18 ديسمبر، 2024 8:01 م

حاكمية القران والعروبة

حاكمية القران والعروبة

في الخطاب العربي المعاصر هناك غياب لمشروع يريد ان يقاوم خروج العرب من التاريخ…. كل التاريخ الى خط اخر معاكس يريد ان يكون موجود في خط صناعة الابداع الفردي والنهضة المجتمعية وهذا ما هو مفقود في خطاب من هم مستثقفين او ادعياء للثقافة وحملة الشهادات الفارغة من التأثير.
هؤلاء الذي لا نراقب لهم الا مقابلات كلامية لا يفهمها أحد !؟ ضمن خطاب طلاسمي لا يعرف محتواه حتى الجن !؟ ولا نشاهد غير تلك الطلاسمية السحرية الا طباعة كتب ضمن نفس المحتوى والاغلب الاعم منها تنطلق من قراءات المستشرقين لتاريخنا العربي والإسلامي وهي قراءات “مؤامرة” او قراءات دس السم في العسل اذا صح التعبير و من هم ساقطين حضاريا امام “الغرب الاستعماري” ومن هم يريدون العيش ك “مقلدين” له او اتباع بغبغائيين لديه ينطلقون من تلك القراءات التأمرية المشوهة اما عمالة او من باب السذاجة الفكرية و استهلاك ما يتم تقديمه لهم من أفكار المستشرقين.

رغم انه من المفروض انه يوجد لدينا “نظام قيم” يصنع لنا شخصيتنا ووجودنا وهو الحماية الذاتية لنا من اي “غريب” “خارجي” يريد ان يدمر ما لدينا من “نظام قيم” وهذه ليست دعوة للانغلاق او الحصار الذاتي او التكلس او التقوقع بل هي للحفاظ على خصوصيتنا القومية العربية والدينية امام الاخر , لنكون “ذات” تحاور “ذات” أخرى و “عقل” يتناقش مع “عقل” مختلف , و تجربة تشارك الاخر.

وهذه الثنائية القومية العربية والدينية هي اساس وقاعدة لنا نواجه بها مشاريع الاخرين السياسية والاقتصادية والاجتماعية ضدنا وهي كذلك قاعدة للحوار الثقافي والتفاعل مع ثقافات الآخرين وثبات القاعدة واساسياتها هو ما يمنع “الفوضى الفكرية” ويحافظ على الهدف الاساسي لنظام قيمنا وهو صناعة انسان عربي خالق للأبداع الفردي ومجتمع حضاري تنموي حقيقي.

ان استيراد طقوس دينية لمجتمعات حضارية صنعت واقعها التنموي “علمانيا” إذا صح التعبير لن يجعل منا نحن “العرب’ حضاريين وتنمويين نفسهم بل نحن بهذا التقليد الاعمى سنكون “قشريين” نمارس ما ليس لنا وما لا ننتمي إليه وما هو ليس ضمن واقعنا العربي.

ان الاطراف الفاقدة لأي مشروع تحت أي يافطة تزعمها إسلامية قومية يسارية فوضوية… الخ هي تلتقط جدليات “هل انت مع؟” او “هل انت ضد؟” لصناعة محاور الفراغ الكلامي و تضييع الوقت في اللاشيء , وايضا الدخول في صراعات اعلامية أو جدلية وربطها بمصطلحات فخمة باللفظ ولكنها فارغة في المضمون ك “التنوير” او “الحداثة” او “العصرية” وهي مصطلحات فخامة اذا صح التعبير يستخدمها من يعيش “سقوط ثقافي” امام الاخر البعيد عنا والغير منتمي الينا والذي لا نعرفه ولا يعرفنا وليس له علاقة او ارتباط مع قاعدة القيم الخاصة بنا.

الحضارة الحقيقية ليست في ممارسة “طقوس” الاخر وعاداته وسلوكه بل الحضارة هي ان ننطلق من نظام قيمنا نحن لصناعة الفرد والمجتمع بما يصنع التنمية الاجتماعية والاقتصادية ويحافظ على الامن الذاتي.

اما الفذلكات الكلامية ومصطلحات الفخامة هي لأدعياء الثقافة والمستثقفين الذين لا يصنعون الا جدليات تتكرر كل سنة ولا تنفع أحد الا بما يخدم التسلية والكلام من أجل الكلام.

من ناحية اخرى يتم ابعاد “حاكمية القران الكريم” وحركية النصوص التطبيقية على واقعنا المعاصر الحالي من خلال دراسة ظروف التنزيل وتاريخها وأيضا علاقتها بما نستطيع ان ننفذه منها على ارض الواقع الحالي.

ان “حاكمية مهمة” علينا كمسلمين وك “عرب” يتم تغيبها في مقابل تقديس ما هو ليس مقدس وما هو ضد “حاكمية القران الكريم” واول تلك الأمور هي المذاهب الدينية والطوائف والتي تمثل حاليا جماعات دينية مغلقة متكلسة متوارثة تخالف نصوص واضحة للقران الكريم تلعن وترفض تقسيم الدين الإسلامي الرسالة الكاملة المقدسة للبشرية وأيضا ترفض “حاكمية” القران الكريم تسمية تقسيمية مخالفة للمسلمين.

وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ

سورة الحج اية 78

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ
الشورى ايه 13
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
ال عمران اية 103
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ
سورة الصف اية 4
ان صناعة المشروع النهضوي العربي يتطلب مجهود في التفكير و التخطيط و العمل في خط وراثة ادم و هذا هو التكليف الشرعي والقومي , و لكن ما يحصل الان هو بعيد عن حاكمية القران و عن نظام قيمنا ومن يؤسس لنا “الشخصية” امام الاخرين.
اما العروبة فهي واقع نعيشه في ظل تقسيم استعماري وهي موجودة قبل هذا التقسيم واستمرت كشعور و كانتماء بعيد عن عنصرية الذات الدموية العشائرية لأنها قومية “لغة” و قومية “ارض” و “حضارة” و “دين” و “عادات و تقاليد” , رغم ان هناك مشروع دولي معادي لكل ما هو عربي “مستقل ” عن التأثير الغربي الاستعماري التأمري و بعيد عن النظام الربوي الطاغوتي الذي يريد و لا زال يهدف الى السيطرة و هو للأسف الشديد لا زال المسيطر و المهيمن و الحاكم على الواقع العربي الخارج من صناعة أي تأثير على التاريخ و البعيد عن التنمية الحقيقية و صناعة ابداع الفرد و نهضة المجتمع , و بعيدا عن مشاريع “الاستقلال” و “الحرية الحقيقية” كما هي موجودة عند اخرين في العالم يريدون الخروج عن سطوة و تسلط النظام الربوي الطاغوتي العالمي الممثل في حلف الناتو و هو الأداة العسكرية الأمنية الضارية لمجمل هذا النظام الطاغوتي.

هناك عروبة ضد العروبة!؟ كما هناك اسلام ضد الإسلام !؟ وهنا يأتي دور النباهة والوعي والقدرة على صناعة حالة تفكير لدى الفرد العربي وعند المجتمع العربي كذلك لكي يتم تحقيق حالة من الذكاء المجتمعي المنطلق من اهتمام الفرد والمجتمع في حركة واحدة تريد الاستقلال وصناعة نهضة عربية جديدة ذات مشروع وذات اهداف وصاحبة شعارات وخطط تطبيقية على ارض الواقع لكي نعود ك عرب ومسلمين الى دورنا المفقود منذ غيابنا عن التغطية.

د.عادل رضا
طبيب باطنية وغدد صماء وسكرى
كاتب كويتي في الشئون العربية والاسلامية