18 ديسمبر، 2024 9:20 م

حتمية التغيير في العراق

حتمية التغيير في العراق

(تعليق على قرار المحكمة الإتحادية العليا حول الطعن على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات)
مقدمة
تعد المحكمة الإتحادية العليا المحكمة الاتحادية العليا أعلى محكمة في العراق، تختص في الفصل في النزاعات الدستورية. أنشئت بقانون رقم (30) لسنة 2005، الصادر في 24 شباط 2005 استنادا للمادة 44 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية. ويعد القانون الأخير من النصوص الدستورية لتعلقه بإدارة الحكم في العراق بعد عام 2003.
وبصدور دستور العراق الدائم لعام 2005 في 15 تشرين الأول 2005، أي بعد صدور قانون المحكمة ب (8 أشهر و9 أيام)، والذي أصبح نافذا في 28/12/2005.
المبحث الأول: الإشكالية القانونية لوجود المحكمة
قانون إنشاء المحكمة
أنشئت المحكمة بموجب القانون رقم 30 لعام 2005، الصادر عن مجلس الوزراء إستنادا لقانون إدارة الدولة في المرحلة الإنتقالية لعام 2003، والذي يعد وثيقة دستورية مؤقتة لحين صدور دستور دائم للبلاد. وهذه الوثيقة الدستورية مخالفة للمبادئ الدستورية لإنها صادرة من سلطات الاحتلال، وجاء في ديباجته: ” فقد أقر هذا القانون لإدارة شؤون العراق خلال المرحلة الإنتقالية إلى حين قيام حكومة منتخبة تعمل في ظل دستور شرعي دائم سعيا لتحقيق ديمقراطية كاملة.” ولما كان القانون المذكور يعد نصاً دستورياً فإن إلغاءه يتم تلقائيا بمجرد صدور دستور جديد، وهذا ما نصت عليه المادة 62 بقولها:
“يظل هذا القانون نافذا إلى حين صدور الدستور الدائم وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بموجبه”.
وقد سقط هذا القانون فعليا عند صدور دستور العراق الدائم في 15 تشرين الأول 2005، حيث نصت المادة (143) منه:
“يلغى قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، وملحقه، عند قيام الحكومة الجديدة، باستثناء ما ورد في الفقرة (أ) من المادة (53) والمادة (58) منه.”

تشكيل المحكمة
إن تشكيل هذه المحكمة جاء كضرورة حتمية للنظام الدستوري المزمع إقامته في العراق على الطراز الأمريكي وهو شكل الدولة المركبة بعد أن ظَلَّ العراق دولة بسيطة طيلة تاريخه وفي ظل كل النظم السياسية والدساتير المتعاقبة عليه. ويبدو إن نية الولايات المتحدة كانت قد إنصرفت مسبقا إلى إقامة دولة فدرالية على غرار شكل الدولة الأميركي على طريق الإستنساخ القسري لشكل الدولة وقبل صدور الدستور بأشهر عديدة، وذلك لإيجاد هيئة قضائية تنظر في النزاعات بين المركز والأقليم، على الرغم من أن هذا النموذج لم يفرز سوى إقليما واحدا يهدد كيان الدولة ككل بدلا من أن يعززه ويقويه. وبالتالي شهد هذا النظام في العراق فشلا ذريعا لأنه غير مصمم للعراق، وهو أشبه بجلباب واسع لجسم متوسط. وهذه التجربة الفاشلة تماثل تجربة المفتش العام الأميركية التي جرى إستنساخها في العراق للقضاء على الفساد في الوزارات ومؤسسات الدولة فزادتها سوءا وفسادا.
ويحظر القانون الدولي على سلطات الاحتلال تغيير وضع المحاكم والقضاة في الدولة المحتلة، وهذا ما نصت عليه الإتفاقية الرابعة من إتفاقيات جنيف لعام 1949، والخاصة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949، حيث نصت في مادتها (54) على ما يلي: –
“يحظر على دولة الاحتلال أن تغير وضع الموظفين أو القضاة في الأراضي المحتلة أو أن توقع عليهم عقوبات أو تتخذ ضدهم أي تدابير تعسفية أو تمييزية إذا امتنعوا عن تأدية وظائفهم بدافع من ضمائرهم.”
كما نصت المادة (64) على إنه:
تبقى التشريعات الجزائية الخاصة بالأراضي المحتلة نافذة، ما لم تلغها دولة الاحتلال أو تعطلها إذا كان فيها ما يهدد أمنها أو يمثل عقبة في تطبيق هذه الاتفاقية. ومع مراعاة الاعتبار الأخير، ولضرورة ضمان تطبيق العدالة على نحو فعال، تواصل محاكم الأراضي المحتلة عملها فيما يتعلق بجميع المخالفات المنصوص عنها في هذه التشريعات.

