23 ديسمبر، 2024 10:00 ص

حاكموه: فالعراق يختنق دماً

حاكموه: فالعراق يختنق دماً

بعد عام 2003 تمت محاكمة أعضاء النظام السابق, بعد حقبة حكم أختنقت سنواتها بالدم, وظن الشعب العراقي أنه دخل مرحلة جديدة, سيحظى فيها ربما بشيء من الأمان, الا أن أحلام أبناء الرافدين سرعان ما سُحقت, تحت أقدام سكان الخضراء والمطالبين بالخدمة الجهادية, وجلادين جدد, أدخلوا البلاد في دوامات جديدة من جحيم ودم.

سرعان ما أمتدت أيادي المتصارعين على الكرسي لتأخذ نصيبها من أعمار ودماء العراقيين, فمن يوم دامي ألى آخر أكثر دموية, حتى أزدحمت السرادق في شوارعنا وصار الموت من أصحاب الدار, فهو لم يعد ضيفاً, يزور العراقيين بين الفينة والأخرى, بل أصبح جزء لا يتجزأ من يومياتهم, وذلك كان الواقع الأمني.

أما الواقع الاقتصادي فلم يكن أفضل من الواقع الأمني, بل هو وجه آخر للموت, لكن بشكل بطيء, موت لعزة النفس, وأراقة ماء الوجه, و أمتهان كرامة الأنسان, فما الذي بقي ليتيم ترك مقاعد الدراسة مجبرا, بعد أن أعدم شركاء الخراب أيام طفولته على مقصلة العمر؟ فغزا الشيب قلبه, وتحول ألى كهل يلفظ أنفاسه الأخيرة , في كل يوم يبحث فيه عن رغيف العيش, لأسرة وجد نفسه معيلا لها بين ليلة وضحاها, وما الذي بقي لأرملة تستجدي العطف من المارة لتعيل صغارها؟

أحلام الخريجين هي الأخرى عُلقت على المشانق, في وطن أصبح العيش فيه حكرا على اللصوص, فكم من خريج وقف حائرا على أعتاب الحياة؟, يحلم بأن يرد المعروف لوالديه, وسرعان ما ذهبت أحلامه أدراج الرياح, فوجد نفسه مجبرا على العمل أما في تنظيف الشوارع! أو أصبح أحد رواد المقاهي الدائمين.

ماذا عن عيون أبيضت ؟ وهي تبحث عن قميص يوسف, عسى أن يرد أليها النور لتبصرمن جديد؟, ماذا عن قلوب مزقها الأنتظار؟ ماذا عن أرواح أعياها الألم والجزع وهي تبحث عن وجوه الأحبة؟ ماذا عن منتهى أمل بالعثور على جثة عزيز لبناء قبر وقراءة سورة الفاتحة, ماذا عن سبايكر ؟ ماذا عن أمهات وأباء وأبناء الشهداء؟ ماذا عن وطن تحول لبركة دم؟

لقد شرع الباري وجلا وعلا قانون واضح وصريح, كوضوح الشمس في كبد السماء, للقصاص من المفسدين والطغاة, فقد جاء في قوله تعالى(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) سورة البقرة 179.

لو أراد الشعب العراقي محاكمة المفسدين فقط على كارثة أجتياح الدواعش أرض العراق لعلق مشنقة لكل خائن, في كل شارع من شوارع العراق, فكيف سيكون الحال لو فتحت ملفات منذ عام 2003 ولغاية اليوم؟

ما الذي ينتظره القضاء لمحاكمة صناع الموت؟ ومافيات الفساد التي نخرت مفاصل الدولة؟ ما الذي ينتظره القضاء لمحاكمة مزوري الانتخابات؟ و مزوري الشهادات الجامعية؟ ما الذي ينتظره القضاء لمحاكمة المتسببين بانهيار المؤسسة العسكرية؟ ومالذي ينتظره القضاء لأنصاف ذوي شهداء سبايكر؟ وما الذي ينتظره القضاء للقصاص من قتلة شعب العراقي, وإيقاف نزيف بلد يختنق دماً؟