19 ديسمبر، 2024 1:13 ص

حبيب القاتل ونصير المقتول

حبيب القاتل ونصير المقتول

ثلاثة أخبار قطرية تجدد فينا الدوخة بشأن هذه الدوحة.  الأول هو فشل رجب طيب أردوغان في فرض قطر على مؤتمر برلين الخاص بليبيا، والرفض القاطع من قبل ألمانيا والمبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة لدعوتها، في حين حضرت دولة الإمارت العربية المتحدة، ونشطت، ونجحت مع مصرفي إحداث تقدم مهم في توجهات المؤتمر.

ليس هذا وحسب، بل إن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول أوربا الرئيسية الفاعلة الحقيقية في المؤتمر قد تعهدت بمنع إرسال مقاتلين وأسلحة (تركية طبعا) إلى ليبيا، وبمعاقبة الدولة التي لن تتوقف عن التدخل في الحالة الليبية، (قطر طبعا)، تسليحا أو تمويلا.  

والحقيقة أن خسارة أردوغان في مؤتمر برلين ليست سياسية وعسكرية فقط، بل هي خسارة مالية أيضا. فسقوط مشروعه الليبي المعتمِد كليا على التمويل القطري لشحنات الأسلحة وضباط المخابرات التركية، والمرتزقة السوريين، يعني أن خزانته المنهكة لن تستفيد من أطنان الأموال القطرية التي كان سيحصل عليها ولا ينفق منها على حكومة السراج والمليشيات والمرتزقة إلا ربعها أو أقل.

كما أنها، من ناحية أخرى، فضيحة مجلجلة للشيخ تميم الذي كان يظن أن أمواله التي ينفقها في ليبيا سوف تجعله لاعبا مهما في تقرير المستقبل الليبي لن يستطيع أحد تجريده من سطوته، ذات يوم.

والخبر الثاني بشقين، الشق الأول عن التبرع (الأخوي) القطري لإيران بمبالغ تعويضات الطائرة الأوكرانية المقصوفة عمدا بصاروخين.

وشقه الثاني مبادرة تميم إلى الاتصال برئيس جمهورية إيران حسن روحاني فور سماعه بمقتل قاسم سليمانيللتعزية ولتجديد التضامن، حسب إعلان الرئاسة الإيرانية ذاتها.

وهنا يكمن العجب العجاب. فكيف يستطيع حاكم في بقعةٍ ضائعة على الخارطة هي كلُها قاعدة أمريكية على أن يكون حبيب القاتل دونالد ترمب، وحليف المقتول قاسم سليماني، ونصير أهله وأتباعه المنادين بالثأر لدمه من كل أمريكي، وإن طال الزمن؟

أما الخبر الثالث فهو إقامة المصور الصحافي الأميركي، ماثيو شراير، دعوى قضائية ضد بنك قطر الإسلامي لتمويله جبهة النصرة، الموالية لتنظيم القاعدة، والتياختطفته في سوريا عام 2012، بينما كان يحاول عبور الحدود إلى تركيا.

يقول ماثيو الذي احتجز 211 يوماً قبل أن يتمكن من الهرب، إن بنك قطر الإسلامي جمع تبرعات لخاطفيه. وفي حديث لقناة فوكس نيوز الأميركية، وصف الممولين بأنهم “يؤيدون هتلر ويوسف القرضاوي”.

وقال إن بنك قطر الإسلامي سمح للمواطن القطري، سعد الكعبي، باستخدام حساباته للحصول على أموال من أجل “نصرة أهل الشام”.

إذن هذه هي قطر التي تَغرف من عوائد الغاز أطنانا من الدولارات ولا تنفقها على دعم الدول العربية الفقيرة بإقامة المستشفيات والجامعات والمصانع والبناء والإعمار، بل فقط على شبكات التخريب والقتل والحرق والتعدذيب والاغتيال في عشرات الدول ومئات المدن المنكوبة بها وبأموالها في الشرق الأوسط والعالم، وهي عقيدتها وسياساتها المعلنة الثابتة منذ زمن طويل.

فكيف تكون خافية على أجهزة مخابرات الدول الكبرى، وخاصة على السي آي أي الأمريكية التي تقرأ الممحيّ؟.

ثم أيُّ سرٍ وراء سكوت الأميركيين عن العلاقات الحميمية الحديدية بين قطر وبين أنظمة حكمٍ وتنظيمات وأحزاب ومليشيات يُفترض أنها عدوتهم التي يقاتلونها بالعقوبات الاقتصادية وسياسات الخنق السياسي والعسكري، دون هوادة؟.

ثم كيف تكون هذه السياسات والعلاقات بردا وسلاما على الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي عودت العالم على عدم صبرها على من يتحالف مع أعدائها ولو بكلام الجرائد والإذاعات والفضائيات؟،  رغم أن تحركات قطر وأفعالها ليست كلامية، بل هي مليارات تحولها من حساباتها بالدولار الأمريكي في أمريكا إلى إيران وتركيا ومنهما إلى  بؤر الإرهاب؟.

