20 مايو، 2024 8:25 م
Search
Close this search box.

جولات المالكي الميدانية

Facebook
Twitter
LinkedIn

(ان تأتي  متأخرا, خيراً من ان لاتأتي أبدا) هذا ما ينطبق على الجولات الميدانية الاخيرة للسيد المالكي وتفقده لنقاط التفتيش في المناطق التي  تعرضت لاعتداءات ارهابية. جولات المالكي تأتي  بصفته القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية وكالة والمسؤول الاول  عن الملف الامني_ الذي شهد انتكاسة كبيرة_ في البلاد. ان ينزل القائد العام للقوات المسلحة الى الشارع , ويتحدث الى المواطنين, ويطلع شخصياً على الاجراءات الامنية المتخذة على ارض الواقع أمر في غاية الاهمية, وخطوة شجاعة من المالكي, تلك الخطوة التي كان يفترض القيام بها منذ فترة طويلة وعلى قاعدة (ان ترى بعينك افضل من أن تسمع بإذنك) بدلاً من أكتفائه بالتقاريرالتي ترفع اليه من مكتبه العسكري الذي يشرف بدوره على عمل الاجهزة الامنية المختلفة خاصة وان هذا المكتب متهم بكونه مختطف من  قبل عناصر ذات جذور بعثية. وبغض النظرعن الدوافع والغايات التي تقف وراء هذه الجولات الميدانية سواء كانت دوافع انتخابية كما يرى خصوم المالكي ذلك او لا, فإن الحالة الامنية وما وصلت اليه من تردي حتمت على المالكي النزول للشارع بنفسه وعدم الاكتفاء بغيره.
 ودعونا نحلل ما حصل في الفترة الماضية,ما حدث بالضبط ان المجاميع الارهابية نجحت في تحقيق اختراقات امنية متكررة وأوصلت رسالة مفادها انها هي من تتحكم بالمشهد الامني, وهي من يحدد الزمان والمكان والاهداف للقيام بأعمالها, وانها تتحرك في الشارع بينما السلطات الامنية والحكومة شبه مشلولة وتحاصرنفسها في منطقة محصنة هي (المنطقة الخضراء) اي ان المجاميع الارهابية نجحت في عكس المعادلة الطبيعية المعمول بها,وهي ان الاجهزة الامنية والحكومة تتحرك في الشارع وتبسط سيطرتها عليه وتمسك بالارض بينما الارهاب يتخفى ويختبئ, هذه هي المعادلة الامنية الطبيعية في الدول الا انها في العراق إنعكست بحيث صارت الحكومة والقيادات الامنية خائفة وعزلت نفسها عن الناس في منطقة محصنة وتركت الشارع للارهاب, وانا هنا اتحدث عن القيادات الامنية وليس عن المنتسبين من عناصرالشرطة وافراد الجيش الذين اثبتوا شجاعة منقطعة النظير في مواجهة الارهاب والذين نقف لتضحياتهم اجلالاً وإكبارا ونبتهل الى الله أن يحفظهم.
اننا نعتقد ان المالكي ادرك متأخراً هذه الحقيقة المرة, ومن هنا جاءت جولاته التفقدية في  محاولة لإعادة الامورالى نصابها, وبدلاً من ان تصبح الحكومة ومعها قيادة الاجهزة الامنية مطاردة من قبل الارهاب, يفترض الان ان يحدث العكس طبعا مع زيادة الجولات الميدانية لبقية القيادات الامنية من وزراء امنين ومن وكلائهم, وفي هذه النقطة بالذات اريد القول ان بعض المسؤولين الامنيين فرساناً لكن من على شاشات الفضائيات فقط , وأكاد أجزم ان الوقت الذي يقضيه البعض منهم في صبغ وتلميع شعره أكثر مما يقضيه في ملاحقة ومطاردة الارهابيين الذين باتوا يصولون ويجولون في شوارع مدننا كيفما يحلوا لهم.
من هنا اقترح على القائد العام للقوات المسلحة ان ُيلزِم الوزراء والمسؤولين الامنيين ووكلاء الوزرات والاجهزة الامنية بالقيام بجولات ميدانية شبه يوميه وعلى المنوال التالي, يوم يدوام فيه المسؤول الامني (وزير,وكيل, مديرجهاز) في مؤسسته الامنية, واليوم الثاني  يكون دوامه خارج وزارته او مؤسسته من خلال القيام بجولات ميدانية مفاجئة, وبهذه الطريقة سيتعرف المسؤول الامني عن كثب على الوضع الامني, كما سيساهم  بجولاته في تحقيق الاطمئنان لدى المواطنين حينما يرونه معهم في الشارع, اقول ذلك من وحي تجربتنا حينما كنا نعمل في (اللجنة الشعبية الساندة للخطة الامنية) والتي تشكلت في عام 2007 , حيث كنا نقوم يوميا تقريبا بجولات ميدانية الى ما كان يعرف بالمناطق الساخنة حيث وصلنا الى عمق تلك المناطق, وبات تواجدنا بها امراً معتاداً لاهالي تلك المناطق, واذكر منها هنا على سبيل المثال مناطق بهرز, والمدائن, والفلوجة, واللطيفية, وسبع البور, وعامرية الفلوجة, وعرب  جبور, واليوسفية وغيرها من المناطق التي كان يتعذر وصول المسؤولين الحكوميين اليها بسبب الوضع الامني, لكننا فعلنا ذلك رغم الخطورة, والغاية من وراء ذلك هي ان نشعر اهالي تلك المناطق بوجودنا معهم ان الدولة موجودة خلافاً لما كان يروج له الارهاب ان الدولة غائبة.
اخيرا نتمنى ان تستمرالجولات الميدانية وان تتوسع لتشمل كل القادة الامنيين, وكذلك اعضاء لجنة الامن والدفاع البرلمانية باعتبار انهم جهة رقابية يفترض تواجدهم بالميدان ليراقبوا عن قرب سير الخطط الامنية وليتعرفوا على نقاط الضعف والقوة في الخطط الامنية المتبعة حتى يتسنى لهم تقييمها بشكل موضوعي, ونتمنى ايضا ان يخرج القادة السياسيين والمسؤولين من قلاعهم وينزلوا للشارع, وان يعيشوا مع الناس وبينهم بدلا من بقائهم في حصونهم الثلاثة (المنطقة الخضراء) و(مجمع الجادرية)و(مجمع شارع الزيتون) حيث يعيش اغلبهم,وان يسكنوا الى  جوار الناس وينتشروا في احياء العاصمة حتى تتحول بغدادنا الحبية كلها الى منطقة آمنة. أمنية ليست مستحيلة على التحقيق اذا ما تحلى المسؤولون بالشجاعة وقرروا النزول الى الشارع كما هو حال المواطنين العزل الذين يواجهون غصص الموت يوميا بكل بسالة وشجاعة من دون ان يمنعهم الارهاب الاسود من ان يعيشوا حياتهم رغم قساوتها.
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب