17 نوفمبر، 2024 8:41 م
Search
Close this search box.

حالمون ومكبلون بالحقيقة  !

حالمون ومكبلون بالحقيقة  !

لو يتم دراسة أحلام العراقيين الجمعية ستكون بلا شك أكثر الأحلام غرابة وبساطة بل وقد تصل حد السذاجة مقارنة بأحلام شعوب الأرض التي تطمح برؤية مستقبل متجدد العطاء فيه مسرات وامتيازات تفوق الخيال وفيه اختراعات تصل الى كل البيوت ومكتشفات تزيد الأعمار وتقضي على أنواع الأمراض المستعصية
لكن اغلب العراقيين اختاروا ان لا يسرفوا بأحلامهم حد المستحيل وتوقفوا على الحاجات الأساسية مقتنعين بالحد الأدنى في كل شيء ابتدءا من التيار الكهربائي إلى الوظيفة الدائمة ذات الدخل المحدود استمرارا حتى الاكتفاء بسياسيين يحترمون الشعب ولا يكررون مسلسل الخداع اليومية بحقهم كانت ولا زالت أحلامهم مرهونة بحماقات الغير ومكبلة بحقيقة سلطة الزعامات المتورمة غرورا والمترفعة عن الإنصات لرغباتهم  لا يختلف الأمر كثيرا بين مرحلتين الأولى تجسدت بفرد مهووس بالحروب والانتقام وعشق المعارك تتجذر في شخصيته جنون الاستحواذ والتفرد باتخاذ القرارات الانفعالية التي قادت البلاد إلى الهاوية
وأنهت أعمار أجيال من الشباب في متاهات الموت المجاني في حروب خاسرة ورهانات خاسرة ومقايضات خاسرة أما المرحلة الثانية فيبدو إنها الوريثة الحتمية لثقافة التسلط والتفرد وإقصاء الغير ومواجهة أحلام البسطاء بإعلان سلطة الرابحين باعتبارهم الأجدر والأكثر تفوقا ويبقى الحالمون يجترون حلم التغير الحقيقي بانتظار قطار قادم من المجهول يأتيهم بحكماء يعرفون قيم الأديان وتعاليم السماء ورحمة الضمير  لكن كل ذلك مكبل بحقيقة مفادها إن الزعامات في بلادنا محكومة بقوانين الغاب يترفع فيه الحاكم عن معرفة سعادات المحكوم بل يتنصل معارض الأمس عن تعهدات الماضي مكتفيا بإشهار سيوف الانتقام بوجه كل المختلفين متخذا منهم اعداءا فقط لأنهم لا يحسنون التصفيق والقبول بثوابته ومعتقداته وتظل أحلام أبناء الرافدين أسيرة توجهات وأوهام من أمسى بلا مقدمات موضوعية صاحب القرار واللاعب بأقدار الناس مستمدا شريعته من فوضى النزاعات وهيمنة الخارج على مقدرات الداخل في كابوس مخيف من الإحداث التي تعصف بمراكب أحزاب تلوح بإغراق السفينة بكل ما فيها إذ ما قدر لها أن تخسر معارك استملاك السلطة ورغم كل  ذلك التباري  من قبل أحزاب الربح السريع للفوز بالنصيب الأكبر من مكاسب دولة المغانم لم تزل هناك ثمة فرصة للحلم حتى وان كان أفق التحقيق ملبد بحقائق تفرضها وقائع الإحداث اليومية إلى تنبه لبروز جماعات (تتشاطر) في سعيها لوئد الجمال وتقترب من الله في مخططات قتل روح الأمل في نفوس أدمنت الانكسار والتشبث بحبال الخلاص لكن الأجدر بالحالمين اليوم أن يعاودوا قراءة التاريخ الذي يحمل بين طياته صورا لأمجاد صنعتها الشعوب من رحم الأحلام القادرة على التغير والأجدر بالحالمين  أن لا يستسلموا لثوابت الحاضر باعتبارها مسلمات والأجدر بالحالمين أن يغادروا مناطق الاختلاف نحو منارات اللقاء الفسيحة والممهدة للتوحد .

أحدث المقالات