23 ديسمبر، 2024 11:12 ص

حان الوقت لإنهاء مسألة المفقودين

حان الوقت لإنهاء مسألة المفقودين

لا يفتقر التاريخ الكردي إلى المآسي و كثير منها نتجت بسبب قوى خارجية و ظروف تفوق إمكانيات الشعب الكردي. بعض هذه المآسي كانت نتاجا ذاتيا و أحدثها الحرب الأهلية الكردية 1994 – 1997. بعد ثلاث سنوات من جهود بناء حكومة الإقليم و سد الفراغ الذي أحدثه انسحاب الدعم الحكومي في عهد صدام حسين. أدى الخلاف بين الاتحاد الوطني الكردستاني و الحزب الديمقراطي الكردستاني حول السلطة و الريع المالي للإقليم إلى نشوب الحرب الأهلية. كثيرون ماتوا على جبهات القتال و كلا الحزبين، الاتحاد و الديمقراطي الكردستاني طردا أنصار الفريق الآخر من المناطق التي يسيطر عليها. إنتهت المآساة عام 1997 ليتجرع أهالي الضحايا مصابهم و يداووا جراحهم و يبدأوا حياتهم من جديد. لكن ل 3000 عائلة فإن المأساة لا نهاية لها. آباء و إخوة و أبناء هذه العوائل اختفوا دون أن يعرفوا أي شيء عن مصيرهم لدى معتقلات الحزبين. طوال السنوات اللاحقة رغم تصالح الحزبين إلا أن مصير الضحايا بقي مجهولا بسبب تواطؤ قيادات الحزبين.
  إصابة رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني و رئيس الجمهورية جلال طالباني بجلطة دماغية و طول غيابه عن كردستان تزامن مع ضعف أداء الاتحاد الوطني في الانتخابات المحلية ما شكّل ضغطا على الاتحاد لاختيار قيادة جديدة. مسار هذه العملية لم يكن أبدا بالسهل. هنالك ثلاث فصائل مهمة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني: هيرو إبراهيم أحمد زوجة الطالباني. رئيس الوزراء السابق [في حكومة الاتحاد الوطني] كوسرت رسول الذي يحظى بدعم كبير من البيشمركَة و الهوليريين [سكان أربيل]. و الرجل الذي يحظى بتعليم غربي رئيس الوراء السابق برهم صالح. في الأسابيع الأخيرة سعت الحكومة الإيرانية لمساعدة الاتحاد الوطني لتجاوز هذا المازق. في الوقت الذي أدى فيه تأخر انعقاد المؤتمر العام للاتحاد الوطني كحجر عثرة أمام تنصيب قيادة جديدة للاتحاد, على ما يبدو فإن برهم صالح سيكون الأمين العام المقبل للاتحاد مع قباد جلال طالباني و درباز كوسرت رسول كنائبين.
بدلا من التركيز على سياسة الفصائل فإن على الأكراد، سواء دعم الاتحاد الوطني أو لم يدعم، الاحتفاء بتنصيب قيادات شابة جديدة. لأن برهم صالح كان غائبا طوال الحرب الأهلية [الكردية – الكردية] و لأنه لم يتواطأ أو يتورط في الجرائم التي ارتكبت في تلك السنوات الصعبة. كذلك هو قباد طالباني الذي كان عمره 17 عاما حينما بدأ الصراع. كذلك درباز كوسرت رسول هو نتاج لما بعد تلك المرحلة. إذا كان برهم صالح و نوابه حقا يسعون لنهج الإصلاح فعليهم حل مشكلة المفقودين و عوائل الضحايا تستحق أن تنال خاتمة للمسألة. لا برهم صالح و لا نائباه بقادرين على إجبار الديمقراطي الكردستاني [جماعة البارزاني] على انتهاج شفافية كهذه و لا قيادة الديمقراطي الكردستاني المتحجرة تريد فتح هذه الملفات، على الاتحاد الوطني الكردستاني أن لا يحذو حذو الديمقراطي الكردستاني. لو كان الاتحاد الوطني التزم بمبادئه في السنوات الأخيرة لما خسر هذه الخسائر الكبيرة لصالح حركة التغيير [كَوران].
ليس من الواقعية أن نوجد مسآلة في كردستان اليوم لجرائم حدثت في السنوات الماضية. لكن ليس بالكثير أن نطالب بمعرفة الحقيقة و المصالحة، كما حصل في جنوب أفريقيا بعد انهاء نظام الفصل العنصري و كما حصل في المغرب بعد وفاة الملك الحسن الثاني. على الاتحاد الوطني أن يتطهر من أفعال الماضي و بعده ربما يشعر أعضاء الديمقراطي الكردستاني و من شارك في الحرب الأهلية الذين تقاعدوا أو انضموا لحركة التغيير بالضغط و يحذو حذوهم. قد يكون هذا هو الاختبار الحاسم للاتحاد الوطني الكردستاني الجديد و ما إذا كانت هذا الجيل من القيادات الجديدة ملتزمة بمسار التقدم و العدالة كما هم يعلنون.

ملاحظة المترجم “المقال نشر في 8 فبراير 2014 نترجمه لتعميم الفائدة”.