18 ديسمبر، 2024 11:29 م

أعادت قناة الحياة التبشيرية بتاريخ (10 10 2016) حلقة رقم (213) من برنامج الدليل, التي قدمتها عام (2014) وكانت تحت عنوان (سليمان وبساط الريح). كالعادة كانت الحلقة شيقة, وجعبتها مفعمة بالمعلومات المهمة والمفيدة. فقط الذي أغاظني فيها, شرح الأستاذ (وحيد) عن النص الذي جاء في أساطير اليهود ج4 ص 56 الذي كان تحت عنوان: دروس في التواضع , يقول: كان لسليمان بساط ثمين تبلغ مساحته ستين ميلاً, وكان يطير عليه ليذهب أينما شاء, حتى إنه كان بمقدوره تناول إفطاره في (دمشق) وتناول العشاء في “ميديا”. شرح الأستاذ وحيد كل الكلام الذي جاء في النص ألا اسم “ميديا” قال الآتي:” ربما يقصد بها ميديان, أو أي مدينة في اليمن. ويضيف الأستاذ وحيد: بصراحة هذه الجزئية لم أجدها, هي موجودة في أساطير اليهود”. طيب عزيزي وحيد, النص الذي جاء في أساطير اليهود, جاء ليبين سرعة بساط سليمان, لذا حين ذكر أنه يفطر في دمشق ويتعشى في ميديا كناية عن بعد المسافة بينهما, لذا اختار ميديا كمثل لأنها بعيدة عن دمشق, وعاصمتها تقع اليوم في وسط دولة الاحتلال (إيران) واسمها (همدان). السؤال هنا, ألم يأتي ذكر اسم ميديا مرات عديدة في عدة أسفار في الكتاب المقدس نصاً كما جاء في الأسطورة اليهودية, لماذا لم تقل أنها هي مملكة ميديا التي في الكتاب المقدس, أنا أعرف لماذا لم تشر إليها,لأنها ستظهر للمشاهد كأن هناك تناغماً بين أساطير اليهود والكتاب المقدس, وهذه نقطة ليست في صالحك. لاحظ عزيزي القارئ, ماذا يقول لنا قاموس الكتاب المقدس عن عيلام وما حولها من ممالك:” بلاد وراء دجلة, وإلى الشرق من مملكة بابل, وإلى الجنوب من مملكتي آشور وميديا ..”. هل رأيت هذه هي مملكة ميديا وشعبها الميدي الذي ذكر في سفر إرميا, وسفر ناحوم, وسفر دانيال, الخ. وأحفادهم اليوم يا أستاذ وحيد هم الكورد, وأرض ميديا هي كوردستان. ثم, ألم تقل أن القرآن أخذ من أساطير اليهود؟. لماذا في هذا لم تخالف المفسرين المسلمين, الذين قالوا إن المنطقة التي ضرب المثل عنها هي تدمر؟ وتقول لهم بجرأتك المعهودة: بل هي ميديا أرض كوردستان. وتستشهد لهم بذات الآية التي قرأتها في سورة الأنبياء (81):” ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين” والأرض المباركة هي أرض كوردستان بشهادة القرآن نفسه في سورة المؤمنون آية (29):” وقل ربِ أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين”. يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية:” يقول تعالى ذكره لنبيه نوح عليه السلام: وقل إذا سلمك الله وأخرجك من الفلك فنزلت عنها:{ ربِ أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين} وفي سورة هود آية (44) يقول القرآن:} وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين{. يقول الطبري والمفسرون الآخرون:” واستوت على الجودي, يعني الفلك – السفينة- استوت: أرست على الجودي, وهو جبل فيما ذكر بناحية الموصل أو الجزيرة (بوتان) “. قال القرطبي:” إن جودي من جبال الجنة, فلهذا استوت عليه السفينة, ويقال:”أكرم الله ثلاث جبال بذكرهن: الجودي بنوح والحراء بمحمد
