26 نوفمبر، 2024 10:11 ص
Search
Close this search box.

( حاميها حراميها ) هل ينطبق على الضربات الجوية لسوريا ؟

( حاميها حراميها ) هل ينطبق على الضربات الجوية لسوريا ؟

باشرت القوات الامريكية بالتعاون مع خمسة دول عربية بتنفيذ ضربات جوية لاهداف مفترضة على اماكن تواجد مايسمى تنظيم داعش في سوريا , وهذه الضربات لم تنفذ من قبل دول حلف شمال الاطلسي ( الناتو ) على وفق التحالف الدولي الجديد الذي تم الاتفاق عليه في باريس وحضرته 29 دولة واعلنت 40 دولة عن المشاركة فيه , وانما من قبل الولايات المتحدة والاردن والامارات والسعودية والبحرين وقطر بضوء اتفاقات لم يتم الاعلان عن تفاصيلها بعد , وقد تضمنت هذه الضربات غارات بالطيارات المقاتلة والمسيرة وصواريخ ارض ارض , ولا نعلم هل ان المشاركة العربية التي نفذت 37 طلعة تمت لاغراض تدريبية ام لاغراض قتالية بالفعل , فقد سبق لسلاح الجو الاماراتي والقطري وغيرهما قد قاموا بالمشاركة في ضرب اهداف داخل العراق في حروب 1991 و2003 ولكنها تمت بعد سريان وقف اطلاق النار وكان غرضها التدريب على الاهداف العراقية بعد انهيار الجيش في الحالتين, بمعنى انها تمت في حينها في ظل غياب منظومات الدفاع الجوي اما لانهيارها او لالتزامها بوقف اطلاق النار.

ومعلوم للجميع بعض ان الدول العربية ( الشقيقة ) التي شاركت بهذه الضربات قيل ان لها بصمات في الاحداث التي جرت في سوريا منذ اكثر من سنتين , فقد وصفت بانها داعمة للمعارضة بغض النظر عن مسمياتها واهداف الجهات المعارضة لانها تشترك معهم في هدف اسقاط نظام بشار الاسد كونه نظام طائفي ودكتاتوري ولا يوفر الحريات لمواطنيه , ويقال ان داعش وجبهة النصرة وهي من التنظيمات التي تصنف ضمن التنظيمات الارهابية قد ولدت ورضعت وترعرعت ومولت من قبل بعض الدول العربية التي تقوم محاربتها اليوم , اما لماذا تحول حلفاء الامس الى اعداء اليوم فانه يعود الى تعارض الاهداف لان داعش انقلب على مؤسسيه وداعميه عندما تبنى ( عقيدة ) يمكن ان تمتد الى اولياء الامر بعد ان توفرت له وسائل التمويل التي جعلته قادرا على الاعتماد على مسروقات النفط وما يغنمه من احتلال المناطق التي يتمدد عليها , كما ان الموقف الدولي المتخوف من دخول داعش والنصرة الى الداخل الامريكي والاوروبي جعل داعميه يخشون سريان العقوبات الدولية عليهم فتسارعوا لاثبات برائتهم منهم من خلال محاربتهم عسكريا من خلال الضربات الجوية اوباية وسائل اثبات .

اما الادارة الامريكية التي لم تستجيب لمطالبات وتوسلات المعارضة (المعتدلة) في دعمها عسكريا من خلال توجيه ضربات جوية لشل سلاح الطيران الجوي السوري , فقد تباطات كثيرا حتى في موضوع الدعم المادي والتسليح لها وهي اليوم تقود تلك الضربات لتحقيق هدفين اولهما اضعاف قدرات داعش وثانيهما تقوية المعارضة المعتدلة تمهيدا لاحداث ترتيبات لاحقة في سوريا استنادا الى مواقف النظام الحاكم لاحقا , فاذا اعلن بشار الاسد استعداده للتخلي عن تحالفه مع ايران والوقوف الى جانب التحالف الدولي سيكون هناك قرارا معينا اما اذا استمر في تحالفه مع ايران وحزب الله فلكل حادث حديث , ونذكر هنا بان الرئيس باراك اوباما ساله الصحفيون اثناء زيارته الاخيرة الى المملكة العربية السعودية لماذا لا تدعمون المعارضة السورية من خلال تنفيذ ضربات الى سوريا فاجاب : ان تدخلنا في العراق لم ياتي بالنتائج التي كنا نتمناها كما ان توجيه ضربات جوية في ليبيا قد انشا الفوضى هناك ونحن لا نريد تكرار التجربتين كما اننا لا نريد اية خسائر بالامريكيين , وهذه التوجهات هي التي زادت من قوة النظام السوري في مواجهة المعارضين وجعلته يستمرويفوز في الانتخابات بغض النظر عن ظروف تنفيذها .

وليس الغرض من هذا العرض هو احباط معنويات الجهود الدولية للقضاء على داعش وانما الاشارة الى الشجاعة في مواقف ( قطر , السعودية , البحرين , الامارات ) بخصوص التنظيمات الارهابية والقضاء عليها وتطهير المنطقة منها , فما دامت هذه الدول قد دخلت في معارك عسكرية فان من واجب الجميع ان يبحث عن كيفية نشوء داعش ومن قام بتمويله لانه ليس المهم احيانا ان نعالج النتيجة وانما البحث عن السبب , فحرب اشقائنا على داعش والبراءة من بعضهم وادانة افعاله في مواقف سابقة يعني ان هناك جهات اخرى هي من شجعت اقامة التنظيم وتقوم بتحريكه , وكما يقال فان التشخيص هو نصف العلاج وهو ما يعني بانه مهما قام التحالف باجراء عمليات عسكرية فانه سيعالج نصف المشكلة ويبقى النصف الاخر مجهول ما دام العالم لايعرف الاصل , وبمناسبة المشاركة العربية في الحملة فان واحدة من امنياتنا العربية هو ان يكون لجامعة الدول العربية دور في هذا الموضوع فصحيح انها عقدت اجتماعا لغرض التنديد بالعمليات الارهابية ولكنها لم يكن لها دورا لتنفيذ مثل هذه العمليات ومن المؤكد انها قد علمت بها من خلال وسائل الاعلام .

وفي كل الاحوال نتمنى للجهود العربية والدولية ان تنقذ العرب والعالم من كافة اشكال الارهاب سواء في سوريا او العراق او في اي مكان في العالم , ولكن محاربة الارهاب قد يتطلب اكثر من الضربات الجوية من خلال التواجد على الارض لغرض المطاردة لان فقدان القدرات العسكرية للارهاب من الدبابات والمدفعية وغيرها سيضطرها للاحتماء بالسكان وهو ما سيتطلب المطاردة لتحرير الاض مترا مترا , واذا ما حصل هذا ( مثلا ) في العراق ( لاسامح الله ) واضطر الامر الى تواجد المتحالفين الى جانب العراقيين لخوض معارك تطهير فهل سيكون اشقائنا العرب الى جانبنا في تلك المعارك ( المفترضة ) وهل سيكون تواجد جميعهم مرغوب فيه في ضوء الاوضاع الاقليمية والدولية السائدة , قد يقول البعض ماهو المانع من تواجدهم وهم اشقائنا ونتشارك معهم في العديد من الروابط المقدسة من القومية والتاريخ واللغة والدين والمصير المشترك وغيرها من الدروس التي تعلمناها في الابتدائية والمتوسطة , وهو صحيح عدا ما يتعلق من امكانية انطباق المثل الشعبي الدارج ( حاميها حراميها ) .

أحدث المقالات