أما الإستثناء الوحيد الذي أعطي لسلطات الاحتلال بموجب هذه الإتفاقية الدولية هو في تشكيل محاكم عسكرية فقط. وهذا ما نصت عليه المادة (66) بقولها:
” في حالة مخالفة القوانين الجزائية التي تصدرها دولة الاحتلال وفقاً للفقرة الثانية من المادة 64، يجوز لدولة الاحتلال أن تقدم المتهمين لمحاكمها العسكرية غير السياسية والمشكلة تشكيلاً قانونياً، شريطة أن تعقد المحاكم في البلد المحتل. ويفضل عقد محاكم الاستئناف في البلد المحتل.”
لذا فإن تشكيل هذه المحكمة قد جاء مخالفا من حيث الشكل والموضوع وحتى التوقيت في تشكيلها. وقد نص قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية الصادر من سلطة الاحتلال الأميركي في العراق على تشكيل هذه المحكمة لأول مرة في المادة 44 منه، التي نصّت على ما يلي:
مادة 44
(أ‌) – يجري تشكيل محكمة في العراق بقانون تسمى المحكمة الإتحادية العليا.
(ب‌) – إختصاصات المحكمة الإتحادية العليا هي:
1. الإختصاص الحصري والأصيل في الدعاوى بين الحكومة العراقية الإنتقالية وحكومات الأقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية.
2. الإختصاص الحصري والأصيل، وبناء على دعوى من مدع أو بناء على إحالة من محكمة أخرى في دعاوى بأن قانونا أو نظاما أو تعليمات صادرة عن الحكومة الإتحادية أو الحكومات الإقليمية أو إدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية لا تتفق مع هذا القانون.
3. تحدد الصلاحية الإستسئنافية [الإستئنافية] التقديرية للمحكمة العليا الإتحادية بقانون إتحادي.
(ج)- إذا قررت المحكمة العليا الإتحادية أن قانونا أو نظاما أو تعليمات أو إجراء جرى الطعن به أنه غير متفق مع هذا القانون يعد ملغيا.
(د)- تضع المحكمة العليا الإتحادية نظاما لها بالإجراءات اللازمة لرفع الدعاوى وللسماح للمحامين بالترافع أمامها وتقوم بنشره. وتتخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة ما عدا القرارات بخصوص الدعاوى المنصوص عليها في المادة 44 (ب) 1 التي يجب أن تكون بأغلبية الثلثين، وتكون ملزمة، ولها مطلق السلطة بتنفيذ قراراتها بضمن ذلك صلاحية إصدار قرار بإزدراء المحكمة وما يترتب على ذلك من إجراءات.
(هـ)- تتكون المحكمة العليا الإتحادية من تسعة أعضاء. ويقوم مجلس القضاء الأعلى أوليا وبالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم بترشيح ما لا يقل عن ثمانية عشر إلى سبعة وعشرين فردا لغرض ملء الشواغر في المحكمة المذكورة، ويقوم بالطريقة نفسها فيما بعد بترشيح ثلاثة أعضاء لكل شاغر لاحق يحصل بسبب الوفاة أو الإستقالة أو العزل. ويقوم مجلس الرئاسة بتعيين أعضاء هذه المحكمة وتسمية أحدهم رئيسا لها. وفي حالة رفض أي تعيين يرشح مجلس القضاء الأعلى مجموعة جديدة من ثلاثة مرشحين.

وبصدور دستور عام 2005، فقد أورد نصوصا دستورية تنظم عمل هذه المحكمة، وأضاف لها إختصاصات جديدة لم تكن موجودة سابقاً، ولم تَدُر بخلد مَن أنشأها، مثل (الرقابة على دستورية القوانين) و(المصادقة على نتائج الانتخابات)، وقد أعطاها روحا جديدة ومدّد عمرها، في حين إنه يشير لإنشاء محكمة أخرى. ولولا ذلك لعدت المحكمة ملغية بسقوط القانون الذي أنشأها. وهذه النصوص هي:

الفرع الثاني- المحكمة الاتحادية العليا
المادة (92):
أولاً:- المحكمة الاتحادية العليا هيئةٌ قضائيةٌ مستقلة مالياً وإدارياً.
ثانياً:- تتكون المحكمة الاتحادية العليا، من عددٍ من القضاة، وخبراء في الفقه الإسلامي، وفقهاء القانون، يُحدد عددهم، وتنظم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة، بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.

المادة (93):
تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي:
أولاً:- الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة.