والطور سيناء بموسى”. وفي مقربة من جبل جودي توجد اليوم مدينة كوردية اسمها (شرناخ) التي تعني بالكوردية مدينة نوح. عزيزي الأستاذ (وحيد) هذا هو القرآن يقول صراحة أن أرض كوردستان أرض مباركة, لذا أصبحت مهد البشرية الثانية بعد الطوفان. والجبل الذي أرست عليه السفينة إلى اليوم اسمه جبل “جودي”, في الحقيقة اسمه “گوتي” وهو اسم لإحدى قبائل الكورد قبل الميلاد, لكن بما أن اللغة العربية تفتقد لحرف الـ “گ= G” فيقلب جيماً, وكذلك قلبت التاء دالاً حتى يناسب الاسم اللفظ العربي. وفيما يخص مهد البشرية الأولى, من المرجح أن أرض كوردستان كانت مهد البشرية الأولى أيضاً. هذا ما يقوله لنا الكتاب المقدس في سفر التكوين (7:2-15):” ثم جبل الرب آدم من تراب الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة, فصار آدم نفساً حية. وأقام الرب الإله جنة في شرقي عدن ووضع فيها آدم الذي جبله. واستنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة بهية للنظر, ولذيذة للأكل, وغرس أيضاً شجرة الحياة, وشجرة معرفة الخير والشر في وسط الجنة. وكان نهر يجري في عدن ليسقي الجنة, وما لبث أن ينقسم من هناك إلى أربعة أنهر: الأول منها يدعى فيشون, الذي يلتف حول كل الحويلة حيث يوجد الذهب. وذهب تلك الأرض جيد, وفيها أيضاً المقل والحجر الجزع. والنهر الثاني يدعى جيحون الذي يحيط بجميع أرض كوش. والنهر الثالث يدعى حداقل وهو الجاري في شرقي أشور. والنهر الرابع هو الفرات. وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليفلحها ويعتني بها”. باختصار هذه هي قصة جنة عدن كما جاءت في سفر التكوين, التي كتبها النبي موسى بين أعوام (1420- 1220 ق.م.) بوحي من روح القدس كما يقول الكتاب المذكور. قبل أن أخوض في غمار الآية التوراتية التي ذكرناها, دعوني أبين لكم كلام أحد العلماء الفطاحل عن دور الكورد الحضاري وما قدمت أرض كوردستان المعطاء للبشرية جمعاء. هو العالم الأمريكي البروفيسور (روبرت جون بريدوود = Robert John Braidwood) (2003-1907) عالم أثار ما قبل التاريخ وفيلسوف الحضارة الشهير صاحب نظرية التفسير الحضاري لحركة التأريخ وتطور البشرية عبر تسلسل (كرونولوجي) يقول: “إن الشعب الكوردي كان من أوائل الشعوب التي طورت الزراعة و الصناعة ومن أوائل الشعوب التي تركت الكهوف لتعيش في منازل بها أدوات منزلية متطورة للاستعمال اليومي. و يؤكد العالم الأمريكي: إن الزراعة و تطوير المحاصيل قد و جدتا في كوردستان منذ (12) ألف سنة, انتشرت منها إلى ميزوبوتاميا السفلى, ثم إلى غرب الأناضول ثم إلى الهضبة الإيرانية ثم وصلت منذ ثمانية آلاف سنة إلى شمال إفريقيا ثم أوروبا والهند الخ, و يضيف البروفيسور (بريدوود): إن كثيراً من المحاصيل التي نعرفها الآن, القمح والذرة والشعير الخ, قد انطلقت من كوردستان”. دعونا نناقش الآن كل الذي جاء في النص المذكور. الاسم الأول الذي ذكر هو اسم (آدام) وهو عند الكورد “ئادەمAdem=” لكي أكون دقيقاً هذا الاسم عند عموم شعوب الأرض يكتب بهذا الرسم أو مع بعض الاختلافات في الحروف, ويلفظ بصيغ مشابهة, من المرجح أن آدم الفلاح, هو