23 ديسمبر، 2024 6:28 ص

حبيبتي.. العمل جارٍ على قدمٍ وساق

حبيبتي.. العمل جارٍ على قدمٍ وساق

يتذكر كثير من العراقيين الذين جاوزت أعمارهم الأربعين سنة، أحداث مسلسل “الأماني الضالة” الذي كان يعرضه تلفزيون العراق في ثمانينيات القرن الماضي، من بين مشاهد هذا المسلسل مشهد جمع بين الراحل عبد الجبار كاظم الذي عرف بتلقائيته وأريحيته في التمثيل، والذي ظهر بدور الغشاش المخادع، وبين الممثلة هناء محمد التي ظهرت مشوهة الوجه تعاني عقدة نفسية وتبحث لها عن زوج، فوجدت في طريقها شخصا لعوبا تمكن من تشخيص وضعها فأوهما بالزواج منها، لكنه لا يستطيع أن يتقدم لخطبتها الآن لأنه وضعه المادي لا يسمح وهو بحاجة إلى المال الكافي ليحقق حلم حياته ويبني المصنع الذي يحلم به، وقتها سيتقدم لخطبتها، ولأن “الهبلة” مستعجلة، بدأت تقدم له ما بحوزتها من أموال نقدية ومصوغات ذهبية، واتفقا على أن يبني المصنع لصالحها، فذهب ولم يكلف نفسه حتى بالجلوس معها، فقط يأخذ منها “المقسوم” ويذهب بحجة أنه يسابق الزمن ولا بد أن يستثمر كل دقيقة لبناء المصنع.

طبعا صاحبنا لا يبني مصنع ولا يستثمر أموال، وإنما يأخذ منها المال ويذهب إلى الملهى الليلي الذي تعود ارتياده، يشرب الخمر ويراقص النساء ويلعب القمار، وحتى يطمئنها أعطاها رقم هاتف الملهى وقال لها هذا رقم المصنع إذا كان هناك طارئ أو توفر لديك مبلغ اتصلي، وبعد أن “لعب الفار بعبها” اتصلت ذات ليلة على رقم الهاتف فرد عليها شخص وطلبت حبيبها المزعوم، فجاءها من وسط الأجواء الصاخبة، فتعجبت مما سمعت وسألته ما هذه الأصوات؟ فقال لها هذه أصوات العمال وحماستهم في العمل، فقالت له إلى أين وصلت في بناء مصنعي وهل انتهيت منه؟ فقال لها بكل استرخاء وهو ينظر إلى الراقصين في الملهى: “حبيبتي … العمل جاري على قدم وساق”.

هل يعلم العراقيون أنهم في موضع أسوأ من موضع هذه الفتاة؟ هل يعلمون أنهم باسم العراق الجديد والديمقراطية و”انتخبوا القوي الأمين” و”الشمعة” و”دولة القانون” و”الأيادي النظيفة” و”الكفاءات” و”الوطنية” و”معا نبني العراق” و”المواطن” و”لن نغفر لمن ظلمكم” و”المراجع العظام” سلموا بلدهم وكل ثرواتهم وما يملكون بيد من هو أسوأ من هذا النصاب؟ أتدرون أن كل هذه الشعارات لم تكن ذلك المصنع الذي وعدت به تلك الفتاة وهي ليست أكثر من الملهى الليلي الذي تنفق فيه أموالكم، للأسف تظاهراتكم اليوم لن تكون أكثر من تلك المكاملة الهاتفية التي جرت بين هناء محمد وعبد الجبار كاظم، فالعبادي رئيس الوزراء الذي اتصلتم به من خلال المظاهرات وطالبتموه بالقضاء على الفساد هو رأس سلطة الفساد وباقي أفراد العصابة هم شركائه، وعندما تقرؤون أو تسمعون تصريحا بين يوم وآخر يقول “العبادي يؤكد مضيه بالإصلاحات في العراق” فهو يمثل عليكم، كما كان عبد الجبار كاظم يمثل على هناء محمد ويقول لها “حبيبتي العمل جاري على قدم وساق” مع فارق بسيط وهو إن تمثيل عبد الجبار كاظم تلقاه المشاهد وقبله لأن الرجل رحمه الله كان عفويا خفيف الظل، أما العبادي فتمثيله سمج كعمليته السياسية.

صححوا أخطائكم وطالبوا برحيل الفساد ورموزه، الذي جلبتموه لأنفسكم باسم الانتخابات، فكل من صادفتم بعد احتلال العراق من سياسيين وميليشياتهم لصوص محتالون.