقوم نحن بتقديس الفاسد والفاشل، والركض وراء ولايته باعتباره تاجا للراس وخطا احمر دونه الموت، بالرغم من يقيننا بانه لص فاسد من قمة راسه وحتى اخمص قدمه. 
بل، حينما اتصور لسان حال النبلاء انذاك، كما تم وصفهم :
كان النُبلاء يقفون في ساحة تنفيذ الحكم الوهمي، وكلهم شموخ وكبرياء وأحياناً يبتسمون استهزاءاً، لجموع الرعاع الذين يصفقون فرحاً بتنفيذ تلكَ العدالة المُثيرة للسخرية .
واقارن ذلك بتبجح ساستنا بالفشل والفساد والرشاوى من دون خوف او وجل، كما تقدم اعلاه.
اردد بحرقة واسف :
حقا كم نحن في العراق مغفلون سذج، حينما تنسينا هذه الحرية الزائفة عن بشاعة الاستغلال !!…فقد نعتبر نحن انفسنا محظوظين جدا نعيش قمة الحرية والعدالة، وذلك لمجرد استجواب شكلي لاحد لصوص الخضراء وزيرا كان او … من قبل لصوص اسوا منه تحت قبة البرلمان، ليعود بعد ساعة بكل تاكيد الى منصبه ويمارس لصوصيته من جديد.بالضبط كما كان افراد الشعب الساكسوني يطيرون فرحا لمجرد ضرب رقبة ظل الفاسد الغني، وكانهم يعيشون اوج الحرية والعدالة. وربما يحكم عليه بالسجن، ليخرج من الباب الخلفي مباشرة، وكان شيئا لم يكن.
لكن، شتان ما بين هذه الحرية التقليدية التي اعتدنا عليها، والتي حصرناها بالغاء الجدران والاغلال.وبين تلك الحرية بمعناها الحقيقي، التي ترفض كل انواع الذل والاستغلال.
# فهل الحرية ان اتسول في بلدي وسط الف قارون وقارون، قد صنعتهم الصدفة ؟!!…
# هل الحرية ان يتركنا ساستنا نعيش جحيم الصراع على لقمة العيش كالكلاب السائبة ؟!!… 
فيما يعيشون هم عيشة الملوك.

# بل ماذا عن المساواة في الحقوق والواجبات، وحقوق المواطنة ؟!!…
# ماذا عن الكرامة بين ابناء الوطن الواحد ؟!!…
# ماذا …….
يخيل الي، ان لصوص الخضراء وبحكم قوانينهم التي تصب في صالحهم على حساب الشعب، قد جعلوا من انفسهم نسخة طبق الاصل عن طبقة النبلاء في ساكسونيا.
فهل سينزع الشعب العراقي ثوب الساكسونية المهين هذا عن بدنه، ويعلنها ثورة بلون الدم ضد الظلم، وكل الفوارق الطبقية المقيتة ؟!!…
ام انه سيستسلم للقدر الملعون، متاثرا بقشور الحرية التي تعشعش في راسه، ليصبح حينئذ نسخة طبق الاصل عن شعب ساكسونيا انذاك ؟!!…
كل الاحتمالات مفتوحة قابلة للنقاش.
ما دمنا نعيش في عراق اليوم، عراق المتناقضات. 
فحتى الحرية ببراءتها، قد ترتدي يوما ما ثوب افيون الشعوب.
::::::::::::::