أول من هجر الكهف و سكن في بيت و دجن الحيوان وزرع المحاصيل في كوردستان. عزيزي القارئ الكريم, إن (آدم) هذا مع خليلته (حواء) خالفا كلام ربهما, لم يلتزما بتحذيره لهما, بعدم الاقتراب من تلك الشجرة وأكل ثمارها, ألا أنهما لم يباليا ما نهاهما عنها ربهما, واقتربا من الشجرة المذكورة وأكلا منها وكانت النتيجة بدت سوآتهما – عورة- يقول المعجم العربي:” سُميت سوءة لأن انكشافها للناس يسوء صاحبها”. يقول القرآن في سورتي الأعراف (22) وطه (121): “وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة” هنا يأتي دور المفسرون ليقولوا للناس ما هي ورق الجنة. يقول أشهر مفسري القرآن كالطبري, وابن كثير, والقرطبي:” إن ورق الجنة, هي ورق التين” ويقول الآخرون أن الشجرة المذكورة التي تحدث عنها الرب مع آدم وحواء كانت شجرة التين أيضاً. وقبل القرآن جاء ذكر التين مراراً في الكتاب المقدس. جاء في سفر التكوين 7:3: ” فانفتحت للحال أعينهما, وأدركا أنهما عريانان, فخاطا لأنفسهما مآزر من أوراق التين”. هذان هما آدم وحواء يقول عنهما (الكتاب المقدس) بعد أن بدت عورتيهما في الجنة وضعا عليهما أوراق التين. وكوردستان هي موطن التين في المنطقة. يقول القرطبي في تفسيره لسورة التين آية (1):” وقال الفراء: سمعت رجلاً من أهل الشام يقول:التين: جبال ما بين حلوان إلى
همدان”. وهذه المنطقة مساحتها مئات الكيلومترات هي وسط شرقي كوردستان تضم مدناً عديدة مثل:إسلام آباد,وإيوان, و(گیلان), وسرپل زهاب, وكرمانشاه, وصحنة, وتويسركان, وكنگاور, وأسد آباد الخ. إن القرآن هنا استخدم الكلام المجازي في التعبير عن التين وعنى به كوردستان لأن أرضها كما أسلفنا مباركة. والزيتون عنى بها بيت المقدس. وطور سينين, هو جبل سيناء, الذي ظهر عنده الرب للنبي موسى. وهذا البلد الأمين هو مكة حيث بيت الله يحجوا إليه المسلمون. للزيادة, جاء في دائرة المعارف الإيرانية ج (3) ص (3479) اسم “التين الحلواني” وحلوان هي تلك المنطقة التي ذكرت في تفسير القرطبي عن آية التين والزيتون التي تحدثنا عنها أعلاه. وجاءت في دائرة المعارف الإيرانية أيضاً ج(6) ص (918):”حلوان, بلدة يمر فيها نهر وفي هذه البلدة يجففون التين ويصدرونها إلى دول وممالك عديدة”. وعلى مقربة من حلوان توجد سلسلة جبلية بين قبيلة كلهر – التي أنتمي لها- ومنطقة لورستان اسمها جبل التين (أنجيركوه Anjirkuh=). عزيزي القارئ, كل هذه الدلائل والقرائن تؤكد أن المنطقة المشار إليها هي عاصمة التين, وآدم وزوجه كانا في أعالي جبال كوردستان, “في جنة عالية” كما قال الرب قي سورتي الحاقة (22) والغاشية (10), قبل أن ينزلهما منها كما جاءت في سورة طه (123):” اهبطا منها..”