كثيراً ما يظهر الانسان حالة من الحنين الى الماضي و الطفولة … بل ربما يمتد حنينه الى اوقات سابقة على ولادته … فيحن بصورة لا طبيعية الى حقب السبعينات او الستينات من القرن الماضي عندما يرى بعض الصور او يسمع عن انسانية تلك الازمان او طيبتهم …
ويرى اشتياق ابيه او جده الى ايام طفولتهم التي كانت خالية من المشاكل وكان الناس يتمتعون بكمية كبيرة من الحب و المساعدة و التسامح …
الا ان الموضوع في العراق بعض الاحيان يتحول الى تهمة عندما يشتاق جيل الالفينات ( مواليد ما بعد 2000 م) الى حقبة الثمانينات من القرن الماضي وهم يسمعون عن الخير الذي كان يتمتع فيه العراق و طيبة اهل العراق في ذلك الزمن والخ … الا ان الموضوع ليس له علاقة اطلاقاً بأي تبني لفكر سياسي او حزبي معين او لعصر طاغية عرف بانه الاكثر اجراماً للشعب العراقي… ظاهرة الحنين الى الماضي هي ظاهرة علمية تم دراستها مؤخراً و تعرف ب(النوستالجيا ) وقد نشرت مجلة ساينتفك امريكان بطبعتها الانكليزية مقالة لماثيو هيوستون في 1/11/2016 وعلى موقعها الالكتروني نقله لدراسات علمية التي تبين فائدة الحنين الى الماضي و توصلت ان الحنين الى الماضي يمنح الشعور بالرضا النفسي مما يعطي الدافع الايجابي للانسان نحو تجاوز ما يمر به في وقته الحاضر بسبب تذكره للماضي …
و على سبيل المثال عندما تشعر للاشتياق لمنزلك القديم عندما ترى صورة تجمعك باصدقاء الطفولة و عندما تلتقي بصديق من ايام الابتدائية فتشعر بكمية من الحنين لتلك الايام الجميلة و الصادقة في المشاعر الحقيقية البعيدة عن الزيف و الخداع يمكن تفسيره ضمن عدة محاور
الاول محاولة العقل الشعور بالفرح و السرور عبر تذكر المواقف الايجابية.
الثاني عقلك الذي مازال في باكورة تجاربه الحياتية كان لا يعرف الحقد و لم يمر بتجارب الخداع و لم يتعرض للخيانة بعد فيتذكر ما كان موجود في عقل الطفولة البريئة .
الثالث البعد عن المسؤولية فما زلت في بداية الحياة و الانسان في حياة الطفولة و المراهقة بعيد عن المسؤولية و الانشغال بمصاعب الحياة .
الرابع قد يكون هروب او تسلية للنفس من بشاعة وكثرة هموم و مشاكل الحاضر.
و ربما لهذه الاسباب و غيرها … تبقى ذاكرة الانسان تحمل الافكار الايجابية و تترك السلبية عن الماضي …