ثانياً:- تفسير نصوص الدستور.
ثالثاً:- الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والأنظمة والتعليمات، والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الأفراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة.
رابعاً:- الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية.
خامساً:- الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات.
سادساً:- الفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.
سابعاً:- المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
ثامناً:-
◾‌أ- الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي، والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
◾‌ب- الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات القضائية للأقاليم، أو المحافظات غير المنتظمة في إقليم.

المادة (94)
قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتّة وملزمة للسلطات كافة.
ويتضح من نصوص الدستور أعلاه وخاصة المادة 92 منه، على أن المقصود هو إنشاء محكمة إتحادية عليا غير هذه الحكمة القائمة الآن، بدليل أن مجلس النواب قدّم مشروع قانون المحكمة الإتحادية العليا عام 2014، ولو كانت ذات المحكمة لما قدم لها مشروع جديد.

مدة خدمة أعضاء المحكمة
إن أغرب ما ورد في قانون تشكيل المحكمة الإتحادية هو مدة خدمة رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية مدى الحياة ودون تحديد للعمر، إلاّ إذا رغب هو شخصيا بترك الوظيفة. وهذا ما يخالف معظم القوانين المتعلقة بالخدمة العامة، وقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014، الذي هو قانون عام في حين أن قانون المحكمة الإتحادية هو قانون خاص، حيث نصت المادة 10 أولا منه على أن تتحتم إحالة الموظف على التقاعد:
“عند إكماله (63) الثالثة والستين من العمر، وهي السن القانونية للإحالة على التقاعد بغض النظر عن مدّة خدمته، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.
والأغرب من ذلك، إن قانون إدارة الدولة في المرحلة الإنتقالية المشار اليه في أعلاه، لم ينص على ذلك في المادة 44 الخاصة بتشكيل هذه المحكمة، بل على العكس من ذلك، أشار إلى حالات إنتهاء خدمة الرئيس أو أعضاء المحكمة مثل الإستقالة والعزل، وهذا ما نصّت عليه الفقرة (ه) من المادة المذكورة بقولها:
” هـ) تتكوّن المحكمة العليا الاتحادية من تسعة أعضاء، ويقوم مجلس القضاء الأعلى أولياً وبالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم بترشيح ما لا يقلّ عن ثمانية عشر إلى سبعة وعشرين فرداً لغرض ملء الشواغر في المحكمة المذكورة، ويقوم بالطريقة نفسها فيما بعد بترشيح ثلاثة أعضاء لكلّ شاغر لاحق يحصل بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العزل، ويقوم مجلس الرئاسة بتعيين أعضاء هذه المحكمة وتسمية أحدهم رئيساً لها. وفي حالة رفض أيّ تعيين يرشح مجلس القضاء الأعلى مجموعةً جديدةً من ثلاثة مرشّحين.”

إمتيازات المحكمة
نصت المادة السادسة من قانون الأمر رقم 30 لسنة 2005 الخاص بقانون المحكمة الإتحادية العليا والصادر في 14 شباط 2005 والموقع من قبل السيد أياد هاشم علاوي رئيس مجلس الوزراء المؤقت، وقبل صدور الدستور الدائم لعام 2005 بعدة أشهر، على جملة من الإمتيازات الضخمة للمحكمة والموضوعة على الطريقة العراقية في الإسراف والتبذير بخلاف الطريقة الأمريكية المقننة. ومن هذه الإمتيازات، ما يلي: –
مادة 6
أولا – يتقاضى رئيس المحكمة الاتحادية العليا وأعضاؤها راتب ومخصصات وزير.
ثانيا – يتقاضى كل من رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا عند تركهم الخدمة راتبا تقاعديا يعادل 80٪ من مجموع ما يتقاضاه كل منهم شهريا قبل انقطاع صلتهم بالوظيفة لأي سبب كان عدا حالتي العزل بسبب الإدانة عن جريمة مخلة بالشرف أو بالفساد والاستقالة من دون موافقة مجلس الرئاسة.
ثالثا – يستمر رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا بالخدمة دون تحديد حد اعلى للعمر إلا إذا رغب بترك الخدمة.
إن مثل هذه الإمتيازات، وحتى هذه الصياغة لا يمكن أن توجد أو تقوم بها إلا حكومة عميلة في ظِل الإحتلال.
والأغرب من ذلك، أنه جاء في الأسباب الموجبة لهذا القانون هو أن إنشاء هذه المحكمة جاء لغرض إنشاء المؤسسات الدستورية في العراق، بقولها:
” إعمالا لحكم مادة الرابعة والأربعين من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ولغرض إنشاء المؤسسات الدستورية في العراق.