. إذاً من يزعم أن جنة عدن كانت في جنوب العراق لا يَصدق في أقواله, لأن جنوب العراق في زمن وجود آدم وحواء على الأغلب كانت مغطاة بمياه بحر الخليج, وكانت الحياة منتشرة في المناطق المرتفعة وليست المنخفضة؟. الشيء الآخر, لا توجد في العراق أشجار التين, وتحديداً في وسطه وجنوبه حيث زعم البعض أن الجنة التي كانت على الأرض وجدت هناك؟؟!!. دعونا الآن نلقي نظرة على جنة عدن كما جاءت في سفر التكوين:” وأقام الرب الإله جنة في شرقي عدن”. لو نربط الحاضر بالماضي السحيق, الذي وجد فيه آدم و حواء ونقارن بين كوردستان وبقية المناطق التي زعم البعض أن الجنة غرست فيها, رغم أننا قلنا أعلاه أن المياه كانت تغطي جميع الأراضي المنخفضة في وادي الرافدين والخليج آنذاك, وبعد مرور آلاف السنين على تلك الحالة انحسرت المياه رويداً رويدا, لكن البحر لم يتراجع في ذلك التاريخ وبقيت مياهه ملاصقاً لوسط بلاد الرافدين, و أمواجه كانت ترتطم بأسوار سومر وبابل. واليوم يُرى أن وسط وجنوب العراق أراضيها سبخة وصحراوية, شبيهة بأراضي الصحراء العربية “أرض غير ذي زرع” وتفتقد حتى إلى مياه الشرب. وفي المقابل, أن ثلثي منابع مياه بلدان المنطقة موجودة في كوردستان متمثلة بأنهر دجلة وفرعيه الزاب الكبير والزاب الصغير. والفرات وروافده منها بليخ وخابور.وكارون. وقيزل أوزان. وسيروان,الخ وفي كوردستان توجد عدة بحيرات كبيرة, كبحيرة وان, وأورومية, وزيفار الخ. أضف لهذه الأنهار والبحيرات, عيون المياه الفيروزية التي تتجاوز عددها عشرة آلاف عين ماء في عموم كوردستان. بما أننا ذكرنا الأنهار في كوردستان وجاء ذكر نهر الفرات, الذي تكلم عنه الأستاذ (وحيد) في إحدى حلقات برنامجه (الدليل) وكانت عن حدود دولة إسرائيل. كالعادة كانت حلقة رائعة. واستشهد (وحيد) بآية من سفر التكوين (18:15):” في ذلك اليوم عقد الله ميثاقاً مع أبرام قائلاً:”سأعطي نسلك هذه الأرض من وادي العريش إلى النهر الكبير, نهر الفرات..”. عن اسم نهر الفرات تقول المصادر ومن ضمنها قاموس (الكتاب المقدس) أن اسمه يعني الغزير, الكثير. ولم يعلم أولئك الذين دونوا تلك المؤلفات ومن بعدهم الأستاذ (وحيد) أن اسم الفرات باللغة الكوردية إلى اليوم يعني الغزير الكثير (فره Fre=). وفي نفس الموضوع يقول المؤرخ والأديب (حمزة الحسن الأصفهاني ) (893-970م) أن اسم الفرات اسم معرب, أي: اسم أجنبي ترجم إلى اللغة العربية. والآية في سفر التكوين قالت: “النهر الكبير, نهر الفرات” أي: النهر وفير المياه, غزير المياه. وفرات اسم يحمله أعداداً كثيرة من أبناء الشعب الكوردي في كوردستان؟؟. وأنه ينبع من وسط كوردستان, ويقطع مئات الكيلومترات بين جبالها ووديانها. يا ترى, هل من المعقول يأتي شعب آخر من جزيرة العرب يستوطن الأرض عند ملتقى النهرين في جنوب العراق يختار له اسماً الفرات؟؟ !!. وفيما يخص اسم نهر دجلة ذكرت في المصادر القديمة باسمه الكوردي “تيرگرا” أي: أنه يجري كالسهم, لأنه يأتي من أعالي جبال كوردستان إلى وديانها في الأراضي المنبسطة. وحرف الاسم على ألسنة المتكلمون
بلغات جزرية (سامية) إلى دجلة. عزيزي المتتبع, أن اليونانيين منذ القدم وكذلك الأوروبيين لا زالوا يلفظوا اسمه الكوردي القديم “Tigris”. وجاء في كتاب (إيران باستان= تاريخ إيران)ج(2) ص (1575) تأليف (حسن پیرنیا ):” إن اسم دجلة جاء في نقش “بيستون Bistun =” لداريوش الكبير (522ق.