والأغرب من الغريب، والأعجب من العجيب عن دولة قطر أنها، رغم كل هذه الأنشطة (الجهادية) المخلة بالأمن والسلمالدولييْن، والمخالِفة لقرارات الأمم المتحدة كلها، مدللةٌ ليس لدى ترامب وحده، بل كانت مدللةً أيضا لدى باراك أوباما، وقبله لدى بوش الإبن، وهو أمرٌ لا يحتاج إلى قرائن وبراهين.

ثم كيف لا يكون مؤلما للجمهوريين خصوصا، ولترمب شخصيا، أن يجاهر تميم بعلاقاته المالية والعسكرية والسياسية والثقافية والتجارية مع الولي الفقيه، ومع رئيس جمهوريته حسن روحاني، ومع رجب طيب أردوغان، ويوسف القرضاوي، وقادة الإخوان المسلمين، وميليشيات هادي العامري ونوري المالكي وقيس الخزعلي، وحسن نصرالله، وإخوان غزة، والحوثيين، والميليشيات الليبية التي تقاتل جنبا لجنب مع تنظيم داعش الليبي، ومع كل من يكره أميركا، ويعلن أن واجبه الديني والدنيوي هو سفك دماء جنودها وضباطها ومواطنيها العاديين، تقربا إلى الله ورسوله والمؤمنين؟.

فإذا كان الأمريكيون والأوربيون الذين دوخوا الدنيا بالحديث عن الحرية والسلام وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله لا يريدون أن يفعلوا شيئا لمعاقبة هذه القطر فلماذا، والحالة هذه، لا تقتدي بالمصور الصحفي الأمريكي، ماثيو شراير، الآلافُ من أسر الشهداء والمخطوفين والجرحى والمهجرين  والمتضررين بجرائم الريال القطري في سوريا ومصروليبيا وفلسطين والعراق ولبنان والأحواز العراقية والاسكندرون السورية، وفي أوربا وأمريكا، والهند والسند، فتقيم الدعاوى القضائية مطالِبةً بمحاكمة تميم وكبار أعوانه ومستشاريهبتهم القتل والحرق والاختطاف والاغتيال ونشر الإرهابوتمويل الإرهابيين، والتستر عليهم، ومنحهم الأمن والأمان؟. 

القاتل ونصير المقتول

إبراهيم الزبيدي

ثلاثة أخبار قطرية تجدد فينا الدوخة بشأن هذه الدوحة.  الأول هو فشل رجب طيب أردوغان في فرض قطر على مؤتمر برلين الخاص بليبيا، والرفض القاطع من قبل ألمانيا والمبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة لدعوتها، في حين حضرت دولة الإمارت العربية المتحدة، ونشطت، ونجحت مع مصرفي إحداث تقدم مهم في توجهات المؤتمر.

ليس هذا وحسب، بل إن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول أوربا الرئيسية الفاعلة الحقيقية في المؤتمر قد تعهدت بمنع إرسال مقاتلين وأسلحة (تركية طبعا) إلى ليبيا، وبمعاقبة الدولة التي لن تتوقف عن التدخل في الحالة الليبية، (قطر طبعا)، تسليحا أو تمويلا.  

والحقيقة أن خسارة أردوغان في مؤتمر برلين ليست سياسية وعسكرية فقط، بل هي خسارة مالية أيضا. فسقوط مشروعه الليبي المعتمِد كليا على التمويل القطري لشحنات الأسلحة وضباط المخابرات التركية، والمرتزقة السوريين، يعني أن خزانته المنهكة لن تستفيد من أطنان الأموال القطرية التي كان سيحصل عليها ولا ينفق منها على حكومة السراج والمليشيات والمرتزقة إلا ربعها أو أقل.

كما أنها، من ناحية أخرى، فضيحة مجلجلة للشيخ تميم الذي كان يظن أن أمواله التي ينفقها في ليبيا سوف تجعله لاعبا مهما في تقرير المستقبل الليبي لن يستطيع أحد تجريده من سطوته، ذات يوم.

والخبر الثاني بشقين، الشق الأول عن التبرع (الأخوي) القطري لإيران بمبالغ تعويضات الطائرة الأوكرانية المقصوفة عمدا بصاروخين.

وشقه الثاني مبادرة تميم إلى الاتصال برئيس جمهورية إيران حسن روحاني فور سماعه بمقتل قاسم سليمانيللتعزية ولتجديد التضامن، حسب إعلان الرئاسة الإيرانية ذاتها.

