نؤشّر في البدءِ أنّ الجولة هذه هي من على ارتفاعاتٍ منخفضة , وايضاً تتناغم وتتواءم مع عصر السرعة .!
على الصعيد القومي , فالأنظار تتّجه بشكلٍ او بآخرٍ نحو مؤتمر القمة العربي المقبل الذي سيعقد في الجزائر في مطلع نوفمبر – تشرين 2القادم , وتتزامن هذه القمّة مع الذكرى 68 لإندلاع ثورة التحرير الجزائرية ضد الإحتلال الفرنسي في عام 1954 . يُشار أنّ هذه القمة سبق وتأجّلت لمرتين بسبب جائحة كوفيد 19 .
امين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيظ اكّد ثبات موعد انعقادها هذه المرّة , وتطرّقَ لموضوعٍ كان يحلّق في الأفق طوال الفترة الماضية , وهو مسألة عودة سوريا لتشغل مقعدها في الجامعة , لكنّ الجانب السوري < نقلاً عن الإعلام الجزائري > ذكرَ بأنّ دمشق تستبعد نفسها لشغل المقعد في هذه الدورة .! , وفي الحقيقة أنّ الجزائر كانت منهمكة منذ وقتٍ مضى حول اعادة سوريا الى الحضن العربي , لكنّه بدا أنّ القيادة السورية على ادراكٍ مطلق لشدّة رفض عودتها من قبل بعض الحكومات العربية التي تتسيّدها السعودية , فآثرتْ الإستباق والتخلّي عن ذلك .. وعدا هذا فمن غير المتوقع بتاتأ ان يخرج المؤتمر بأيّ جديد في ظلّ ما يسود الحكومات العربية ” او معظمها ” من سوادٍ او حتى من سُخامٍ في مجال الشأن القومي الذي صهرته عملية التطبيع على صعيد الحكّام العرب .
في محطّةٍ اخرى , كانت الزيارة الأخيرة للرئيس المصري السيسي الى إمارة قطر من دون دول الخليج الأخرى , فإنّها قد تسترعي الإنتباه لمن لا يتابعون تفاصيل ودقائق الأمور عن كثب .! , وواقع الحال أنّ مصر سبق وقطعت علاقاتها مع قطر في سنة 2017 الى جانب السعودية والإمارات والبحرين , بعدما وجّهت القاهرة اتهاماتٍ لقطر بدعم جماعة الأخوان المسلمين التي اطاح بها الجيش المصري في عام 2013 < وهذا هو بيت القصيد الأساس المتعلق بهذه الزيارة بعد الترميم والتضميد . > , في مطلع سنة 2021 اعادت هذه الدول الأربعة علاقاتها مع قطر , وفي شهر حزيران الماضي زار امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني العاصمة المصرية بهدف تكريس المصالحة , وتضحى زيارة السيسي الأخيرة لتعميق ومحاولة تجذير هذا الوضع المستجد . لكنّه بجانب هذا وسواه , ورغم جديّة ومصداقية المصالحة القَطرية – المصرية , لكنّ مسألة الدعم القطري المفتوح او غير المباشر للإخوان المسلمين في داخل مصر او على تخوم وشمال صحراء سيناء , بجانب دعم حركات سياسية معارضة لحكوماتها في بعض الدول العربية , فإنّها قضية متأصّلة ومترسخة لدى حكومة قطر وكأنها مسألة سيكولوجية – فايروسية ” الى حدٍ ما ” وقابلة للإنخفاض والأرتفاع وفق الظرف السياسي الإقليمي والدولي ومقتضياته .
الى ذلك وعلى ذات السياق العربي القُطري – القومي , فالمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل والتي تتقدمها مسألة الشروع بأستخراج الغاز وما تتعرض له من تصريحاتٍ او تهديداتٍ لحد الآن , ويشترك فيها اكثر من طرفٍ لبناني بشكلٍ غير متطابقٍ كليّاً , وربما لأغراضٍ او اهدافٍ مزدوجة .! فإنّها ومع الدور الضعيف نسبياً للمبعوث الأمريكي بهذا الشأن , فما فتئت الأنظار مسددةً نحو تطورات هذا الوضع الراهن والذي كأنه مرتهن ولأكثر من اعتبار .!
أمّا على الصعيد العراقي الذي يحمل ويجسّد التناقضات السياسية بأبشع صورها , ففي خلاصته المستخلصة , فالصراع على السلطة يزداد خطورةً وكأنه يضع مصير البلاد في كف عفريتٍ كبير الحجم وضخم البُنية .! ولاسيّما أنّ كلا طرفي النزاع يتّكِآن على ميليشياتٍ مسلّحة ” وبتسمياتٍ مختلفة ” وكلاهما ذي تسليحٍ هائل , وكأنّ لا دور للقوات المسلحة الرسمية للدولة لحدّ الآن .! , والدور الأقليمي – الحدودي هو اللاعب الأساس الى غاية الآن ايضاً , لكنّ الحال قابل ويتّسع لمتغيراتٍ أخرياتٍ قد لا تغدو في الحسبان , إنّما دون اطمئنان .!
وعن التضاريس السياسية العربية المضطربة الأخرى , فما زالت تدور بدرجة 360 درجة .! او بما يعني تدور حول نفسها ضمن حدود دائرة العنف والإقتتال الداخلي , ويتطلّب الأمر هنا الإرتفاع من فوق اجوائها .!