م.) بثلاث لغات الإيرانية القديمة والإيلامية (عيلامية) والبابلية بهذه الصيغة (تيگر Tiger = ) “. ثم أن اسم دجلة مؤنث كيف يطلقوه على نهر وهو اسم مذكر!. أضف لهذا, أن في اللغة العربية شيء يسمى صرف الاسم, هل يستطيع أحد ما أن يصرف لنا اسم الـ”فرات”؟. على غرار صرف اسم النهر, 1- نهر, 2- نهران, 3- أنهار, 4- نُهير, 5- نهري. أما اسم دجلة بما أنه ينتهي بتاء التأنيث لذا يمنع من الصرف. رغم هذا, أنه اسم غير عربي, أي: أعجمي والاسم الأعجمي أيضاً يمنع من الصرف في لغة العرب الجزرية. عزيزي القارئ اللبيب, أن جانباً من كلامنا في هذا المقال قدمنا معه أسماء المصادر التي استقيت منها المعلومة. وجانب آخر فيها عبارة عن تحليل للأسماء التي وردت فيها وليست معلومة, فلذا, إذا كان هناك من يشكك بكلامنا, عليه أن يقدم دليلاً رصيناً يقبله العلم والعقل والمنطق حتى يعارض به ما قلناه, بغير هذا, يبقى تحليلنا ورأينا في هذا المقال لتلك النقاط المذكورة هو الصائب والسديد. عزيزي القارئ الكريم, جاء في السفر المذكور:”وكان نهر يجري في عدن ليسقي الجنة”. أنا أرى, أن اسم عدن ما هو إلا تحريف جرى على ألسنة الأقوام الجزرية لاسم ” ئاوەدان= Awedan” الكوردي, الذي يعني معمورة, معمور, غَنّاء, مسكون, مأهول, الخ. إن القرية, الضيعة, المكان المعمور و الآهل يسمى في اللغة الكوردية “ئاوايى= “Awayy. في كوردستان توجد قرية باسم ” ئەدنێ = Edny= عدني”. والسهل باللغة السومرية يسمى عدين. والصحراء في اللغة الكوردية تسمى”بياوان= Byawan”. وكلمة ئاودار= Awdar” تعني سيحي. و”ئاوپاڵ Awpal=” تعني مِغرفة. هناك سلسلة طويلة من الأسماء في اللغة الكوردية تبدأ بـ “ئاو= Aw” أي الماء وحين تمتزج مع كلمة أخرى تعطيك معنى آخر. للعلم أن اسم “ئاو= ماء” في اللغة السومرية هو “ئا – آ- A” مختصر اسم ئاو. واسم إله المياه “ايا”. و”آبسو” تعني المياه العميقة, وكان اسماً لمعبد إله المياه في سومر, أ تلاحظ, أن جميع الأسماء تبدأ بـاسم الماء بصيغته الكاملة أو اختصاراً. وجاء في كتاب (مهد البشرية الحياة في شرق كردستان) تأليف أخوين (دبليو.أي. ويگرام) دكتوراه في اللاهوت. و(ادگار.تي. أي. وگرام) طبع عام (1922) نقله إلى العربية (جرجيس فتح الله) عام (1971), جاء في ص (28) من الكتاب:” يقول الكثير من الباحثين, أن موقع جنة عدن هو قرب (وان وبتليس) الحاليتين. في بقعة التي تبدأ منها مصادر أنهار دجلة والفرات والزاب وأراس”. و(وان وبتليس) هما مدينتان كورديتان في شمال كوردستان وبينهما بحيرة معروفة ببحيرة وان, وفي الأعوام الأخيرة جرت عليها عدة دراسات من قبل جامعة ألمانية توصلت في النهاية إلى النتيجة التالية, أن عمر البحيرة (600,000) سنة, وقال آخرون أن عمرها (1000000) سنة. وفي الكتاب المقدس الذي طبع من قبل (شهود يهوه) توجد في صفحته الأول رسم لخارطة العالم القديم, وفيها جنة عدن تقع قرب بحيرة (وان). عزيزي القارئ اللبيب, إن العرب حين خرجوا من جزيرتهم الجرداء ممتطون ظهور خيولهم وجمالهم متوجهين إلى العراق وكوردستان وإيران, لم يكن في جعبتهم مفردة من مفردات الحضارة, وهذا شيء طبيعي لا يعابوا عليه, لأنه لا توجد في موطنهم الذي هو شبه جزيرة قاحلة عناصر ضرورية لاستمرار الحياة, وفي مقدمتها المياه حتى تحفزهم على التفكير والابتكار. حتى أن