يعتقد بعضهم بأن المعركة ضد الفاسدين هي مجرد اصدار أوامر القاء قبض أو استدعاء آخرين إلى القضاء العراقي ومن ثم ايداعهم في السجون واطلاق سراحهم عن طريق شمولهم بالعفو بدفع جزء يسير مما اختلسوه أو أنها تصريحات عن طريق وسائل الإعلام واطلاق تهم من دون تحقيق نتائج على أرض الواقع.
ومنذ سنوات ونحن نسمع أن هناك حيتان للفساد لابد من اصطيادها و ديناصورات ملأت العراق لابد من قتلها وتحنيطها وتسليمها إلى المتحف الوطني العراقي كي تبقى محفوظة يتداول ابناء شعب الرافدين حكاياتها عبر الأجيال كما نحن اليوم نتداول قصص الطغاة الذين حكموا البلاد في مدد سابقة.
أن ثمة آليات واجراءات لابد من توافرها لكي تنجح عملية مكافحة الفساد وتتم عن طريقها مواجهة جيوشه التي جُندت للدفاع عن عروش ملوكهم، ومن هذه الاجراءات تشريع محكمة خاصة تنظر قضايا الفساد مع تشديد احكامها على الذين تثبت إدانتهم وعدم اطلاق سراحهم مالم يسددوا مابذتهم من أموال سواء للدولة أو للقطاع الخاص، مع مضاعفة تلك الأموال بما يتناسب والضرر الذي لحق بالدولة من جراء تعمد الاضراء في المال العام لأجل تحقيق الانتفاع الشخصي.
والاجراء الثاني هو الاسراع في تشريع قانون الكسب غير المشروع ومسائلة عشرات المسؤولين والاشخاص الذين تضخمت أموالهم بشكل مفاجئ ومعرفة مصدرها وحركها والفوائد التي جنتها وكيفية جمعها، ومن ثم مصادرتها في حالة عدم تقديم أجوبة مقنعة للمحاكم التي تنظر في مثل هذه الدعاوى.
والاجراء الثالث لابد من إلغاء وزارات ودمج بعضها ببعض وينسحب هذا الأمر على المديريات العامة ومراجعة قوانين التقاعد وسلم الرواتب والتعيينات وتحقيق العدالة الاجتماعية ومراجعة التعاقدات الوهمية والمشاريع المتلكئة، لاسيما في وزارة النفط ومحاسبة المسؤولين عن هذا الخلل الكبير الذي رافق هذه المشاريع.
والاجراء الرابع الاهتمام في التعليم في مستوياته كافة وابعاد التدخلات السياسية عنه والغاء الاستثناءات كافة التي تتساهل في ضوابط القبول سواء على مستوى الدراسات الأولية أو العليا ومراجعة الآلية التي يتم عن طريقها معادلة الشهادات العليا.
وثمة اجراء مهم من بين هذه الاجراءات يتعلق في القبض على مجموعة من رؤوس الفساد الذين تضخمت اموالهم ومصادرتها فوراً لاسيما الذين حدثت تغيرات كبيرة في أوضاعهم المالية بعد 2003.