23 ديسمبر، 2024 5:17 ص

جهل الحكومة ومجلس النواب في العراق – تعديل قانون التقاعد، اصلاحات، خدمة عسكرية، ترفيع

جهل الحكومة ومجلس النواب في العراق – تعديل قانون التقاعد، اصلاحات، خدمة عسكرية، ترفيع

بعد تزايد التظاهرات في العراق وشعور الحكومة ومجلس النواب بالخوف مما ينتج عن غضب العراقيين ومنه اقتحام المنطقة الخضراء والسيطرة على مقرات السلطتين التشريعية والتنفيذية بادرت الحكومة ومجلس النواب بإعلان مجموعة مما تسميه (اصلاحات) متوهمين بانها ممكن ان تهديء الشارع العراقي الذي ازداد غضبا واتسعت تظاهراته.
ومما اعلن عنه من بين تلك (الاصلاحات) هو تعديل قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 بجعل السن القانوني للتقاعد (60) سنة بدلا من (63) سنة المثبت في القانون النافذ وقد صدرت تصريحات من اللجنة المالية النيابية بان هذا التعديل سيوفر اكثر من (200) الف فرصة عمل وهذا الرقم هو عدد الموظفين الدين سيحالون بهذا التعديل الى التقاعد ، فهل هذا التعديل حقا هو اصلاح ؟!
ان التعديل المزمع تشريعه في مجلس النواب، بعد ان تمت القراءة الثانية، لتقليل السن القانوني للإحالة الى التقاعد الى (60) ستين عاما يسبب اضرارا كبيرة في مستوى المعيشة وتلبية المتطلبات الحياتية لأكثر من مليون مواطن وهو عدد الموظفين المشمولين بالتعديل مع عوائلهم باعتبار ان معدل العائلة العراقية هو (5) افراد وهذه العوائل ليس لها معيل سوى الموظفين الذين سيحالون الى التقاعد وذلك نتيجة التردي الاقتصادي في البلد وانعدام فرص العمل للشباب مما يعني فقدان عوائلهم لموردها المالي الوحيد وتحويلها من حالة الكفاف التي عليها عند وجود الاباء في وظيفتهم الى حالة الفقر ودون مستوى الفقر بعد الاحالة الى التقاعد مما يعني ان هذا التعديل مخالف لأبسط الحقوق الإنسانية والوظيفية.
فهل تذكرت الحكومة ومجلس النواب العراقي ان من يريدون احالتهم الى التقاعد قدموا سنوات شبابهم للعراق عبر مؤسساته الخاصة بالوظيفة العامة وانهم عانوا كثيرا من الحروب والظلم ومرارة العيش بسبب الضيق المالي في زمن النظام السابق عندما كان الراتب لا يتعدى (3000) ثلاثة الاف دينار وهم قدموا أولادهم ليكونوا في مقدمة صفوف المقاتلين من اجل دحر الإرهاب وتحرير المدن العزيزة التي احتلها (داعش الإرهابي) حتى ضحوا بالأرواح والدماء من أهلهم وابنائهم من اجل الوطن الغالي. فهل يعقل ان يكون مجلس النواب سيفا مسلطا على رقابهم بتشريعات يسمونها اصلاحا ولكنها سوداء تذبحهم بعد ان ابقاهم الله من ذبح الإرهاب، فأين هو الاصلاح في هذا التعديل ؟!.
ان تنزيل سن الإحالة الى التقاعد من (63) عاما كما هو معمول به في قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 النافذ الى (60) ستين عاما مخالف لما سارت عليه الدولة العراقية عشرات السنين ويعارض روح قانون التقاعد النافذ وغايته والأسباب الموجبة لتشريعه بتوفير سبل العيش الكريم اللائق لشريحة الموظفين المشمولين به ويسبب اضرارا كبيرة للمشمولين به. فهل يجوز ان تكون نية الحكومة ومجلس النواب بتعيين الشباب على حساب موظفين لهم خبرة كبيرة في مجالات عملهم وتحتاجهم الدوائر برميهم خارج الوظيفة براتب تقاعدي لا يسد رمق الحياة لعائلة صغيرة فضلا عن العائلة المتوسطة والكبيرة على الرغم من المتطلبات الحياتية الكثيرة الصعبة والتي من أهمها ان الحكومة لم توفر لهم سكنا يلم شتات عمرهم المتبقي بالألم والحسرة في ظل الفساد وانعدام فرص العمل لأبنائهم وتردي مستوى الخدمات عموما والصحية منها خصوصا، فهل يكفيهم فتات الراتب التقاعدي، فأين هو الاصلاح في هذا التعديل ؟!.
كان الاولى بالحكومة ومجلس النواب ان تقوم بتكريمهم والاستفادة من خبراتهم الكبيرة وتعويضهم عن السنوات التي قضوها بالخدمة العسكرية التي خدموها في عز شبابهم باحتسابها لأغراض الترفيع والعلاوة والتقاعد اسوة بخدمة المحاماة والخدمة الصحفية والخدمة العسكرية التطوعية وغيرها من الخدمات التي شرعت قوانين لاحتسابها لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد ولكن الحكومة والمجلس نسوا معاناة هذه الشريحة وغفلوا عن حقها المسلوب على الرغم من ان الخدمة العسكرية هي الأكثر استحقاقا للاحتساب لتلك الأغراض. علما ان دائرة التقاعد تطالبهم بالتوقيفات التقاعدية مقابل هذه الخدمة المأساوية الاجبارية لكي يتم احتسابها لأغراض التقاعد فقط مما يعني تحميلهم دفع مبالغ كبيرة تبلغ ملايين الدنانير وهو ما لا يستطيعون دفعه مما يؤدي الى عدم احتسابها وهذا يعني ضياع سنوات شبابهم وعمرهم ، فأين هو الاصلاح في هذا التعديل ؟!.