فقد شرع هذا الأمر.”
فهل يجوز قانونا إنشاء مؤسسة دستورية قبل صدور الدستور؟ وإذا إعتبرنا قانون إدارة الدولة المذكور والذي أصدرته سلطات الاحتلال من قبيل النص الدستوري، فهنا يصطدم هذا النص الدستوري بنصوص القانون الدولي التي تمنع سلطات الاحتلال من إقامة المحاكم القضائية كمؤسسة دستورية في أراضي الدولة المحتلة، لأن القانون ذاته لا يجيز لها إصدار دستور دائم للبلاد وهي سلطة مؤقتة لا بدّ من رحيلها مهما طال زمن بقائها. وهنا يكون لنصوص القانون الدولي أفضلية وأسبقية في التطبيق على النصوص الدستورية، وفقا لمبدأ أعلوية القانون الدولي على القانون الداخلي.

النظام الداخلي للمحكمة
صدر النظام الداخلي للمحكمة الإتحادية رقم 1 في 01-01-2005، والمنشور في الوقائع العراقية رقم العدد: 3997 بتاريخ 02-05-2005، ومن المستغرب أن يصدر النظام الداخلي للمحكمة الإتحادية قبل إنشاءها بنحو شهرين، وتحديداً (53) يوماً، حيث أنشئت المحكمة في 24 شباط 2005، علما إن النظام الداخلي المذكور قد صدر إستنادا” إلى إحكام المادة (9) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005، والتي نصَّت على ما يلي:
“تصدر المحكمة الاتحادية العليا نظاماً داخلياً تحدد فيه الإجراءات التي تنظم سير العمل في المحكمة وكيفية قبول الطلبات وإجراءات الترافع وما يسهل تنفيذ أحكام هذا القانون وينشر هذا النظام في الجريدة الرسمية”.
وقد طورت المحكمة الإتحادية نظام تبليغاتها القضائية وفقا للتطور التكنولوجي خلافاً للقوانين العراقية ذات الصلة، حيث نصت في مادة 21 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا لعام 2005، على أنه:
“يجوز للمحكمة الاتحادية العليا إجراء التبليغات في مجال اختصاصها بوساطة البريد الإلكتروني والفاكس والتلكس إضافة لوسائل التبليغ الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية.”
وهذا ما يخالف أحكام قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 وقانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979، وهذين القانونين لا يجوز تعديلهما أو إلغاءهما بنظام داخلي، لأن القانون أعلى مرتبة من النظام الداخلي.
والخلاصة إن هذه المحكمة هي إحدى مخلفات سلطات الاحتلال وستزول بزواله. ويبدو واضحا أثر اليد العراقية المشوهة التي صاغت قانونها ونظامها الداخلي لإغراض إدامة سلطة الاحتلال وتحقيقاً لأغراضها، وقد ضُمِّن قانونها أغراض شخصية لقضاتها وفي مقدمتهم رئيس المحكمة القاضي مدحت المحمود، ولطالما كانت هذه المحكمة مثار جدل وإنتقادات واسعة، من بينها المذكرة التي رفعها طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية في 4/4/2010 إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى حول الأساس القانوني للمحكمة الإتحادية، وقد أحال رئيس مجلس القضاء الأعلى تلك المذكرة إلى رئيس المحكمة الإتحادية وهي الجهة المشكو منها والخصم في الشكوى، ولا أعلم كيف يمكن لجهة قانونية وقضائية عليا أن ترتكب مثل هذا الخطأ القانوني، وقد أصدرت المحكمة الإتحادية قرارها المكون من خمس صفحات برد الشكوى في 14/4/2010، ومحتجّة بأن المهام المذكورة في المادة 93 من الدستور هي من إختصاصها، لأن تعبير المهام الوارد في المادة 1 من قانونها جاء بشكل مطلق بقولها تنشأ محكمة تسمى المحكمة الاتحادية العليا ويكون مقرها في بغداد تمارس مهامها بشكل مستقل لا سلطان عليها لغير القانون.)، ولم يحدد المهام التي ذكرت في المادة 4 من قانون المحكمة التي تنص على أن (تتولى الحكمة الإتحادية العليا المهام التالية) وكإنما هذه المهام قد وردت على سبيل المثال لا الحصر، قائلة: “ولو أراد المشرع حصرها لقال المهام النصوص عليها في هذا القانون”. وهنا أسأل المحكمة هل كان مشرع قانون المحكمة اتحادية العليا لعام 2005 يقصد مهاماً أخرى غير تلك الواردة في هذا القانون؟ أو أنه كان يقصد المهام الواردة في قانون آخر؟ لعمري إنه أسخف تفسير قانوني سمعته طيلة حياتي القانونية التي تمتد لأكثر من أربعين عاما. وتناست المحكمة الإتحادية العليا المذكورة أن المادة 44 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية التي تعد الأساس القانوني الذي قامت عليه المحكمة وفقا لإرادة سلطة الإحتلال الأمريكي قد أشارت إلى إختصاصها (الحصري الأصيل) في أكثر من موضع.
وهي بالتأكيد ليست ذات المحكمة الإتحادية التي نصَّ عيها دستور العراق الدائم لعام 2005 في المواد (52و92و93و94و97) من الدستور، وإلا لما كان هناك مبرر لتقديم مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا في 09/8/2014، والذي لم يصدر لحد الآن.
المبحث الثاني: أهم ما جاء بقرار (حكم) المحكمة
المصادقة على قرار مجلس النواب في جلسته المؤرخة 6/6/2018، في معظمه.
المصادقة على إجراء العَد والفرز اليدوي بالنسبة للصناديق المطعون بتزويرها.
ردت المحكمة الطعن بقرار مجلس القضاء الأعلى بإنتداب (9) قضاة للحلول محل أعضاء المفوضية مستندة إلى أن مهام القضاة المنتدبين ستنتهي عند مصادقة المحكمة الإتحادية على نتائج الانتخابات، وإن ذلك وأن لم يرد في المادة (49) من قانن التنظيم القضائي رقم 160 لعام 1979، إلاّ أن ذلك يعد تعديلا للمادة المذكورة وإضافة لمهمة جديدة إلى مهام القاضي، وغضافة مكان جديد لم يكن من بين الأماكن التي نصّت عليه المادة (5) من القانون المذكور.
إقرار عدم الحاجة إلى مصادقة رئيس الجمهورية والنشر في الجريدة الرسمية لقرار التعديل الثالث لقانون الإنتخاب، إستنادا للمادة 129 من الدستور والتي تنص على (تنشر القوانين في الجريدة الرسمية، ويعمل بها من تاريخ نشرها، مالم ينص على خلاف ذلك.). وبذلك ظهر رئيس الجمهورية ومستشاريه الكثيرين وفريقه القانوني جاهل قانونا وغير مطلع على الدستور بشكل دقيق.
وكما طعنت المحكمة في ضعف فريق الرئيس قانونيا ودستوريا، فإنها أشارت أيضا إلى عدم دقة الفريق القانوني للمدعي الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث أشار في لائحة الدعوى المقدمة للمحكمة برقم (106/إتحادية/2018) إلى قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات رقم 54 لسنة 2018، وصححت المحكمة ذلك بقولها (والمقصود 2013).
عدم المصادقة على قرار إلغاء تصويت الخارج والنازحين والبيشمركة بشكل كامل، وإنا الإقتصار على تدقيق الصناديق المطعون فيها فقط، تلافيا لهدر أصوات الناخبين ومصادرة إرادتهم.
عدم إستثناء أصوات الأقليات المشمولة بنظام الكوتا من الإلغاء ومعاملتها معاملة الأصوات الأخرى في حالة وجود مخالفات بشأنها مما تيطلب إلغاءها وفقا للأدلة المتحصلة بذلك، وإستنادا لنتائج التحقيق في الشكاوى المرفوعة بشأنها. ولكنها إعتبرت أن المادة (7) من قانون البرلمان القاضي بجعل العراق دائرة إنتخابية واحدة للمكون المسيحي وبتنظيم سجل إنتخابي خاص بهم، إعتبرتها مسألة تنظيمية لا تخالف أحكام الدستور.
إعتبار التزوير في الانتخابات جريمة خاضعة لقانون العقوبات العراقي النافذ في المواد التي تنص وتعاقب على جريمة التزوير في المادتين 286 و 287 من القانون المذكور. في حين أن هذه الجريمة تكررت تماما في كل الانتخابات التي جرت في العراق بعد عام 2003، وهي للأعوام 2005، 2010، 2014، وأخيراً 2018، ولم يُشر اليها سابقا بهذا الوضوح القانوني.
وافقت المحكمة على قرار مجلس النواب المتعلق بوقف عمل المفوضية المستقلة للإنتخابات وإعتبرته إجراء إحترازي موقوت (مؤقت) بإنتهاء إجراءات التحقيق الذي تجريه الجهات المختصة في الوقائع التي تنسب إلى المفوضية بحكم خضوعها لرقابة مجلس النواب وفق المادة 61/سابعا من الدستور.