القرآن في سورة (الواقعة) بعد أن قدم في آيات عديدة قائمة طويلة من الفواكه ولحم طير وكأس من معين للمؤمنين يضيف لها الماء, قائلاً لهم }وماء مسكوب{ لو كانت جزيرة العرب فيها الماء الوفير لم يقل لهم القرآن, أن المياه كثيرة في الجنة إلى الحد أنها مسكوبة على الأرض أو تجري في الأنهار. وفي سورة محمد يقول لهم القرآن, الجنة التي وعدتم بها فيها }ماء غير آسن{ بمعنى غير متغير لونه وطعمه وريحه, ويعدهم باللبن والخمر والعسل المصفى الخ. كما أسلفنا كانت لغتهم فقيرة ليس فيها ما يسد متطلبات الانعطافة التي حدثت في حياتهم بعد الإسلام, فلذا اقتبست العرب من الأقوام التي غزتها, كالكورد والفرس والآراميين الخ أشياءاً كثيرة لا تعد ولا تحصى
وعلى رأسها الكلمات والأسماء العديدة. يقول البروفيسور (جمال نبز) في كتابه (المستضعفون الكرد وإخوانهم المسلمون) ص (15):” لما كانت اللغة العربية وهي لغة البداوة عاجزة عن سد متطلبات وحاجات المعاملات الرسمية في إمبراطورية مترامية الأطراف, فقد اضطر العرب أن يُدخلوا إلى اللغة العربية آلافاً من الكلمات الكردية الأصيلة, فكلمات الدستور والجمهور والجزية والهندسة والنموذج والساذج والسركال والدَستْ والسلطة والحرف والبريد والعسكر والحملة (من helmet) والقلم والدفتر والتاريخ والوزير وكذلك المسجد والديوان والبيادة والجمع والشمع والأستاذ والديوان والفولاذ والبابوج والخانة والجوراب والدولاب والخندق والبيمارستان وهذه الأخيرة دخلت العربية في عهد (صلاح الدين الأيوبي) عندما أسس أول مستشفى في مصر, كانت هذه أمثلة قليلة جداً في هذا المجال”. مما لا شك فيه أنهم – العرب- اقتبسوا اسم عدن أيضاً من اللغة الكوردية. ومن ثم قالوا كما قال الكورد قبلهم, أن اسم عدن يعني المكان الذي يقام فيه. عزيزي القارئ, لقد بينا أعلاه, معنى اسم عدن وتفرعاته في اللغة الكوردية, وكذلك بينا موقع عدن في كوردستان كما ذكرته المصادر الدينية والتاريخية. الآن دعونا نناقش الأنهار الأربعة التي تخرج من عدن لتسقي الجنة. يقول الكتاب المقدس:” وما لبث أن ينقسم من هناك إلى أربعة أنهر: الأول منها يدعى فيشون, الذي يلتف حول كل الحويلة حيث يوجد الذهب. وذهب تلك الأرض جيد, وفيها أيضاً المقل والحجر الجزع. والنهر الثاني يدعى جيحون الذي يحيط بجميع أرض كوش. والنهر الثالث يدعى حِداقل وهو الجاري في شرقي أشور. والنهر الرابع هو الفرات”. دعونا الآن نفحص أسماء الأنهار الأربعة ومنابعها. الأول النهر الذي سمي في الكتاب المقدس “فيشون” أولاً دعوني أقدم تحليلاً عن هذا الاسم وكيفية إدراجه في الكتاب المقدس بهذه الصيغة. من المعروف, أن الشعوب السامية كبعض الشعوب الأخرى غالباً ما يغيروا الأسماء الأجنبية التي لا تجري على ألسنتهم بسهولة, مثلاً أن جمهورية (Austria) الفيدرالية تسمى عند العرب بجمهورية نمسا. مدينة (Venezia) الإيطالية تسمى البندقية. وجمهورية (Grekland) تسمى يونان,الخ. هل تلاحظ الفوارق اللغوية بين الأسماء بلغة شعوبها واللغة العربية؟. من المرجح أن العبرانيين كالعرب يغيروا الأسماء فلذا قالوا عن نهر دجلة حِداقل, يا ترى أين دجلة من