كما كان متوقعا لبرلمان العار أسامة النجيفي الذي أنهى الدورة الانتخابية من دون إقرار الموازنة العامة للبلد خلافا للدستور العراقي , فها هو يتعّمد مجددا في إفشال جلسة البرلمان التي دعى إليها رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية بالوكالة , لإعلان حالة الطوارئ في البلد على خلفية التطورات والتداعيات التي نجمت عن سيطرة داعش على مدينة الموصل وبعض مدن الغرب العراقي , والشعب العراقي يعلم جيدا لماذا قاطعت كتل التحالف الكردستاني ومتحدّون والعراقية , هذه الجلسة ومنعت إعلان حالة الطوارئ في البلد , فهذه الكتل الثلاث هي بالأساس شريكة مع داعش في تقويض الأمن والتمّرد على النظام القائم , وهي التي كانت تنكر على الدوام وجود داعش وتدعوا إلى سحب الجيش من المدن , فمصالح الانفصاليين الأكراد في تقسيم الوطن العراقي وتفتيته , قد التقت مع مصالح أيتام البعث المجرم من بقايا الحرس الجمهوري وفدائي صدّام وأجهزته الأمنية والمخابراتية السابقة , لتنتج ما يسّمى اليوم بداعش , فداعش هم البعثيون الذين لبسوا ثوب السلفية الجهادية من ابناء سنّة العراق في مدن الغرب العراقي .
والدستور العراقي لم يتطرق نهائيا لحالة تعرّض البلد لعدوان خارجي أو لتمّرد أوعصيان داخلي يهدد الأمن ويسقط النظام القائم في حالة انقضاء الدورة البرلمانية , وإنما تناول فقط في المادة 61 تاسعا من الدستور , هذه الحالات في ظل انعقاد دورة البرلمان , وفي هذه الحالة لا يوجد أمام الحكومة سوى طريقين لا ثالث لهما , الأول العمل بموجب قوانين الطوارئ السابقة وقانون مكافحة الإرهاب , أو تجميد الدستور وإيقاف العمل به انطلاقا من قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وتقدّر بقدرها , وربّما تكون القوانين السابقة لا تفي بالغرض لإيقاف مثل هذا التمرد والعصيان الذي يهدد ويقوّض السلامة والأمن الوطنيين , فيصبح في مثل هذه الحالة إيقاف العمل بالدستور ضروريا بل واجبا تتطلبه المصلحة الوطنية العليا في الحفاظ على السلامة والأمن الوطنيين , كما إنّ سلامة الوطن وأمنه تتطلبان إعلان الأحكام العرفية في عموم محافظات العراق عدا إقليم كردستان المنفصل , والضرب بيد من حديد للإرهاب والبعث المجرم ولكل من يقف معهم ويساندهم , واستغلال فترة الطوارئ هذه لتصفية الحساب بشكل حقيقي مع بقايا خنازير البعث المجرم الذين تحوّلو إلى داعش , فلا يمكن بعد الآن ان يقبل من أي أحد أن يكون في النهار مع الحكومة وفي الليل مع البعث وداعش .
إنّ التطورات والأحداث المؤلمة التي رافقت سقوط مدينة الموصل وبعض مدن الغرب العراقي بيد داعش والبعث المجرم , قد كشفت أمورا غاية في الخطورة , وأهم هذه الأمور هو تغلغل البعث الصدّامي في مدن الغرب العراقي وتعاونه الكامل مع الإرهاب الدوّلي المتمّثل بالقاعدة والمنظمات السلفية الجهادية , وما يجري اليوم في مدن الغرب العراقي , هو انتفاضة بعثية سلفية مدعومة من قبل السعودية وقطر وتركيا لإسقاط النظام في العراق , فمن واجب الحكومة كونها حكومة شرعية تتمتع بكامل الصلاحيات , استثمار الدعم الدولي والأممي للحكومة في حربها ضد الإرهاب وداعش , في إنزال أقسى وأشد الضربات بالبعث والإرهاب وحواضنهم في مدن الغرب العراقي , وكذلك إنزال أقسى العقوبات بالسياسيين الذين كانوا غطاءا للبعث المجرم وداعش في البرلمان والحكومة والجيش والأجهزة الأمنية الذين تسللوا إلى هذه الأجهزة الأمنية من خلال العملية السياسية القائمة على اساس المحاصصات الطائفية والقومية , وقانون الدمج سيئ الصيت , فالحرب مع البعث وداعش هي أمّا أن يكون العراق أو لا يكون , فمن أراد العراق وأحبه فعليه أن يكون مع الحكومة , ومن أراد عودة البعث المجرم فعليه أن يصطّف مع أعداء الحكومة , فقد حانت ساعة تصفية الحساب .