أهم سلبيات القرار: –
إن جريمة التزوير غير ثابتة مهما كانت الدلائل وأدلة الإثبات ما لم يصدر بها حكم قضائي، ولم تحدد المحكمة أدلة الإثبات في مثل هذه الجرائم، ويمكن الركون إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإثبات النافذ رقم 107 لعام 1979، وهو قانون قديم مضى على صدوره 39 عاماً. وأدلة الإثبات فيه قاصرة على بعض الوسائل التقليدية، كالدليل الكتابي أو السند، والإقرار والإستجواب والشهادة واليمين والخبرة، وما إلى ذلك. في الوقت الذي شهد العالم ثورة تكنولوجية غيرت وجه العالم، وأوجدت أدلة إثبات جديدة إلكترونية، مثل مقاطع الفيديو والصور عالية التقنية، وإثباتات الأجهزة التكنولوجية، والإشارات الإلكترونية وغيرها. كما يبدو أن المحكمة لا تأخذ بالقرائن التي تدل على جريمة التزوير مثل حرق صناديق الإقتراع. في حين إن المحكمة الإتحادية قد طورت نظام تبليغاتها القضائية وفقا للتطور التكنولوجي، حيث نصت في مادة 21 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا لعام 2005، على أنه:
“يجوز للمحكمة الاتحادية العليا إجراء التبليغات في مجال اختصاصها بوساطة البريد الإلكتروني والفاكس والتلكس إضافة لوسائل التبليغ الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية.”
أن ألعَد والفَرز اليدوي يجب أن يقتصر على الصناديق المشكوك فيها، والتي يثبت فيها التزوير. وهنا تثور مسألة أي الصناديق هي محل شك، وأخيرا أرتأي بأن الصنايق التي قدمت للهيئة القضائية للإنتخابات شكاوى ضدها.
إن الأصوات التي لا يتطرق اليها الشك بالتزوير تعتبر صحيحة وكافية لإقرار صحة نتائج الانتخابات مهما كانت قليلة، ومهما تدنت نسبة المشاركة فيها، فالمحكمة لم تخض في نسبة الأصوات الصحيحة التي تعتبر فيها الانتخابات باطلة نظرا لقلة المشاركة فيها. وهي نسبة قد تصل إلى 5% أو أقل، وهي نسبة لم تشهدها أي انتخابات في العالم، ولا يمكن القبول بها في أي انتخابات حتى في حالة خلو القانون من تحديد نسبة معينة، لتعارضها مع جوهر النظام الإنتخابي وروحه.
القت المحكمة الإتحادية الكرة في ملعب هيئة تدقيق الطعون الانتخابية في إبطال الأصوات المطعون فيها في حالة ثبوت التزوير، وكان من الأولى أن تعطي هذا الحق لصاحبة الإختصاص وهي محاكم الدرجة الأولى من محاكم الجنايات المنتشرة في كل العراق، وهي الأجدر قانونا بذلك، والأكثر كفاءة في تحديدها، والأسرع في حسمها. كما لم تتجرأ المحكمة على القول بإحالة المزورين إلى القضاء لينالوا عقابهم العادل والمنصوص عليه قانونا، مراعية بذلك ضعف تطبيق القانون على الأحزاب السياسية. وهو أمر بات معروفا على جميع الأصعدة بغياب القانون وعدم سيادته على مصادر القوة والقرار في العراق.
لم تتطرق المحكمة إلى جريمة حرق صناديق الإقتراع في مخازن الرصافة، وهي أكبر نسبة تصويت في عموم العراق، لا سيما وإنها قرينة دالة على جريمة التزوير، وإن تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية لم يصدر بعد، ومن المؤمل صدوره خلال يومين وفقا لتصريح رئيس اللجنة، والذي أشار إلى أنه سيتضمن حقائق مثيرة عن الجهات السياسية التي قامت بالحرق للتغطية على جريمة التزوير. على الرغم من أن رئيس اللجنة التائب عادل نوري، كان في مقدمة الحاضرين للإستماع لقرار المحكمة المذكورة.
رفضت المحكمة طلب وكيل المدعي بإصدار الأمر الولائي الخاص بوقف الإجراءات القانونية المتخذة من مجلس القضاء الأعلى، وهو إجراء متفرع عن الدعوى الأصلية. حيث نصت المادة (151) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل على ما يلي: –
(لمن له حق في الاستحصال على امر من المحكمة للقيام بتصرف معين بموجب القانون إن يطلب من المحكمة المختصة إصدار هذا الأمر في حالة الاستعجال بعريضة يقدمها إلى الحاكم المختص وتقدم هذه العريضة من نسختين مشتملة على وقائع الطلب وأسانيده ويرفق بها ما يعززها من المستندات).