حداقل!. لو لم يقل الكتاب المقدس أنه يجري شرقي أشور, وذكر بعده مباشرة نهر الفرات, لداخ المؤرخون والمفسرون أي نهر يقصد الكتاب المقدس وأين يكون. كذلك نهر فيشون, رغم أن الكتاب المقدس ذكر عدة أشياء معه وهذه الأشياء توجد بكثرة في كوردستان, كالمقل الذي يعني الحصى والتراب, والجزع الذي هو نوع من العقيق, وكذلك الحجر في جملته. ألا أنه لا يوجد نهر في المنطقة في العصر الحالي بهذا الاسم. ربما وجد قديماً وجف ولم يبقى له اثر. أو كما حور اسم حداقل حور هذا أيضاً من اسمه الأصلي إلى فيشون, فلذا لم يُعثر عليه إلى الآن. المشكلة أن الكتاب المقدس في هذه الجزئية عن النهر المذكور قال أنه يلتف حول كل الحويلة, والحويلة منطقة في جزيرة العرب. صعبة جغرافياً قبول هذا الوصف. لكن هناك مقال قيم للدكتور (مؤيد عبد الستار) تحت عنوان: (رحلة من سومر إلى جنة عدن… عبر بلاد الكرد الفيليين) قال فيه:” قدم باحث بريطاني يدعى ( ربجنالد والكر= (Reginald Walker دراسة عام (1986) بين فيها معلومات هامة عن تلك الأنهار. ويضيف (مؤيد عبد الستار), نقلاً عن (والكر) في دراسته: أن نهر أراس كان يسمى في القرن الثامن الميلادي نهر جيحون – جيحان-, ورد في القواميس الفيكتورية أن هذا النهر هو نهر جيحون (جيحان) – أراس- وأن نهر بيشون هو تحوير لاسم نهر أويزون, بسبب القلب استبدل لفظ الواو إلى باء المثلثة ولفظ الزاي إلى شين, فأصبح بيشون في لغة التوراة”. يقول التوراة: أن نهر جيحون كان يحيط بأرض كوش, ونحن الكورد كانت عندنا قبيلة كبيرة في إيلام قبل الميلاد حكمت بابل اسمها كاشو- كاشيون- كاسي. أما في العصر الراهن, هناك نهران في شمال كوردستان, في البلد الذي ينبع منه دجلة والفرات, يسمى أحده سيحان في مدينة أدنة (أضنه) أرجو أن يقارن القارئ اسم أدنه مع عدن؟ النهر الآخر هو نهر جيحان أيضاً في شمال كوردستان. عزيزي القارئ, جاء في حديث نبوي في شرح النووي على صحيح مسلم ج (17) ص (176):” سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة”.
في نهاية المقال, نقول للأستاذ (وحيد),أن الكلام الموجز الذي قلناه في هذا المقال, هو اختصار شديد لمن يجهل تاريخ الشعب الكوردي وعراقة أرض وطنه كوردستان, التي كانت مهد البشرية الأولى والثانية, وبهذا تكون لها الفضل الكبير على الأوطان والبشرية جمعاء. إن القنوات المسيحية, وعلى وجه الخصوص قناتي فادي والحياة, ترددان باستمرار في برامجهما التبشيرية, أنهما ضد التحريف والانحراف وإسكات الكلمة الصادقة, وأنهما بخلاف القنوات الأخرى الصفراء يتبنيان منهجاً سليماً صائباً يخالف قنوات الأنظمة الحاكمة و تجار الكلمة, وهذا شيء جيد في كل المناحي, ليس فيما يخص الأديان والعقائد فقط, بل في جميع ميادين الحياة. الذي أريد أن أقوله في هذه الخاتمة, إن قناتيكما في أحيان كثيرة تخالف المفسرين المسلمين في آرائهم, وتقدم للمشاهد كلاماً سليماً يقبله العقل و المنطق, ألا فيما يخص الشعب الكوردي وتاريخه ووجود وطنه كوردستان تنهجوا الرأي الاقصائي السائد ضد هذا الشعب الجريح, على سبيل المثال وليس الحصر, حين تتكلموا عن زرادشت و الديانة الزرادشتية