22 ديسمبر، 2024 11:52 م

جواز سفر محترق ….

رحلت انا،

حيث ساقتني اقدامي.

وصلت الى قاعة الانتظار!! بين زحام الركاب وصوت المكبرات وهي تعلوا بأسماء الرحلات والاقلاع والاوقات المحددة لكل رحلةز

وجدت مكان فارغ جلست به و عيني هنا وهناك انظر الى من حولي, لا اعرف اي وجه من وجوه المارة..

ابتسم تارة واحزن تارة اخرى!!

اخذت نفسآ عميقآ وبدأت افكر, كيف بأستطاعتي ان اصل الى المكان الذي اريده؟؟ وانا لا امتلك سوى جواز سفري وحقيبتي المهترئة المتعبة التي تشبه تفاصيل وجهي,

قررت ان اخرج من القاعة، وارجع من حيث اتيت وانا منكسرة كأني طائرة سقطت في البحر وتحطمت ولم يبقى لها اي اثر هي ومن عليها.

بعد ساعات من السير تحت اشعة الشمس المتوهجة في ايام الصيف الحارقة، وصلت الى بيت جدتي العجوز التي كانت تسكن بمفردها في نهاية القرية التي كانت مصابة بالزهايمر, لا تتذكر شيء ولا تعرف احد.

جلست عندها وبدأت اتحدث اليها بكل مايجول في خاطري دون قيد او خجل لانها كالطفل لاتمتلك من الذاكرة شيء.

في نهاية حديثي ابتسمت الجدة في وجهي وقالت لي : ياصغيرتي انما الحياة محطة تاخذ وتعطي الكثير تارة نذهب لمكان نحبه وتارة اخرى نذهب لمكان ونحن مجبرين, نسير بطريق غير الذي حلمنا به……

فكل الذي علينا هو: ان نختار مانحمله معنا في حقائبنا عندما نذهب الى المحطة لكي نستطيع ان نتجاوز بعض المعوقات التي تعترض طريقنا.

وحينها كان كلام جدتي يحتوي

العديد من الصور الذهنية التي ترسم لنا خارطة طريق متكامل رغم بساطة المفردات ولكنها في الوقت ذاته تحتوي معاني عملاقة وعميقة.

ومن حينها وانا بدأت ارتب ابسط اشيائي، اعتني بكل التفاصيل، استحوذ على كل المواقف استفيد من كل التجارب.

مرات الايام والسنوات و انا في كل يوم انظر الى جواز سفري اضعه امامي على الرف وانام، حتى استقيض ع حلم جديد وامنية متجددة.

وفي يوم من الايام زار رجل من رجال الاعمال المعروفين انذاك قريتنا واخذ يزور المنازل واحد تلو الاخر وياخذ احتياجات الناس ويقف ع مطالبهم .

وصل الرجل الى بيت جدتي رحبت به وقدمة له كأس من الشاي, وسئلني عن احتياجي وبماذا افكر, فذهبت الى غرفتي واحضرت جواز السفر وقلت له : امنتيتي ان احلق الى فرنسا واحقق حلمي واصبح معمارية مشهورة افتخر بنفسي وبنجازي.

ابتسم الرجل وقال لي : سيتحقق حلمك وسوف اعمل جاهدا على ان اجعلكِ تركبين ع متن الطائرة وتحققين الحلم المنتظر.

فرحتُ كثيرا بكلامه ووعدني ان يعود مرةٌ اخرى.

مرت الايام واذا بالرجل عاد من جديد واحضر لي كل مستلزمات السفر وقال لي كل شيء اصبح جاهز ماعليك سوى ان تأخذي جوازك وتذهبين الى المطار

الفرحة لا توصف

الشعور لا تحتويه الكلمات

كل شيء كان بنظري بتلك اللحظة وردي اللون يزهوا.

بدات احضر حقيبتي.

اكملت كل شيء انا بحاجته ..

ولإول مرة اضع راسي ع الوسادة والجواز في الحقيبة وانا بكامل فرحتي..

استيقضت منذ الصباح الباكر وتناولت الافطار انا وجدتي وحقيبتي الى جانبي وانا متأهبةٌ للذهاب ..

فتذكرت بعض الاصدقاء في القرية من الواجب ان اذهب والقي التحية و الوداع عليهم.

خرجت من المنزل مسرعة والابتسامة تملئ وجهي، وسلمت على كل من في الطريق,

وحين رجعت الى المنزل اشاهد من بعيد دخان يعلوا من نافذة المنزل,

ركضت نحو المنزل, وانا اشاهد المطبخ يحترق بالكامل بسبب انبوب الغاز وخطا بسيط من جدتي….

لا اعلم بتلك اللحظة ماذا حصل لي, ولكن كل همي كان ان جدتي مازالت بخير وهي ذهبت الى غرفتها لتستلقي على سريرها.

جاء اهل القرية واطفوا النار ولكن اصبح المطبخ وما فيه رماد بالكامل ومن بين الاشياء التي اصبحت رماد هو جواز السفر !!!!

هنا وصلت الاحلام الى منزلي وبلحظة احرقتها النيران ولم يتبقى منها شيء !

بعدها جلست لوحدي وانا خائبة منكسرة كعادتي لا اعلم انه حلم ام حقيقة ما حصل.

في ما بعد, تيقنت بأنها حقيقة لامهربُ منها، فقلت في نفسي لربما لم يكن من نصيبي كل تلك الاحلام التي حلمت بها، وربما يأتيني بما هو افضل منها.

الايام كفيلةٌ بأن تعطي كل ذي حق حقه فعلاما الياس والحزن وان في السماء رب يحول المستحيلات الى حقائق, ويعلم كل شيء من حولنا, وما تضمره نفوسنا، حلمي وامنيتي معلقة في السماء بين النجوم وانا على يقين بأنه سياتي يوم وافرح, تلك الفرحة التي لن تفارقني ابدا

سأعمل بجد …..

وسأقاوم اليأس…..

وسأاوصل المسير …..

وسأربح تلك الحرب العظيمة……

فأن الاشياء الجميلة تستحق المثابرة

والمثابرة تتطلب العزيمة

والعزيمة تتطلب القوة

والقوة تتطلب الشخصية المتزنة

والشخصية المتزنة تتطلب ان تكن انت

وانت يتطلب منك ان لا تتوقف، ولا تستسلم، ولا تتهاون.

سر بطريق الحياة دون كلل او ملل.

وستصل الى القمة وانت متوهج وتحمل معك الكثير والكثير من الذكريات التي تجعلك شجاع.