الأيدي الآثمة التي اغتالت جانبا من فرحتنا وسرقة تلك الحافلات ، وهربتها الى بلدان مجاورة أو استدرجتها إلى ورش تتكتم على فساد الذمة والضمير وعلى نفوس خسيسة ليصبح مصير هذه الحافلات إلى ( التفصيخ ) ، اغتالت جانبا من سعادتنا اليومية ومحت ملمحا من ملامحنا التي نعتز بها جميعا التي كانت توصل شرايين مدينتنا الحبيبة بغداد . تعتبر حافلة نقل الركاب بلونها الأحمر الذي يميزها معلما من معالم مدينة بغداد ومدننا الأخرى . وفيما مضى كنت اسمع من كثير من المواطنين قصص عشقهم لهذا المارد الذي يجوب شوارعنا ويخترق مدينتنا وهو يحمل العشرات من المواطنين . فبعض كبار السن يعتبر التنقل بها نزهة توفر له المتعة والمرح والسرور والبعض يعتبرها واسطة النقل المفضلة لذوي الدخل المتواضع والبعض يتحدث عنها كما يتحدث عن أي فرد من أفراد أسرته ، ويسرد حكاية عشقه لامرأة التقى بها في الحافلة تطور إلى مشروع زواج وغيرها من الحكايات الجميلة . حافلات نقل الركاب كانت تغني حياتنا اليومية بالفائدة والمتعة وتغنينا عن ملابسات ركوب سيارات الأجرة الأخرى والمضايقات التي نتعرض لها من ارتفاع أجور النقل فيها والزحام في أوقات كثيرة ، ونهرب من هذه الوسائط إلى أحضان الحافلة لأنها تسع الجميع جلوسا ووقوفا .. حتى توصلنا إلى أماكننا بسلام . نحن في أتم الشوق والترقب لعودة هذه الحافلات بأساطيل حديثة لتبهج شوارعنا وتسعد أيامنا .ترى هل تلتفت وزارة النقل إلى غياب الحافلة وتفاجئنا بأسطول جديد تستورده وتنزله إلى شوارعنا ، بعدما أصبح ما تبقى من هذه الحافلات قديما مهلهلا لا يصلح للخدمة .