23 ديسمبر، 2024 3:20 م

جواد البولاني يبدأ من جديد

جواد البولاني يبدأ من جديد

(بدأنا) … مشروع سياسي كبير يقوده جواد البولاني ينطلق بأتجاه الساحة السياسية بعد ان اعلن في مؤتمره التأسيسي بأنه ولد من رحم الشعب وبدأ مسيرته بمنهج تصحيحي مستفيدا من كل اخطاء وعقبات المرحلة السابقة التي شابها ومايزال الكثير من العقد والارهاصات والتقاطعات دون ان تحقق ولو الحد الادنى من التوافقات والاتفاقات التي تفرضها المصلحة الوطنية والشعبية ، ويأتي هذا المشروع السياسي في وقت نحن فيه في امس الحاجة لانطلاقات سياسية حقيقية يمكن لها ان تغير خارطة الطريق التي لم تقدم او لم تحقق آمال وطموحات الشعب ولم تقدم للعراق سوى تصدير الازمات وخلق المشاكل وتعقيد الحلول ، يقابل كل ذلك وبدون حياء مزاعم في الكذب والدجل والتبريرات الغوغائية التي لاتفهم معانيها ولاتعرف اسبابها ، فهكذا عاش الشعب العراقي طيلة التسع سنوات التي مضت ، عاش في وهم الاحلام ، ووعود الانتخابات ، وسيطرة الاحزاب التي غيبت حق المواطنة العادلة ، وفرضت  التغليب السياسي في كل الامتيازات والحقوق ، ناهيك عن الاستغراق في المغانم والمناصب والملذات دون ان تتحرك الضمائر ولو برجفة واحدة لتتذكر حق المواطن وحق الوطن .
اليوم نتطلع الى مشروع تيار بدأنا … فمن حيث التقديرات الاولية وما اعلن في بيانه الختامي من انه مشروع وطني وجماهيري وكثيرا ماقيلت هذه العبارة في كل التأسيات الا ان تجربة جواد البولاني السياسية والتي تبلورت من خلال الحزب الدستوري الذي اسسه عام 2005 كانت تجربة خصبة ومحصنة بمنهج وطني حقيقي وبرنامج جماهيري صادق ابتعد فيه عن الوعود والادعاءات والمبالغة في افق المستقبل ، فقد طرح مشروعا وطنيا ديمقراطيا نزيها وحاول بمقابل ذلك ان يعقد صداقات سياسية وتوافقات مع معظم الكتل السياسية الا انه اصطدم بعدم تفهم او استغراب هذه الكتل من طروحاته كونها لاتنسجم مع المبادئ الخطأ التي تغلف نوايا واهداف وتوجهات هذه الكتل لأن الكل كان يبحث عن الغنائم والحصص الكبرى ولايقدر مصلحة الوطن والشعب والتي كانت هي الطاغية والمحركة لخطاب البولاني ، لذلك كانت مهمة التسقيط حتمية في برامج معظم الكتل السياسية والتي تخوفت قبل ذلك من صعود البولاني كشخصية معتدلة ووسطية ومهنية وجماهيرية ، اضافة الى ذلك فأن الكثرة الجماهيرية التي ساندت البولاني قد هيأت بعض الفرص لأناس لأن يتقربون له دون غايات واهداف نبيلة انما لمصالح شخصية قد يحققون من خلالها بعض الامتيازات والمناصب وهم ليسوا من ذوي المؤهلات والكفاءات بل ولا تهمهم حتى افكار البولاني السياسية ، وهذا ماأضعف نسبيا قدرة الحزب الدستوري في مواصلة مسيرته الوطنية .
وعلى اساس ذلك اطلق البولاني تياره الجديد بدأنا … مستفيدا من اخطاء التجربة السابقة ، وهي فرصة ليست بالغريبة او المستغربة في العمل السياسي ، وليس معيبا على السياسي ان يفكر بتحديث او تجديد الافكار والمشاريع ، انما العيب هو ان تأتينا مشاريع هشة وغير واعدة ولاتقدم الجديد والمفيد ، واعتقد ان توقيت اعلان بدأنا في هذه الفترة يعكس مدى جدية ووطنية البولاني الذي لم تهزه خسارته في الانتخابات السابقة ولم يعادي احد او يتزلف لاخر او يتوسط لثالث ، بل حافظ على اتزانه وحكمته وشجاعته ليبدأ من جديد بمشروع سياسي سيحقق نجاحا ملحوظا فيما اذا احسن قيادة هذا التيار ، واحسن اختيار قيادته ، واطلاق برنامج عمل لايستند الى حاجات الوطن والشعب فقط ، وانما ان يتحسس كل اخطاء التجربة السياسية وما طغى عليها من شخصنة ونزعات ونزوات ذاتية مقيتة ابعدتها كليا عن اهدافها الحقيقية ، كما ينبغي على تيار بدأنا ان يفكر جديا في قضيتين اساسيتين ، الاولى هو ان يطرح مشروعا ناضجا للاصلاح ، والثانية هي ان يفكر في آلية جديدة بطبيعة التحالفات وتشكيل تكتل وطني كبير يضم كل النسيج الاجتماعي العراقي دون اية محددات او اشتراطات ، وأن يلعب دورا فعالا في تفعيل العمل السياسي بالاتجاه الوطني وتفكيك كل العقد والخلافات لانها متجهة لامحال في حالة عدم تحقيق ذلك الى الصراعات العنيفة التي يمكن ان تؤجج الارهاب والجريمة المنظمة ، كما ينبغي ان يدرك البولاني من انه سيخوض اختبارا صعبا امام جماهيره وامام ساسة العراق ، فلا خيار له بعد الان الا النجاح ، وهذا النجاح سيقلب المعادلة السياسية لصالحه ، وبتعبير ادق لصالح تحالفاته التي لابد ان تكون مدروسة وحكيمة ومتزنة ، مبتعدا عن تطلعات الحصص والمساومات ( وشيلني وأشيلك ) كما يقول المثل العراقي ، المهمة صعبة ولكن شجاعة البولاني ووطنيته وحبه للعراق وشعبه ستكون بمثابة المقومات او المرتكزات للنجاح المرتقب الذي نأمل له ان يتحقق لما فيه الخير كل الخير للوطن والشعب.