يأس العراقيون من اصدار قانون العفو العام الذي انتظروه طويلا منذ الولاية الثانية لحكومة السيد نوري المالكي وطيلة الفترة الحالبة لحكوة السيد العبادي ولا ضوء يلوح في الأفق سوى ما يتشدق به السياسيون في حواراتهم وما يتناوله البرلمانيون في اعتراضاتهم لتشذيب مواده وتحريف غايته الأنسانية لتقليل عدد المشمولبن من الأبرياء في مضمونه و التي طال انتظار العراقيين لاصداره لرفع المعاناة عن ابنائهم المغيبين في السجون والمعتقلات المتهمين بارتكاب انواع الجرائم وتعرضهم لشتى انواع التعذيب والأساليب القاسية لتأكيد ادانتهم علما ان هذا القانون يعتبر الركيزة الأساسية ومفتاح اجراءات المصالحة الوطنية التي لا تتحقق عبر المؤتمرات التي يتبارى بها المشاركون في فن الخطابة وتبقى مقرراتها وهمية لا ترجى منها فائدة فان المصالحة الحقيقية ينبغي ان تتم عبر جملة من الأجراءات الفورية من بينها اطلاق سراح المتهمين الأبرياء وعودة النازحين الى ديارهم في مدنهم وقصباتهم المحررة في مختلف المدن العراقية واعادة بناء المدن وتوفير فرص العمل والتخلص من الطائفية والتحرر من المحاصصة المقيتة وبناء دولة المواطنة الحقيقية وسيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد اضافة الى مجموعة من التشريعات التي طال انتظارها ولا بد من الاشارة ان الاستمرار بعقد المؤتمرات دون جدوى أو طائل تصيب المواطنين باليأس والأحباط من الأصلاح الحقيقي والنهوض من حالة الفشل التي تعاني منها جميع مفاصل الدولة وعليه فان الوضع السياسي والأمني التي تمر به البلاد والغضب الجماهيري الذي يتصاعد مع ارتفاع درجات الحرارة مع غياب الخدمات وانخفاض الرواتب يتطلب من الكتل السياسية ان تتخذ خطوات شجاعة لأصلاح حقيقي في منظومة الدولة قبل فوات الاوان واعطاء السيد العبادي فرصة اصلاح الوضع السياسي وتشكيل حكومة التكنوقراط المقترحة دون تعويقه ووضع العصي امام دواليبه والسماح له لتأكيد حيثيات موقفه في الاصلاح لا ان ترغمه لأتباع خياراتهم المشوهة اما الألتزام بآلية المحاصصة أو الرحيل وهذا المنطق المنحرف يرفضة جميع العراقيين فان هذه الصيغة وما يرتبط بها من منظومة سياسية متحكمة بجميع مفاصل الدولة الشكلية والعملية السياسية منتهية الصلاحية هي في اساس ما تعرض له العراق الجديد وفشل بناء تجربة دولة وطنية مدنية ديمقراطية تضع في اعتبارها الأول المواطنة الحرة والخيار المفتوح للتطور السياسي والاجتماعي والأقتصادي الا ان الغاء المحاصصة واصدار قانون العفو العام هو الكفيل بأعادة العافية الى العراق وضخ الامل المبدد في نفوس العراقيين الا اننا واثقون ان جميع القوى السياسية وقادتها ليسوا في وارد انجاح هذه العملية وان قانون العفو العام يمهد لمشاركة جمبع ابناء الشعب في عملية البناء والتطوير دون التشكك والتعرض لوطنيتهم والرغبة بأقصائهم والحط من مكانتهم واضعاف ادوارهم وهذا دلبل على احترام الآخر والقبول به ومن ثم التقييم الموضوعي للفعاليات السياسية والاجتماعية وتنوع تعبيراتها والتفاعل مع الاختلاف كأحد تجليات التنوع والتعددية والأنتقال من المحاصصة الطائفية الى مشارف منظومة سياسية