تنسبوه إلى الفرس, ولم تبحثوا بقدر بحثكم عن ما جرى لمسلمة وعبد العزى عن موطن زرادشت الذي هو في قلب كوردستان. ويزعم الأستاذ وحيد أن عيد نيروز (نەورۆز) عيد فارسي مع أنه سبق لنا وكتبنا مراراً عن هذا العيد كعيد كوردي نكرره مجدداً هنا لكي يعرف الأستاذ والآخرون أنه عيد كوردي خالص 100% بهذا الصدد يقول الدكتور (رشيد ياسمي) في كتابه (الكورد وعلاقاتهم العرقية والتاريخية) ص (116) نقلاً عن موريه (Morier) في كتاب (سياحتنامه دوم= السياحة الثانية) ص (357) يقول: “في (31) آذار من سنة (1812) احتفل الإيرانيون في منطقة (دماوند) – منطقة تقع في شمال إيران على بعد (50) كيلوا متر من العاصمة طهران سكنتها ليسوا من الكورد- بمناسبة خلاص الإيرانيين من ظلم ضحاك, وكانوا يسمون هذا العيد, العيد الكوردي”. ذكر هذا أيضاً البروفيسور (فلاديمير مينورسكي) في دائرة المعارف الإسلامية تحت مادة الكرد. تطرق إلى هذه المناسبة العلامة (محمد أمين زكي) في كتابه الشهير (خلاصة تاريخ كورد و كوردستان من أقدم العصور التاريخية حتى الآن) ص (47) طبع سنة (1961) نقلاً عن العلامة موريه سنة (1812) في رحلته الثانية (Secund Journey) ص (357) فقال: في 31 من ((أغسطس)) من كل سنة كانت تقام حفلات شعبية كبيرة, بمناسبة خلاص إيران من ظلم ضحاك (بيورآسب) السفاك ولا يزال يطلق على هذا المهرجان اسم (جژن كردي) أي: العيد الكردي. و يضيف أمين زكي نقلاً عن المؤرخ الألماني الشهير (فون هامر):إن رواية (جژن كردي – العيد الكردي) هذه ما هي إلا صفحة تاريخية مجيدة للشعب الكردي. ويذكر أمين زكي في كتابه المذكور ص (48) بهذا الصدد نقلاً عن الدكتور فريج في كتابه (كوردلر – الكورد): أن العيد الكردي ما هو إلا علامة على السرور و الابتهاج بالخلاص من ظلم الضحاك”. وحين تتكلموا عن مناطق تقع في جزء من كوردستان المحتل تذكروا البلد الذي يقع فيه ذلك الجزء المحتل, كتركيا والعراق وسوريا وإيران, وهذا تحريف وخلافا الحقيقة. مع أن السيد المسيح قال لكم قولوا الحق, أين قول الحق هنا!! هل كوردستان هي تركيا أو عراق أو سوريا أو إيران؟؟ أم وطن قائم بذات ألا أنه محتل مثل فلسطين الذي تذكروه باستمرار في برامجكم. وحين تذكروا نهري دجلة والفرات تقولوا أنهما ينبعان من أرمينيا أو تركيا, وهذا كذب محض, أن أنهار دجلة والفرات وكارون وأراس وسيروان الخ الخ الخ تنبع من كوردستان ومن عمق كوردستان. وكذلك جبل أرارات هي في كوردستان وليس في أرمينيا, اختبر شخص أرمني وأسأله ما معنى اسم أرارات بلغتك الأرمنية, بلا شك لا يعرف لأنه اسم كوردي, من يقول غير هذا يكذب حتى لو كان…؟. وميديا التي زعمت يا وحيد أنك لا تعرف أين هي, قلنا لك في سياق هذا المقال أنها كوردستان, وذُكرت في كتابك المقدس مرات ومرات, يظهر أنك تنتقي من الكتاب المقدس ما يفيدك وتترك الباقي. إذا تريد أن تكون من أتباع السيد المسيح بحق وحقيقة يجب عليك أن تنظر إلى الأشياء بعين ثاقبة, وتقول الحق كما قاله المسيح دون تردد, لا أن تردد كلام المحتلين العرب والفرس والأتراك والمستعمرين الغربيين الذين جزءوا الوطن الكوردي بين تلك الكيانات المصطنعة.