23 ديسمبر، 2024 4:37 م

جيش العراقيين لا جيش المالكي والميليشيات الحزبيّة

جيش العراقيين لا جيش المالكي والميليشيات الحزبيّة

* ايران وأميركا لا تريدان للعراق القوة .
* أميركا تدفع ب (القاعدة الذيليّة).. لتقول (فشل الإسلاميون) !
* متى تسود (الروح العراقية) في عقيدة القوات المسلحة ؟

ربما تكون قضية تجهيز الجيش, واحدة من أكثر القضايا التي لا يختلف عليها عراقيان, باستثناء أولئك الذين يريدون للعراق..عراق العراقيين  , وليس عراق حكومة نوري المالكي, او رئاسة الطالباني , أوعراق الجبهات المتناسلة , بعد أن أصبحت الحقيبة الوزارية أو عضوية مجلس النواب فرصة للكسب والإثراء وحيازة الامتيازات الفلكية , من دون  فائدة ترتجى لرد لهفة ابناء الشعب العراقي , الذين ينقصهم كل شيء يحقق لهم الرفاهية و الاكتفاء والاطمئنان الى مستقبل هذا البلد , الذي لم يطمئن شعبه في يوم ما ,الى حيازة مستقبل يتناسب مع ثرواته وموارده البشرية , وقبل ذلك تاريخه كشعب ودولة عمرها تسعون عاما .

قضية قيام جيش عراقي يعتمد عقيدة وإستراتيجية شاملة , في مصادر امداده بالقوة البشرية , وأهدافه النهائية القريبة والبعيدة , وتسليحه ..لم تعد اليوم قضية ثانوية .على اساس (ان العراق بلد يتجه الى الليبرالية وليست له حاجة الى جيش قوي يمتلك قدرة الرد ومعالجة التهديدات الداخلية و الخارجية ولكونه أيضا يتمتع بحماية أمريكية), وهذا لا يصح تطبيقه في مثل حالة العراق , الذي قدر له الحياة وسط منطقة تشتعل فيها التجاذبات السياسية الإقليمية  والدولية .. وهو واقع في حقيقة الأمر بين سندان (ايران) الطموح , لمد نفوها الإقليمي عبر العراق والخليج العربي وسوريا ولبنان الى المنطقة ,وبين مطرقة الولايات المتحدة ألأمريكية وإستراتيجيتها المرتكزة على أهداف مركزية تتمثل في السيطرة على مصادر الطاقة , ناهيك عن الأهداف الاقتصادية, التي تقفز اليوم الى سلم الأولوية بالنسبة للرئيس الأمريكي ( أوباما) في دورته أو احتمال رئاسته الثانية المرجحة , و التي  تؤكد إستراتيجيتها على شمول مناطق النفوذ  (الجيوبوليتيكي) الى ايران وجمهوريات آسيا الوسطى , الواقعة ضمن المجال الحيوى للإتحاد الروسي , حيث أدرك (فلاديميربوتين) متأخرا ان الانزواء عن التأثير الدولي , لم يعد كافيا لاتقاء شرور الأقوياء .

الشعب العراقي .. الذي نام وصحا على عقد صفقة السلاح الروسي , من دون مقدمات , إلا ما دار ويدور في عقل (المالكي) , الذي طالب بسلاح أمريكي , عرقلت  تسليمه معارضة الحزبين الكرديين عبر موقف مسعود البارزاني المستميت , من اجل ان عدم تسليح العراق , انطلاقا من شعاراته وتصرفاته التي  يمكن أن نفهم منها ( ان قوة الإقليم في ضعف العراق )..وكأن ظروف ما بعد الاحتلال الأمريكي ألغاشم هي ذات الظروف في ما قبله , حيث كانت فصائل من الأكراد تحارب النظام الوطني السابق , اعتمادا وتواصلا مع أرث تأريخي في محاربة الدولة المركزية , حيث  شمل هذا جميع الأنظمة الوطنية , بدء من النظام الملكي ومرورا بعهد عبد الكريم قاسم والعارفين وانتهاء بنظام ألبعث- البكر – صدام)..إذ شهدت هذه السنوات الطوال رفع السلاح (الكردي ) بوجه الحكومات المتعاقبة ..إلا أننا ينبغي أن نذكر حقيقة.. ان البارزاني والطالباني , قد غيرا استراتيجيتهما المعلنة المستندة الى دعاوى الحصول اهداف (لفلفت) بغموض كبير, كالحقوق الثقافية والخدمات , وما الى ذلك من الحجج المرحلية ,..وما ان بدأ الاستعداد لغزو العراق من قبل الولايات المتحدة  ,حتى  ودعا سياسة لعبة (القط والفأر) , التي كانت تطبع تصرفات الملا مصطفى البارزاني , الى الإعلان الواضح عن سعيهم الى استكمال مقومات اعلان (الدولة الكردية) في (القسم الجنوبي من كردستان الكبرى) ,  بعد اعتماد المحتل الأمريكي راعي المصالح الإسرائيلية (الطالبرزانيين), لإقامة قاعدة في قلب العراق والمنطقة الإقليمية , تماثل في أهميتها وأهدافها الكيان الإسرائيلي ! وهذا هو الخطر الأكبر !

وإذا ما نزع البعض من العراقيين عن عقولهم وضمائرهم المشاعر المذهبية العاطفية نحو ايران ,التي وضعت يدها على الزر النووي من اجل اهدافها القومية الخاصة وليس لسواد عيون (المذهب الشيعي ) , بل من أجل سيادة وتحقيق أهداف الدولة السائرة نحو صيرورتها الدولة الإقليمية الأقوى . سيتوصلون الى حقيقة مفادها , أننا يجب أن لا نفرّق كثيرا بين ثالوث الأخطار المهددة للعراق , الخطر الإيراني والخطر الأمريكي والخطر ألوهابي فكل من مصادر هذه  الأخطار , تكون على درجة كبيرة من ألسرور حين ترى العراق ضعيفا , مستلب الإرادة , ومتشرذما عبر أقاليم , غارقا في تمزقه الداخلي ..فلم يحدثنا التأريخ ومنذ بد الصراعات الدولية في القرن الثامن عشر, وقبل ذلك بكثير صراعات القبائل والإثنيات الأوربية ا, أن دولة أو قبيلة ما , ترتاح إذا كانت الى جوارها دولة او قبيلة قويّة !

اذن ..أن علينا اليوم ادراك حقيقة واقعة معاشة , تفرض على قرارنا الوطني ( فيما اذا كان هناك  قرارا وطنيا ومستقلا تنتجه خبرات سياسية عراقية ,غير مرتبطة بأية جهات إقليمية أو دولية) , وينطلق من اهداف صيانة العراق ارضا وشعبا, وحماية حقوقه .., فكلا القوتين , الأولى لا يستهان  بها كدولة اقليمية ذات نهج مذهبي , يستثير جهدا محموما , من قبل دول المنطقة ذات المذهب ( السني), كالسعودية وتركيا ومصر وورش الخليج النفطية , بالإضافة الى الولايات ألمتحدة , التي أدركت مؤخرا أن انتصارها على (القاعدة الأصلية ) يجب أن يمر من خلال الاعتماد على ذيولها الرافعة شعارات الجهاد , والمتمثلة ب(الحركات الإسلامية) ..ولها في كل ذلك جملة أهداف استراتيجية , تكمن اولا في الخلاص من عداء (القاعدة الذيليّة) المعتمدة أهداف فتاوى (القاعدة الأصلية) المارة عبر عمليات (التدجين).. وفي الوقت نفسه  يتسنى لها القول (هؤلاء الإسلاميون قد حكموكم ..ماذا رأيتم فيهم ) ؟ وأفضل الأمثلة على ذلك ما يجر في (تونس وليبيا ومصر واليمن) , وها هي الولايات المتحدة  ومن خلفها (اسرائيل) , والقوى المتمترسة وراء الطموح الشوفيني, بإقامة دول اقليات  عرقية ومذهبية ضمن دول عربية وإقليمية . الأولى العراق ومن ثم سوريا وايران وتركيا !

  كل ذلك يجعلنا كعراقيين .. نستهدف استقلالية وقوة العراق ..الأرض والثروة والشعب  , نخوض  جهدا دءوبا , نؤجل  من أجله كل صراعاتنا وتقاطعاتنا ونوازعنا الى الاستئثار بالمال والسلطة  , وننظر الى قضية بناء قوة عسكرية عراقية نظيفة من كل ما علق بها من سوءات , بدءا من (الحشر المذهبي) ,وإهمال الجوانب  التربوية والأخلاقية المفترضة في جيش دولة معاصرة  , رغم  (حداثته المفروضة ) , كان على مخططي تأسيسه , الاستناد الى عقيدته المؤسسة على هدف مركزي يتمثل في العراق وليس غيره !, بعيدا عن ما رأيناه من زج للميليشيات الحزبية بدعاوى ( هولوكوست شيعي) او دعاوى (ليبرالية) الجيش في زمن (ديمقراطي) .

العراق لم يتخلص بعد من القوى  الإقليمية المؤثرة المهددة له  ,التي كان البعض قد ظن انها (لن تتمكن من تهديده بسبب وقوعه ضمن الحاضنة الأمريكية) ..وعندما رفضت الولايات المتحدة الأمريكية , تجهيزه بصفقة اسلحة عارضها الاكراد , بدعوى استخدامها ضدهم في فرّية لا تتوفر على قدر معقول من الحجج الواقعية , منطلقة من دعاوى (الهولوكوست الكردي) .. كان أمرا ضروريا العمل بمبدأ (تنويع مصادر السلاح ), مما حفز أميركا الى ان تبعث ب(بكارتر) صحب حقيبة من (كاتولوجات) السلاح , بعد ثلاثة ايام فقط من ابرام الاتفاقية العراقية الروسية والتشيكية لتجهيز العراق بالسلاح .. وفي هذا السياق نتذكر موقف الرئيس جمال عبد الناصر, الذي كان في بداية الثورة المصرية , قد رتب علاقات تعاون مع العالم الغربي وعلى الأخص الولايات المتحدة وبريطانيا ..ولما عرض على الدولتين تمويل وتنفيذ (السد العالي) حصد الرفض !, فاتجه الى الإتحاد السوفيتي , الذي موّل وأنشأ السد , فأوقع في أيادي الأمريكان والبريطانيين , والفرنسيين.وبذلك صار الإتحاد السوفيتي و(منظومته) الدولية , أكبر مصدر سلاح الى مصر  طيلة ثلاثة عقود !

منذ وقت مبكر على تسلم المالكي رئاسة الوزراء.. كنا ولمّا نزل في موقف الناقد والكاشف والمقوّم, لسياساته في المجالات ألداخلية, خاصة فيما يخص ألخدمات والإقصاء ألسياسي واعتقال الأبرياء ,وحماية الفاسدين والمفصدين , وذلك عبر مئات المقالات..إلا أننا اليوم نقول (هذا أمر صحيح ) ! برغم علمنا من أن هذا التحرك نحو (الإتحاد الروسي) , له دوافعه غير المعلنة المتعلقة بسياسات نوري المالكي الإقليمية , إلا أن علينا النظر الى العنصر المهم فيها , المتمثل  بتوفير عوامل القوة (اللوجستيّة) للجيش العراقي , فحسب !

كثير من المراقبين للشأن العراقي والإقليمي والدولي يجدون  في التحرك العراقي لعقد صفقات السلاح مع الإتحاد الروسي أو الولايات المتحدة ,       يستهدف حماية  النظام  السوري وبالتالي حزب الله من  الانهيار ..ومع صحة هذه التوقعات في بعض اوجهها  , إلا أن الانتقال بالجيش العراقي , من قوة سلاح خفيف , الى تجهيز حربي يقع في محور اهداف جميع القوى الوطنية العراقية , منضوية ومعارضة.. فأنت لا يمكن لك العيش وسط غابة الذئاب الإيرانية والأمريكية , وتوابعهما الكيان الإسرائيلي , وذوي نزعة (القضم الكردي) , التي تجاوزت في حقيقة الأمر مسألة (اقليم ) , يكفل لسكانه نيل حقوقهم العادلة والقانونية في الثروة والحياة الحرة الكريمة .. الى استغلال التناقضات والتقاطعات السياسية وانفراط العقد الأمني  ,والحماية الأمريكية , وهو ما ناضلت من اجله قطاعات واسعة من ألعراقيين , رغم المآسي المعروفة الكثيرة التي نفذتها او تسببت فيها الزعامات الكردية ,في خمسينات وستينات وسبعينات وثمانينات وتسعينات القرن الماضي .

الجيش الذي يريده العراقيون,لا يمت بصلة الى أية ولاءات وتأثيرات  سياسية او مذهبية او عرقية , (فوق الميول والاتجاهات) التي  أراد العمل بها (الزعيم ) عبد الكريم قاسم , من دون أن يتسنى له ذلك ,حيث انقلب عليه (ذوي الميول والاتجاهات) ليمزقوا جسده بالرصاص ( تجدون تفاصيل كثيرة عن اعدام هذا الرجل مع وصف لبقايا جمجمته على جدار في مبنى الإذاعة العراقية ,ضمن كتابي تحت الطباعة – أوراقي ..في الصحافة والحياة )  كونه قد أدرك حقيقة ان تسييس الجيش يعني عدم استقرار البلاد . اذ قادت نزعات الاستئثار بالسلطة والنفوذ والثراء ,الى ارتكابات تاريخية جعلت مستقبل العراق , يغطى بحروب وصراعات ودماء قادت في النتيجة الى وقوعه محتلا من قبل الولايات المتحدة ,

 إذ اعتبرت الولايات المتحدة , حل الجيش العراقي ونجاحها في تأمين النفط , من أهم منجزات حربها في العراق ! والمؤسف أن (السياسيين) العراقيين  (المستجدين) قد رحبوا بكل ذلك , ولم يجرؤ أحدا منهم على  القول بشيء غير هذا الذي حصل ! فأصبحوا مشاركين في تلك الجرائم .  , التي لقيت ترحيبا من قبل ما يدعى بالسياسيين العراقيين الموالين للولايات المتحدة , فيما عدها الشعب أكبر الإرتكابات بحقه , وقد عبّرت  عن (قصر نظر سياسي) من قبل السبعة المعتمدين من قبل الاحتلال  , الّذين سارعوا الى الارتماء تحت أقدام المحتل ألأمريكي من دون حساب لما سيحدث بعد الاحتلال ؟ حيث كان جلّ سعيهم يرتكز على انتاج تشكيلات سياسية , ينتظمون بها , لتحقق لهم آمالا لم يكونوا ليحلموا بالوصول اليها .يتحولون فيها ال رموز.. كما  توفرت الفرصة ل( القجقجية الأكراد) لنهب كافة  مكونات المصانع  الكبرى في المنطقة الشمالية , وضمن ذلك (نينوى وكركوك وديالى) , بالإضافة الى الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي جرى نقلها الى السليمانية وابريل , لتظهر لنا هذه الأيام عناوين لتهديدات برزاني.

ولن يكون أمرا مجهولا للعراقيين , أن التوفر على جيش يحمل العقيدة المستندة الى (الروح العراقية ) هو الجيش الذي يحتاجه العراق فعلا ..أما صرف ثروة الشعب العراقي ,على محاولات  تجزّأ الأهداف العليا وتشرذمها , من أجل أهداف مرحلية , فذلك لا يصب مطلقا في صالح انتاج جيش مهني للعراقيين والعراق كله !

ورود الكلام ..

حلمت بهم (يزعقون) بحب العراق! ( أسمع كلامك أصدقك ..أشوف عمايلك أستعجب ) ! وعندما رأيت أفعالهم..قلت آه لك ايها العراق , لله درك يا أبي ..يقتلونك ويمشون في جنازتك!  اما أنا فالمهم عندي كيف أرى العراق ؟ مثل حبيبة منعت  عن شمها , لثمها , التعطر بأنفاسها , ولطالما شدني الشوق اليها , ولكني وجدتها على غير تلك الملامح الآسرة .. فقد تاهت في زحمة تيه العراق فهل بينكم من يدلني على ريح صبابتي في العراق ؟