4 مارس، 2024 6:10 ص
Search
Close this search box.

حتى أنت يا سيدي العبادي ، وكيف يتطوع الجائع ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

من النادر جدا أن أشاهد الخطاب الأسبوعي لرئيس الوزراء من أيام المالكي لغاية الآن ، لأني أعلم إنها مجرد كلمات دون فعل واقعي على الأرض ، شأن كلام كل سياسيينا على الإطلاق ، وفي الخميس الماضي ، وبينما كنت أقلّب قنوات التلفزيون ، شاهدت مقطع للسيد العبادي وهو يقول : (يجب تعويد الشباب على العمل التطوعي بدون مقابل ، كي ترضي بها نفسك وذاتك وتوجهاتك تجاه المجتمع) ، وحوّلت القناة على الفور ، بسبب البعد الشديد عن واقعية هذا الكلام ، والبعد الشديد ايضا عن عالم الشباب وحالهم ومعاناتهم وآمالهم ، لكن السيد العبادي لم يوضح كيف يرضي الشاب معدته الخاوية أولا ليرضي بعدها مجتمعه ، والسيد العبادي يعلم جيدا أن (الجوع أبو الكفار) كما قال شاعرنا مظفر النّواب ، يعلم جيدا أن (الفقرُ إذا دخل مدينة ، قال له الكُفرُ خُذني معك) ، و (عجبي ممن لا يملك قوت يومه ، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه) ، عبارتان رنّانتان وبمنتهى الواقعية لصحابي جليل من طراز ابوذر (رض) ، صحابي ثائر كسيده الإمام علي (ع) الذي قال بدوره (لو كان الفقرُ رجلا ، لقتلته) ، والمفترض بحزب السيد العبادي أن يكون منتميا لهذه المدرسة العظيمة لكنهم بدلا من أن يحاربوا الفقر ، كرّسوه ! ، بل أرى أن ما يناسبهم واقعا هو قول الإمام (الإنسان إذا مَلَكَ ، إستأثر) ! .

عليكم يا سادتي الحُكّام ، إرضاء معدة الشاب أولا قبل أن تطالبوه بالتطوع ، لبّوا حاجاته الإنسانية الأساسية وأنقذوه من الضياع ، بنبذكم وأهمالكم له ، جعلتموه يكفر بالإنتماء للبلد الذي لم يتوقف نزيفه من الشباب ، وبأي مجال يتطوع الشباب ، والأمن لا يزال هشا ، والفساد يحيط بكل جوانب حياتنا ، والتنمية متوقفة ، والإفلاس سيد الموقف ؟ ، إن كان إقتصادكم رأسماليا ، فلا يوجد فعل دون مقابل ، وإن كان إقتصادكم إشتراكيا ، فالتقصير أعلى من الأنوف ، لكن إقتصادكم لا يوجد له مثيل لا في الكتب ولا في الأكاديميات ، إنه إقتصاد مسخ مشلول مريض تنخر به الجراثيم والآفات ، إقتصاد تديره العصابات التي لبست أردية السياسة ، لقد ولّت أيام الشعار الفج (الواجبات اولا ثم الحقوق) ، لكنه بُعد السياسيين عن واقع معيشة المواطن ومعاناته ، فهذا يمن على الشهيد بتابوت ، وهذا يتصور أن ضيق ذات اليد هو بسبب (النستلة) ، آخر يتصور أن شياطين السياسة قد نجحوا في تشكيل حكومة ملائكية ، وهذا لا يعرف قيمة الدينار العراقي ، ولا أسعار السوق ، فيعتقد أن راتب المتقاعد يكفيه ويزيد ، والسبب بسيط لأنه يتعامل بالدولار ، وهذا يعتقد أن كل من يمتلك سيارة ليس فقيرا ، حتى أنت يا سيدي العبادي ، أنت أكبر من ذلك بكثير ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب