7 أبريل، 2024 8:00 م
Search
Close this search box.

حالمون ومكبلون بالحقيقة  !

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو يتم دراسة أحلام العراقيين الجمعية ستكون بلا شك أكثر الأحلام غرابة وبساطة بل وقد تصل حد السذاجة مقارنة بأحلام شعوب الأرض التي تطمح برؤية مستقبل متجدد العطاء فيه مسرات وامتيازات تفوق الخيال وفيه اختراعات تصل الى كل البيوت ومكتشفات تزيد الأعمار وتقضي على أنواع الأمراض المستعصية
لكن اغلب العراقيين اختاروا ان لا يسرفوا بأحلامهم حد المستحيل وتوقفوا على الحاجات الأساسية مقتنعين بالحد الأدنى في كل شيء ابتدءا من التيار الكهربائي إلى الوظيفة الدائمة ذات الدخل المحدود استمرارا حتى الاكتفاء بسياسيين يحترمون الشعب ولا يكررون مسلسل الخداع اليومية بحقهم كانت ولا زالت أحلامهم مرهونة بحماقات الغير ومكبلة بحقيقة سلطة الزعامات المتورمة غرورا والمترفعة عن الإنصات لرغباتهم  لا يختلف الأمر كثيرا بين مرحلتين الأولى تجسدت بفرد مهووس بالحروب والانتقام وعشق المعارك تتجذر في شخصيته جنون الاستحواذ والتفرد باتخاذ القرارات الانفعالية التي قادت البلاد إلى الهاوية
وأنهت أعمار أجيال من الشباب في متاهات الموت المجاني في حروب خاسرة ورهانات خاسرة ومقايضات خاسرة أما المرحلة الثانية فيبدو إنها الوريثة الحتمية لثقافة التسلط والتفرد وإقصاء الغير ومواجهة أحلام البسطاء بإعلان سلطة الرابحين باعتبارهم الأجدر والأكثر تفوقا ويبقى الحالمون يجترون حلم التغير الحقيقي بانتظار قطار قادم من المجهول يأتيهم بحكماء يعرفون قيم الأديان وتعاليم السماء ورحمة الضمير  لكن كل ذلك مكبل بحقيقة مفادها إن الزعامات في بلادنا محكومة بقوانين الغاب يترفع فيه الحاكم عن معرفة سعادات المحكوم بل يتنصل معارض الأمس عن تعهدات الماضي مكتفيا بإشهار سيوف الانتقام بوجه كل المختلفين متخذا منهم اعداءا فقط لأنهم لا يحسنون التصفيق والقبول بثوابته ومعتقداته وتظل أحلام أبناء الرافدين أسيرة توجهات وأوهام من أمسى بلا مقدمات موضوعية صاحب القرار واللاعب بأقدار الناس مستمدا شريعته من فوضى النزاعات وهيمنة الخارج على مقدرات الداخل في كابوس مخيف من الإحداث التي تعصف بمراكب أحزاب تلوح بإغراق السفينة بكل ما فيها إذ ما قدر لها أن تخسر معارك استملاك السلطة ورغم كل  ذلك التباري  من قبل أحزاب الربح السريع للفوز بالنصيب الأكبر من مكاسب دولة المغانم لم تزل هناك ثمة فرصة للحلم حتى وان كان أفق التحقيق ملبد بحقائق تفرضها وقائع الإحداث اليومية إلى تنبه لبروز جماعات (تتشاطر) في سعيها لوئد الجمال وتقترب من الله في مخططات قتل روح الأمل في نفوس أدمنت الانكسار والتشبث بحبال الخلاص لكن الأجدر بالحالمين اليوم أن يعاودوا قراءة التاريخ الذي يحمل بين طياته صورا لأمجاد صنعتها الشعوب من رحم الأحلام القادرة على التغير والأجدر بالحالمين  أن لا يستسلموا لثوابت الحاضر باعتبارها مسلمات والأجدر بالحالمين أن يغادروا مناطق الاختلاف نحو منارات اللقاء الفسيحة والممهدة للتوحد .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب