23 ديسمبر، 2024 9:11 م

جون بايدن على حق.. واتركوا للشعب الخيار..!!

جون بايدن على حق.. واتركوا للشعب الخيار..!!

اذا كنت لا تستطيع اقناعهم ، حاول ان تسبب لهم الارتباك. ((هاري ترومان))
جون بايدن ليس بعراقي ولا برجل مسلم ، ولكن يعرف الكثير عن الخفايا التي يجهلها المسلمون حتى عن أنفسهم خصوصا تلك التي يتعلق بتعددية المذاهب  التي يجمعهم الاسلام تحت خيمته الواحدة ، بل ويعرف مكامن الخلل في اجتهادات تلك المذاهب واسبابها ، بل ويدرك صعوبة التعايش المشترك بسبب الفجوة الخلافية التي نشأت بعد وفاة الرسول مباشرة ، وتطورت جيلا بعد جيل لتكون على شكل اكبر عقبة في بنية الاسلام التي تقطع الطريق امام فرصة تلافي تلك الخلافات أو حتى بحثها على المائدة المستديرة  ..
 منصبه السياسي في بلاده وفر له فرصة البحث ومعرفة الطبائع السياسية والدينية لعموم شعوب البلدان التي تقع ضمن اهتمامات الادارة الامريكية  خصوصا الاقطار العربية التي تتصف بالخصوصية من ناحية الاهتمام ودراسة الاوضاع فيها بما يبعد خطأ التقديرات السياسية والوقوع في المنزلقات التي تعرض السياسة الامريكية الى الخطر في المنطقة ، نجده بعض الاحيان يتوارى عن الانظار ولا نجد له تصريحا او حديثا سياسيا يخص العراق على وجه الخصوص الا ووضع فيه النقاط على الحروف بعقلية سياسية حكيمة يشخص كل الجوانب ، ويقف على الخلل تماما ، ويطرح طريقة علاجية تبعد تداعيات كل أزمة من تلك الازمات التي يمر بها العراق ، ولكن ما يؤسف انه لم نجد له مستمعا جيدا ياخذ حديثه او مقترحه بعين الاعتبار ليكون عرضة للمناقشة المستفيضة  التي ربما سيكون له آثاراً ايجابية  تمكن قادتنا السياسيين من ايجاد مخرج من هذا النفق الذي حشرنا فيه منذ عشر سنوات او اكثر …
الانتهازيون والانانيون والمنافقون والمستفيدون من الفوضى الديمقراطية في العراق يقفون بالضد مرارا وتكرارا على ما نذهب اليه باستمرار بان مشكلتنا في العراق هي مشكلة الشيعة  السياسية التي وجدت نفسها بعد عملية الاطاحة بنظام صدام حسين ، وقد تحولت الى قوة في العراق لا يمكن الاستهانة بقدرتها على رسم الاحداث بما يتناسب مع حجم حضورها في المنطقة  ،  وكذلك السنة  السياسية الذين يتحملون وزر مآسينا وما يتعرض له العراق من قتل وتدمير وخراب وتفكك في نسيجه الاجتماعي والثقافي ، وهذا ما يراه ايضا الادارة الامريكية والدول التي تخاف مصالحها في العراق والمنطقة ، وهو واقع ملموس ليس بحاجة الى ادلة وبراهين  بدليل ما يجري في الرمادي  والفلوجة والموصل وديالى وبعض من اطراف مدينة بابل واللطيفية والمحمودية ، وما جرت في الحويجة من عملية ابادة جماعية في ساحة الاعتصام التي انقلبت الى ساحة حرب مفتوحة ، وأخيرا مدينة  الموصل التي استيقظت على القسوة السنية  الممثلة بتنظيم الداعش الارهابي ليباغت الابرياء على اسرة نومهم دون استئذان  ، ليمهد لنفسها السبيل لبناء امارتهم الاسلامية المتطرفة على اشلاء ابناء هذه المدينة المغلوبة على أمرها الذين يعيشون تحت المطرقة والسندان ، في وقت وقد تسللت اليها الدخلاء والغرباء من كل صوب  ، وهيأت من اجواء انتقامية مدروسة ومنظمة  ضد الشيعة في مدينة الصدر والكاظمية والمناطق ذات الاغلبية الشيعية في بغداد والمحافظات الاخرى …