وهنا يكمن العجب العجاب. فكيف يستطيع حاكم في بقعةٍ ضائعة على الخارطة هي كلُها قاعدة أمريكية على أن يكون حبيب القاتل دونالد ترمب، وحليف المقتول قاسم سليماني، ونصير أهله وأتباعه المنادين بالثأر لدمه من كل أمريكي، وإن طال الزمن؟

أما الخبر الثالث فهو إقامة المصور الصحافي الأميركي، ماثيو شراير، دعوى قضائية ضد بنك قطر الإسلامي لتمويله جبهة النصرة، الموالية لتنظيم القاعدة، والتياختطفته في سوريا عام 2012، بينما كان يحاول عبور الحدود إلى تركيا.

يقول ماثيو الذي احتجز 211 يوماً قبل أن يتمكن من الهرب، إن بنك قطر الإسلامي جمع تبرعات لخاطفيه. وفي حديث لقناة فوكس نيوز الأميركية، وصف الممولين بأنهم “يؤيدون هتلر ويوسف القرضاوي”.

وقال إن بنك قطر الإسلامي سمح للمواطن القطري، سعد الكعبي، باستخدام حساباته للحصول على أموال من أجل “نصرة أهل الشام”.

إذن هذه هي قطر التي تَغرف من عوائد الغاز أطنانا من الدولارات ولا تنفقها على دعم الدول العربية الفقيرة بإقامة المستشفيات والجامعات والمصانع والبناء والإعمار، بل فقط على شبكات التخريب والقتل والحرق والتعدذيب والاغتيال في عشرات الدول ومئات المدن المنكوبة بها وبأموالها في الشرق الأوسط والعالم، وهي عقيدتها وسياساتها المعلنة الثابتة منذ زمن طويل.

فكيف تكون خافية على أجهزة مخابرات الدول الكبرى، وخاصة على السي آي أي الأمريكية التي تقرأ الممحيّ؟.

ثم أيُّ سرٍ وراء سكوت الأميركيين عن العلاقات الحميمية الحديدية بين قطر وبين أنظمة حكمٍ وتنظيمات وأحزاب ومليشيات يُفترض أنها عدوتهم التي يقاتلونها بالعقوبات الاقتصادية وسياسات الخنق السياسي والعسكري، دون هوادة؟.

ثم كيف تكون هذه السياسات والعلاقات بردا وسلاما على الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي عودت العالم على عدم صبرها على من يتحالف مع أعدائها ولو بكلام الجرائد والإذاعات والفضائيات؟،  رغم أن تحركات قطر وأفعالها ليست كلامية، بل هي مليارات تحولها من حساباتها بالدولار الأمريكي في أمريكا إلى إيران وتركيا ومنهما إلى  بؤر الإرهاب؟.

والأغرب من الغريب، والأعجب من العجيب عن دولة قطر أنها، رغم كل هذه الأنشطة (الجهادية) المخلة بالأمن والسلمالدولييْن، والمخالِفة لقرارات الأمم المتحدة كلها، مدللةٌ ليس لدى ترامب وحده، بل كانت مدللةً أيضا لدى باراك أوباما، وقبله لدى بوش الإبن، وهو أمرٌ لا يحتاج إلى قرائن وبراهين.

ثم كيف لا يكون مؤلما للجمهوريين خصوصا، ولترمب شخصيا، أن يجاهر تميم بعلاقاته المالية والعسكرية والسياسية والثقافية والتجارية مع الولي الفقيه، ومع رئيس جمهوريته حسن روحاني، ومع رجب طيب أردوغان، ويوسف القرضاوي، وقادة الإخوان المسلمين، وميليشيات هادي العامري ونوري المالكي وقيس الخزعلي، وحسن نصرالله، وإخوان غزة، والحوثيين، والميليشيات الليبية التي تقاتل جنبا لجنب مع تنظيم داعش الليبي، ومع كل من يكره أميركا، ويعلن أن واجبه الديني والدنيوي هو سفك دماء جنودها وضباطها ومواطنيها العاديين، تقربا إلى الله ورسوله والمؤمنين؟.

فإذا كان الأمريكيون والأوربيون الذين دوخوا الدنيا بالحديث عن الحرية والسلام وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله لا يريدون أن يفعلوا شيئا لمعاقبة هذه القطر فلماذا، والحالة هذه، لا تقتدي بالمصور الصحفي الأمريكي، ماثيو شراير، الآلافُ من أسر الشهداء والمخطوفين والجرحى والمهجرين  والمتضررين بجرائم الريال القطري في سوريا ومصروليبيا وفلسطين والعراق ولبنان والأحواز العراقية والاسكندرون السورية، وفي أوربا وأمريكا، والهند والسند، فتقيم الدعاوى القضائية مطالِبةً بمحاكمة تميم وكبار أعوانه ومستشاريهبتهم القتل والحرق والاختطاف والاغتيال ونشر الإرهابوتمويل الإرهابيين، والتستر عليهم، ومنحهم الأمن والأمان؟.