و “الأمر الولائى”، هو نمط من القرارات التي يجوز للقضاء اتخاذها في قضايا مستعجلة، ويغلب على هذه القرارات الصفة الإدارية أكثر من الصفة القضائية، فهو قرار وقتي يصدره القاضي في الأحوال المنصوص عليها في القانون في أمر مستعجل بناءا على طلب يقدم إليه من أحد الخصوم، ولا يشترط في إصداره مواجهة الخصم الآخر.
في حين إنها أصدرت هذا الأمر في قضية الإستفتاء الكردي، حيث أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، اعلى سلطة قضائية في العراق، وبناءً على طلب رئيس الوزراء، الاثنين “أمراً ولائياً” برقم 94/إتحادية/2017 بتاريخ 17/9/2017 بإيقاف الاستفتاء المرتقب حول استقلال إقليم كردستان في 25 أيلول/سبتمبر الحالي، حيث نصّ على أنه، وبعد المداولة ولتوفر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات، أصدرت المحكمة أمراً ولائياً بإيقاف إجراءات الاستفتاء المنوي إجراؤه بتاريخ 25 أيلول 2017، بموجب الأمر الرئاسي المرقم (106) في 8 حزيران 2017 الصادر عن رئاسة الإقليم الكردي لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور”.

إن فقه قانون المرافعات أشار إلى أن الأمر الولائي ليس بحكم قضائي فاصل في الدعوى وإنما هو من الأعمال القضائية التي تباشرها المحكمة عرضا عند النظر في أصل الدعوى من جهة الموضوع وتكون هذه الأوامر القضائية أقرب إلى أعمال الإدارة القضائية للدعوى. لأن الأمر الولائي هو مجرد إجراء إداري بوقف بعض التصرفات لتجنب الإضرار بحقوق طالب الأمر الولائي وحماية حقوقه وحفظها لحين البت في الدعوى الأصلية، وفي حالة عدم وجود مثل هذه الدعوى فإن الأمر الولائي يسقط تباعاً.
لم تتطرق المحكمة إطلاقا إلى موضوع مهم وهو نسبة التصويت، ولم تبين رأيها في عدم تحديد نسبة معينة للمشاركة في الانتخابات، في قانون الإنتخاب والقوانين ذات الصلة، ولم تُشِر لا من قريب أو بعيد إلى ماهية النسبة المقبولة في الانتخابات والتي يمكن إعتبار الانتخابات غير مصادق عليها عند عدم توافر تلك النسبة، على الرغم من أن تصريحات رسمية عديدة أشارت إلى أنها أقل من 20%، وأن أغلبية الشعب العراقي قد قاطع هذه الانتخابات بنسبة تصل إلى 80% أو أكثر. وكنّا نتمنى على المحكمة أن تخوض في ذلك، لتبرر قرارها في المصادقة على الانتخابات من عدمه.
تأثير القرار على نتائج الإنتخابات وتداعياته: –
مما لا شَّك فيه أن لقرار المحكمة الإتحادية المذكور تداعيات كبيرة، في مقدمتها:
أنها ستغير نتائج الانتخابات. وسيصبح بعض الفائزون خاسرين وبالعكس.
إنه إنتصر للسلطة التشريعية (البرلمان) وللسلطة التنفيذية (رئيس الوزراء)، بإعتبار المحكمة أعلى هيئة قضائية ممثلة للسلطة القضائية في العراق. فوافقت على قرارات البرلمان، وساندت رئيس الوزراء تجاه خصومه.
أنها فتحت الباب لصراع مسلح تقوده ميليشيات تنتمي لأحزاب وتيارات سياسية كانت قد وجدت أن فوزها قد بات مؤكدا.
إنها ألمحت إلى قبولها لنتائج الانتخابات وذهابها للمصادقة عليها في أكثر الإحتمالات.
إنها فتحت الباب على مصراعيه لإلغاء نتائج الانتخابات وعدم المصادقة عليها، وربما إعادة الانتخابات بعد مدة ستة أشهر.
إنها أقرت إستمرار سلطات الدولة الثلاث على الرغم من إنتهاء مددها وفقا لنصوص دستورية صريحة وواضحة. كالبرلمان الذي ستنتهي مهلته بعد عشرة أيام في الحادي من شهر تموز/يونيو القادم، إستناداً للمادة (56/أولا) من الدستور. وكذلك إعتبار السلطة التنفيذية (الحكومة) حكومة تصريف أعمال بعد إنتهاء مدتها الدستورية والبالغة أربع سنوات.
تلميح ضمني إلى الذهاب لحكومة طوارئ عند تعذر إستمرار حكومة تصريف الأعمال بعد مدة ستة أشهر.