اذن هنالك حرب مذهبية سياسية دينية مكشوفة لم تسميها الدوائر باسمها الحقيقية لتفادي الاحراج امام الراي العام ، ولكن رغم سريتها فالشارع العراقي والدولي على بينة من اهداف الطرفين المتحاربين ، فكل طرف يسعى باتجاه اقصاء الآخر ، فقوة الشيعة نجدها في حكومة نوري المالكي التي تسعى هذه الايام للحصول على طائرات (اف ..16) والبالغة عددها (36) طائرة تعاقدت على شراءها لهذا الغرض ، فضلا من قوتها العسكرية العامة والخاصة الموالية للمذهب الشيعي حصرا ولوطنهم المرسوم على هيئة شيعية خالصة لا ينقصها الا وان ياتيها الامام مهدي المنتظر ليقتص  من مضاجع (الدخلاء) على اسلامهم ، وقوة السنة مرسوم على هيئة جماعات مختلفة بعض منها يدعي أقرانه في الليل بالإرهاب والقتلة ويخرجون في آنائه على شكل خفاش  وهم الارهاب بعينه  ، وفي النهار واطرافه يضللون الناس البسطاء بأكاذيبهم ، ويضحكون على الله والرسول بدجلهم وشعوذتهم   ، لا يملكون الطائرات ولكن يملكون السلاح المضاد لها اضافة للخسة التي تدفعهم للمزيد من القتل والخراب ، ويقاتلون على كل الجبهات أملا بعودة الماضي ليكرروا افعالهم بحق الشعب والوطن ، والبعض الآخر تحول الى سمكة قرش تفتك بالأبرياء دون ان يجد احدا لها اثرأً في هذا البحر الهائج … بمعنى ان من الصعوبة ان  يهدأ للعراقيين  البال ابدا ما داموا يتمسكون بحبل لا يأخذهم  الا الى الجحيم ، والمجريات على مدى سنوات التحرير من نظام حكم صدام اثبت بشكل قاطع بان الحديث عن العراق هو حديث عن مدى الانحطاط الديني السياسي الذي يمر به ، والذي وجد اصلا للإذلال والتنكر للذات الشيعية والسنية الكريمة التي كانت عنوانا وطنيا بارزا كنا نتمسك بها كهوية منذ مئات  السنين  التي لم تتمكن تجار الفتنة ومروجيها من انتزاعها ….
وعلى هذا الاساس كان نائب الرئيس الامريكي جون بايدن  على حق وفهم ودراية لهذه الطبيعة الدموية التي يتحلى بها الاسلام السياسي الديني في العراق  حين عرض على العراقيين مبدا تقسيمه على اسس الاقاليم الفدرالية كأفضل حل لتفادي الموت  والدمار الذي يجده  العراقيون كمشهد يومي دائم ،  وقابل للزيادة اذا لم يتأخذ قادته عقلية صائبة تنقذ العراق من شفير الهاوية المحتومة ، مع التاكيد على ان وحدة العراق مرتبط اساسا بكيفية الخروج من هذه السيناريوهات السياسية الشيعية والسنية التي لا تقيم اصحابها وزنا للمبادئ الانسانية ولا يؤمنون بها …
ولهذا نعتقد جازمين ان الذين يخافون تقسيم العراق على مبدأ الاقاليم الفدرالية ، هم وراء كل ما يتعرض له العراق ، وهم يقفون خلف الدسائس والمؤامرات لكي يبقى العراق حبيسا لاجتهاداتهم الفكرية والسياسية التي لا تخرج من اطار الجرثومة الطائفية والمذهبية الدينية ، والتي تدر عليهم بالفوائد المادية والمعنوية  وتزيد من مساحة نفوذهم السياسية ، لقد آن الأوان ان نغادر العقلية التقليدية  في كيفية بناء الدولة ومؤسساتها على اسس دينية ومذهبية ، ونترك الخيار للأحياء الذين لم يصلهم الموت البشع ويختاروا اقامة الاقاليم الفدرالية  كوسيلة للنجاة من دسائس الزاحفين صوب الشرق والغرب من بلادنا ….!