عابرة للطائفية وقيمها والمضي في تشكيل حكومة الكفاءات بشكل حقيقي دقيق دون العودة الى الكتل السياسية التي تحرص على عودة كوادرها الفاسدة متدنية الكفاءة واستنهاض العراق واخراجه من كبوته وازماته و اكيد ان السيد العبادي يسعى للحصول على مخرج وهو عارف ان صيغة الحكم الراهن ليست مخرجا شرط ان يكون قادرا على تفكيك منظومة العلاقات التي تحيط به وتتحكم بقراراته وعليه ان يستخدم صلاحياته بتجاوز الصيغ المعرقلة وتصفية المواقع المحاصصية من اسفل سلالم الدولة قبل الشروع بالتعديل الوزاري وان يكون على بينة من ان مواقف الجميع لا تمس ولو بالحدود الدنيا جوهر المنظومة في امرار الأصلاح وان اسبقية الاعمال في ذلك تمرير قانون العفو العام وعدم المماطلة في التصويت عليه لكونه قد أثار كثيرا من الجدل بين الكتل النيابية وخصوصا بين ائتلاف دولة القانون والتيار الصدري وذلك لمطالبة دولة القانون بتعديل بعض فقرات القانون التي تحدد الفئات التي يشملها القانون من عدمها علما علمنا ان اللجنة القانونية قد انهت القراءة الاولى له ولكن لم يصوت عليه بعد كل الجدالات والمناقشات المكثفة بعد ان اصبحت التوافقات عليه واضحة وغالبا ما نسمع ان البرلمان سيصوت عليه الا انه يحال الى الجلسات القادمة وهذا القانون وغيره من القوانين المهمة يتطلب المصادقة عليها ضمن الفترة المتبقية من عمر البرلمان وقد تشكلت لذلك عدد من اللجان الفرعية ضمن اللجنة القانونية لمتابعة وانهاء جميع الملاحظات الخاصة بالقانون من قبل الكتل السياسية واعطاء المواعيد المزيفة لعرضه على التصويت دون جدوى اضافة الى تدخلات مجلس القضاء الاعلى لمراجعة المشمولين باحكام المادة (٤) ارهاب ومن المؤمل ان يقوم البرلمان بعرض مقترح مراجعة احكام الارهاب على رؤساء الكتل السياسية واعطاء مقترحاتهم بصدده علما اجريت على القانون عدد من الاستثناءات بلغت ،(١٦) تم تقليصها بعدها الى (١٠) لتشمل مجموعة من السجناء الابرياء وليس اصدار قانون العفو حالة غريبة فهو معمول به بالعديد من دول العالم المتحضرة التي تحترم شعوبها لاصلاح اوضاعها السياسية واعادتهم الى حاضنة الدولة للاستفادة من طاقاتها حيث اصدر ملك الاردن قانونا للعفو العام باستثناء بعض الحالات التي ينص عليها الدستور الأردني وقد شمل العفو جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والافعال الجرمية وحددها بفترة زمنية معينة سواء صدرت بها احكام من المحاكم العامة او الخاصة بمختلف انواعها او لم يفصل بها وما تزال منظورة امامها او أمام سائر جهات النيابة العامة بحيث تزول حالة الأتهام اساسا واسقاط كل دعوى جزائية وعقوبة اصلية كانت او فرعية بما في ذلك رسوم المحاكم الجزائبة فاين العراق من تلك الدول ونحن احوج لاصلاح ذات بيننا و السيد العبادى اعلم بما دار بينه وبين كتل التحالف الوطني خلال اجتماعهم السابق وهو القادر على تجاوز المعوقات المقصودة وغير المقصودة والمضي قدما في مسيرة الاصلاح وعدم الانسياق وراء رغبات الكتل المثبطة للاصلاح وتشكيل حكومة الكفاءات الجديدة دون اشراك أي من منتسبي الكتل السابقين لانهم يمتازون بالفساد وقلة الكفاءة