الإستنتاجات: –
إستنتاجان يبرزان من ثنايا هذا القرار لا ثالث لهما، فإما أن تصادق المحكمة الإتحادية على نتائج الانتخابات رغم هزالتها وعدم الثقة بنتائجها، والإقرار الضمني بوجود حالات تزوير كثيرة طمست معالمها، أو أن ترفض المصادقة عليها، وتفسح المجال لإعادة الانتخابات لاحقاً.
وعلى الرغم من أن هذين الإستنتاجين أحلاهما مُر. فانهما سيقودان إلى حاتين هما: –
حكومة هزيلة تتشكل رغم الصعوبات والعراقيل، ولن تحظى بفرصة الإستمرار وإكمال مدة دورتها البالغة 4 سنوات. ناهيك عن إنها ستكون مثار شك غالبية الشعب العراقي، وستكون فاقدة للشرعية، كما إنها من المؤكد ستتعثر في مسيرتها ولن تصمد لأشهر معدودة.
حكومة طوارئ تتولى على عاتقها تصحيح الأوضاع العامة في البلاد، وتؤمن سلامة الموطنين وتمنع قيام حرب أهلية، وتحجم الميليشيات مستندة على الدعم الدولي وفي مقدمته الدعم الأمريكي المتواجد في العراق، وهذا أفضل الحلول، حيث أن تغيير الوضع السياسي في العراق بات ضرورة حتمية بعد أن وصلت الأمور المتدهورة إلى نهايتها.
أن أقصى ما يمكن أن نستشفه من قرار المحكمة من الناحية السياسية هو أن المحكمة الإتحادية العليا ما زالت ملتزمة بتعهدها في خدمة الولايات المتحدة التي انشأتها زمن الاحتلال، وأنها اليوم تريده أن تقف إلى جانب التغيير الذي تسعى إليه لسياستها في العراق تلافيا للفشل الكبير الذي أصابها لا سيّما وهي راعية هذه العملية السياسة وعرّابها، وقد قررت الوقوف إلى جانب المكون السني الذي يمثّله رئيس البرلمان سليم الجبوري، بعد أن وقفت طيلة السنوات الماضية مع المكون الشيعي المدعوم من إيران لتمرير سياستها في تدمير العراق، وإنها وقفت مع المالكي أمين عام حزب الدعوة الإسلامي ومنحته الولاية الثانية وفقا لقرارها 25/اتحادية/2010 الصادر في 25/3/2010 بموجب تفسيرها لمفهوم (الكتلة النيابية الأكثر عددا) المنصوص عليه في المادة (76/ أولاً) من الدستور على (يكلّف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية)، بقولها ” إن تطبيق أحكام المادة (76) من الدستور يأتي بعد انعقاد مجلس النواب بدورته الجديدة “، وأضاف المتحدث باسم المحكمة لاحقا في 23 يونيو 2018 “وهي الكتلة التي تتكون من نواب في تجمع معين يعلن عنه في مجلس النواب، وأن إرادة المشرع الدستوري لم تكن متجهة إلى منح القائمة الانتخابية حق تشكيل الحكومة بمجرد فوزها عددياً في الانتخابات، ولو أراد ذلك لنص عليه صراحة” وبذلك إستبعدت كتلة أياد علاوي الفائزة ومنحتها إلى نوري المالكي. وقد رأينا كيف إن المحكمة قد ردّت مذكرة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، ورئيس الحزب الإسلامي وممثل المكون السّني في العراق عام 2010، قبل هروبه إلى تركيا بعد أن لاحقته دعاوى قضائية تتهمه بالإرهاب. وأعلن استقالته من منصب نائب رئيس جمهورية العراق بتاريخ 30 ديسمبر 2013 “إستنكارا لسياسات المالكي” كما ذكر في كتاب إستقالته.
وفي رأينا، إن معطيات المحكمة تتجه لترجيح إلغاء هذه الانتخابات بعد ثبوت حالات التزوير، لا سيّما وأن نسبة المشاركة فيها كانت متدنية جداً ولم تتجاوز 20%، وهي أقل نسبة انتخابات في العالم، وقد قاطعها معظم الشعب العراقي لعدم إيمانه بجدوى الإنتخابات في ظل نظام سياسي فاسد، والدعوة لإنتخابات جديدة خلال ستة أشهر لعد جملة من الإصلاحات الانتخابية التي ستطال قانون الانتخابات والنظام الإنتخابي المعروف ب (سانت ليغو) وتغيير مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وفسح المجال لإعلان حكومة طوارئ مع عدم التمديد لمجلس النواب دون حصول أي فراغ دستوري كما يشاع.