ولكي يكون التعديل المشار اليه مقبولا وموافقا للمصلحة الوطنية وضامنا لحقوق المعنيين به نقدم للحكومة والبرلمان مقترحاتنا لحماية المشمولين بالتعديل المزمع تشريعه للتخفيف من معاناتهم وردا لجميل ما قدموه للعراق العزيز، ونبينها لكم كما يأتي:
1- إطفاء مبالغ السلف والقروض وفوائدها عنهم وذلك لان الراتب التقاعدي لا يكفي للمعيشة ابدا اذا ما تم الاستقطاع منه مع العلم ان المتبقي منها على الموظفين مبالغ ليست كبيرة على الحكومة.
2- ان يكون احتساب الراتب التقاعدي للمشمول بهذا التعديل بنسبة 80% من الراتب الكلي (الاسمي مع المخصصات كافة) من الشهر الأخير فقط وليس لآخر (36) شهر من الخدمة ويبقى يتقاضاه لحين وصوله الى (63) الثالثة والستين من العمر وهي السن القانونية للإحالة إلى التقاعد المعمول بها حاليا بموجب المادة ـ10ـ من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 النافذ عندها يحتسب راتبه التقاعدي على وفق القوانين النافذة.
3- احتساب الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط المقضية قبل نفاذ قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (218) لسنة 2002 بتاريخ ( 21/10/2002) لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد للموظفين المعينين قبله الذين لم يتم احتسابها لهم لتلك الاغراض لحد الان، وذلك اسوة بأقرانهم الذين تم احتسابها لهم من جهة وباعتبارهم مشمولين بالقوانين والتعليمات النافذة في وقتها (قبل تعيينهم) من جهة أخرى، وتعديل درجاتهم وعناوينهم الوظيفية بموجب احتسابها من دون أي فروقات مالية باثر رجعي. واطفاء مبلغ التوقيفات التقاعدية عن هذه الخدمة لمن لم يدفعها لغاية تشريع هذا التعديل لان مبلغها يصعب جدا على الموظف دفعه ولان الإحالة الى التقاعد من دون دفع التوقيفات التقاعدية يؤدي الى عدم احتساب الخدمة لأغراض التقاعد.
4- في حالة عدم الموافقة على إطفاء مبلغ التوقيفات التقاعدية المذكورة في الفقرة (2) اعلاه اطلب إضافة النص التالي الى التعديل انصافا للموظفين كبار السن المشمولين بالإحالة الى التقاعد وضمانا لحقوقهم:
(تحتسب الخدمة لأغراض التقاعد حتى التي لم تدفع عنها التوقيفات التقاعدية ويستقطع مبلغها من مكافأة نهاية الخدمة او أي مبلغ يمنح لمن يحال الى التقاعد بموجب هذا القانون). وذلك لان القانون الحالي لا يحتسب أي خدمة لأغراض التقاعد ما لم يتم دفع التوقيفات التقاعدية الخاصة بها وذلك بموجب المادة ــ 20 ـ من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 النافذ التي ورد في نصها:
(اولاًـ لا تحتسب خدمة تقاعدية لأغراض هذا القانون:
أـ اية مدة خدمة لم تسدد عنها التوقيفات التقاعدية وفقا لأحكام هذا القانون.) لان عدم إضافة هذا النص يعني ان يخسر الموظفون سنوات طويلة من خدمتهم واعمارهم دون ان يكون لها أي مقابل مالي في الراتب التقاعدي حيث ان الغالبية العظمى من الموظفين لم يدفعوا التوقيفات عن الخدمة العسكرية لحد الان بسبب ضعف القدرة المالية لدفع مبلغ التوقيفات وهي عدة ملايين من الدنانير وهذا ظلم وغبن كبير جدا ومخالف لأبسط المبادئ الإنسانية والأخلاقية والوطنية.
5- الزام الدوائر المعنية بتوفير عناوين ودرجات وظيفية لتعيين أبناء او بنات المشمولين بالتعديل بنفس الدوائر التي كانت خدمتهم الأخيرة فيها وذلك لتخفيف الثقل المالي عن المشمولين بالتعديل.
6- ان لا يتم الإحالة الى التقاعد الا بعد تنفيذ الفقرات المذكورة اعلاه.
فهل بعد ما قدمته من مقترحات يكون التعديل المزمع تشريعه في مجلس النواب العراقي والمقدم من قبل الحكومة اصلاحا ام تخريبا وهدما ؟!.
وهل يكون (اصلاحهم) مقارنة بمقترحاتي ذكاء منهم ام دلالة على جهلهم ؟!
(من كان يريد العزة فلله العزة جميعا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور) فاطر-اية10