منذ سقوط النظام السابق في 2003 ودخول الهيئات الدبلوماسية في العراق والبلاد أسيرة بيد الأجهزة الاستخباراتية التابعة للسفارات العاملة فيه , حيث سعت ومنذ أن وطئت أقدامها ارض الرافدين وهي تراقب وتتابع أدق تفاصيل يومياته , فعملت على مراقبة كل السياسيين بدون استثناء , وسعت إلى أن يكونوا مراقبين عبر الأقمار الاصطناعية من خلال باجات مجلس النواب أو رئاستي الجمهورية والوزراء والتي تحمل ( سيم كارت ) ولم تكتفي السفارات بهذا النهج بل تعدته إلى تهيئة جيوش الكترونية قادرة على توجيه الرأي العام والقدرة على تحريك الشارع من اجل أحداث الفوضى وإسقاط العملية السياسية برمتها وذلك كله مخطط له من اجل ضرب المشروع الوطني وإنهاءه في البلاد .
المخطط جاء بعد خطوات جاءت بها الحكومة بتحسين الاقتصاد ومنها الاتفاقية الإستراتيجية مع الصين , والتي قوبلت بالرفض من واشنطن إلى جانب رفض بغداد وجود القوات الأمريكية على الأراضي العراقية وضرورة مغادرة أي قوات أخرى ويعتبر وجودها غير قانوني , كما أن الضغوط التي مورست على الحكومة من اجل إيقاف التعامل بين بغداد وطهران في جميع المجالات هي الأخرى ألقت بضلالها على المشهد السياسي وعدته وقوف بوجه الولايات المتحدة التي تفرض حصاراً قاسياً على طهران , إلى جانب وضع فصائل الحشد الشعبي في دائرة الاتهام المباشر , كل هذه جعلت الولايات المتحدة , التجربة الديمقراطية , إلى جانب استهداف وضرب المعتقدات والعقائد الإسلامية للشيعة خصوصاً ( المرجعية الدينية والشعائر الحسينية ) .
التظاهرات الأخيرة والتي انطلقت في بغداد وعدة مدن أخرى رفعت شعار ( سلمية ) إلا وإنها للأسف لم تكن كذالك , وتحولت إلى أحداث شغب وقتل وحرق وسرقة للمصارف ومؤسسات الدولة فمن حرق مباني المحافظات إلى سرقة سيارات القوات الأمنية والى الهجوم على المصارف وسرقتها , وكل هذا تحت عنوان ( سلمية ) , وأما في بغداد فحرق المطعم التركي وعبور الخط الأحمر للدخول إلى المنطقة الخضراء حيث مؤسسات الدولة وهو ماتريده هذه السفارات المشبوهة ومنها إسقاط هيبة الدولة وإنهاء العملية السياسية بأجمعها , الأمر الذي يدعونا للتساؤل ماهي الغاية من كل هذه الأحداث ومن هو المستفيد والى أين يريد المندسون داخل التظاهرات في هذا مثل هذا التصعيد الخطير ؟!
ماشهدته المحافظات الجنوبية خلال اليومين الماضيين هو تأكيد بأن أول المخطط هو تظاهرات يوم 25 في عملية ( إسقاط المؤسسات ) وان الذين قاموا بإحراق المؤسسات الحكومية والخاصة ومقرات الأحزاب هم مجاميع منظمة جداً وليسو متظاهرين كما أنهم يمتلكون قيادة مركزية وفرعية في المحافظات ذات مهارات عالية , وان ما حدث خلال يومين من تخريب معد مسبقاً خطوة بخطوة , وينص هذا المخطط على ( إسقاط المؤسسات ) في المحافظات تباعاً في يومه الأول , وتنسحب هذه المجاميع للتوجه نحو بغداد من جميع تلك المحافظات والالتحاق بساحات التظاهر لتتشكل مع مجاميع بغداد زخماً كبيراً يتناسب مع حجم وصعوبة المهمة في العاصمة حيث سيتم تحديد ساعة الصفر لتنفيذ المرحلة الثانية وهي إسقاط مؤسسات الدولة في بغداد بمشاركة كل المجاميع القادم من المحافظات وان هذه التحركات العشوائية للمتظاهرين إنما في داخلها كيان منظم جداً بل فوق ما يتصوره المتابع , وهناك قيادة مركزية تحرك كل تنظيماتها وفق خطط دقيقة مستغلة مهاراتها العالية في قيادة الفعل الجمعي لحشود المتظاهرين العفويين أصحاب المطالب الحقة , ومن اجل ما تقدم ينبغي على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة وأهمها تحديد مناطق التظاهر , واعتبار أي مجاميع خارجة عن هذه المناطق هي مجاميع خارجة عن القانون , ومعاملتها وفقاً للقانون وبخلاف ذلك فأن مدينة بغداد سيتم استباحتها من قبل المجاميع المندسة داخل التظاهرات والبدء بعملية حرق للوضع العام في بغداد وانتهاءً بحالة الفوضى وإيجاد الذريعة لصراع ( شيعي ـ شيعي ) مدروس وتحت رعاية الدول الإقليمية ودعم القوى الغربية التي تراهن على إعادة العراق إلى ما قبل 2003 .