23 ديسمبر، 2024 6:54 ص

جورج أرويل 1984!!

جورج أرويل 1984!!

هذه الرواية قرأنها في وقت من الأوقات وتناولتها الصحافة العربية , وخصوصا في العام الذي هو عنوانها , وهي رواية كتبت في النصف الأول من القرن العشرين , وبغةً تبرز للحياة من جديد وتتصدر المبيعات في أمريكا , فكاتبها تنبأ بتولي الأنظمة الشمولية للحكم , ويبدو أن هذا الإندفاع نحو الرواية تسبب فيه ما نجمت عنه الإنتخابات الرئاسية الأخيرة , وأن الطريق الأرويلي ربما قد تم تعبيده والمضي علىيه.
كما أن فكرة الأخ الأكبر تتأكد في الكتاب , مما يدفع بالناس إلى معرفة ما يدور في الواقع المعاصر , وهل وصلت الديمقراطيات إلى الشمولية المطلقة والدكتاتورية الفاضحة.
صدرت الرواية في 861949 وهي من الخيال السياسي وموضوعها مراقبة الدولة وحقوق الإنسان وحرية الفكر , وهي رواية ديستوبية (مجتمع قائم على القمع والإستبداد) , وفيها مصطلحات شاعت , مثل الأخ الأكبر , التفكير المزدوج , جريمة فكر , والأرويلي أي الخداع الحكومي والمراقبة السرية وتلاعب الدولة السلطوية بالتأريخ الموثق.
والإقبال على الرواية يتزامن مع سياسة الإدارة الجديدة , التي ربما تبدو عليها ملامح ما تدور حوله الرواية , ولهذا فأنها حققت مبيعات عالية جدا في الأسابيع الماضية , والطلب عليها في أوجه , وقد نفذت من رفوف المكتبات.
وهذه طاهرة تتحقق في المجتمعات المتقدمة ولا نجد لها مثيلا في المجتمعات المتأخرة التي لا تقرأ , أو أن علاقتها بالكتاب ضعيفة أو مقطوعة , بينما المجتمعات المتقدمة تحافظ على علاقة متينة مع الكتاب , ويكون جزءا مهما من تفاعلاتها اليومية , فالناس تقرأ وتتفكر وتتعقل , ونحن أمة يتفكرون ويتعقلون وما جسدنا ذلك في السلوك والتفاعل البشري بأنواعه.
وقد تعجبت من حيوية العقول وكيف أنها تتوارث الوعي الفكري والروائي , ويتم إحياء رواية كتبت قبل ما يقرب من السبعين عاما وتداولها بشراهة فكرية غير مسبوقة , ذلك أن هذه المجتمعات تهتم بتقرير مصيرها وتراجع خطواتها وتمحص وتتسائل وتقيّم ما قامت به , وتحاول معرفة ما ستقوم به الإدارة الجديدة , وهل أنها وضعت الشخص المناسب في المكان المناسب.
كما أنها تعكس أهمية الأدب ودوره في الحياة , وقيمة الأفكار وتأثيرها على الوعي والسلوك وبناء الحاضر والمستقبل.
الرواية إشتهرت لأنها تعالح أفكارا أساسية متصلة بالسلوك البشري وتتكرر عبر العصور , وتتعلق بأعمار الإمبراطوريات والحركات والأنظمة السياسية بأنواعها , وكأنها تستنبط التفاعلات الفيزيائية للحركات , وتستظهر قوانينها ومعادلاتها الصيروراتية.
فهل يا ترى سيتكرر الإقبال على الرواية أثناء القرن الحادي والعشرين , وهل ستبقى المفسر الأقوى للسلوك السياسي للبشر؟!!
تساؤل في زمن يتدحرج إلى مبتداءات إنطلاقه ويتخندق في أولى خطواته!!