18 ديسمبر، 2024 7:02 م

جهلنا بحضارتنا وأمجادنا

جهلنا بحضارتنا وأمجادنا

جميع شعوب العالم تفخر وتعتز بحضاراتها مهما كانت بسيطة, وتعمل الحكومات على تعليم الأطفال منذ نعومة أظفارهم على تفاصيل تلك الحضارات فيشبون على حبها والفخر بها والاعتزاز بما فعله الأجداد وهذا شيء فطري عند الانسان أن يتعلق بالماضي ويستخلص 
منه العبر والدروس ويزيد من ترابطه بأرضه ووطنه, فكيف اذا كانت تلك الحضارة عظيمة وعريقة وشامخة ومتجذرة في اصول التاريخ مثل حضارة وادي الرافدين فلنا أن نفخر بحق بتلك الحضارة ونترحم على أجدادنا الذين بنوا تلك الحضارة العظيمة وأوصلوا العراق الى 
القمّة بجميع النواحي الثقافية والعسكرية والسياسية والحضارية والاجتماعية, وعلينا أن نبكي على أنفسنا ونلعن حكوماتنا المتعاقبة التي أوصلت بلدنا الى ذيل القائمة بين بلدان العالم من جميع النواحي فضيّعوا هذه الأمجاد والانجازات العظيمة.

مايؤلمني كثيراً هو ليس الفرق الشاسع بين أحوال العراق في الماضي والحاضر فقط, بل هو جهلنا وجهل أبنائنا بتفاصيل تلك الحضارة العظيمة التي يتم تدريسها في معظم جامعات العالم ويهتمون بتفاصيلها وسبر أغوارها لمعرفة أسباب نجاحها ولمعرفة سر قوة هذا 
الشعب الذي صنعها, ونحن أصحاب هذه الحضارة وأحفاد هؤلاء القادة العظام الذين صنعوا تلك الحضارة العظيمة وصل الحال بنا الحال أن نجهل حتى المعرفة بتفاصيل تلك الحضارة, فكم منا ومن أبنائنا يعرف عن حضارات سومر وأكد وبابل وآشور وكلدان وماهي 
الانجازات التي قدمتها تلك الحضارات الى العالم في مجالات الفلك والطب والتربية والقانون والكتابة والعمران والعسكرية وفي جميع مجالات الحياة المختلفة؟ الجواب مؤلم ومحبط للآمال لأننا نحن وأبنائنا لانعرف الا اليسير ونعرف بعض الأسماء مثل حمورابي ونبوخذ 
نصر وكلكامش ولكن لانعرف ماهي انجازاتهم وكيف صنعوا تلك الحضارة الشامخة, والسؤال المهم هنا هو هل الخلل فينا؟ أم في آبائنا أم في حكوماتنا المتعاقبة؟

الجواب هو ان الجميع يتحمل وزر ذلك وخاصة الحكومات التي يقع على عاتقها الدور المهم في هذا من خلال اهمالها لدورها الحقيقي في تحقيق التواصل الحقيقي للأجيال الجديدة مع حضارتنا العظيمة, وهذا يتطلب بوضع الخطط السليمة لترسيخ تفاصيل هذه 
الانجازات العظيمة لأجدادنا في نفوس الأطفال من خلال تضمينها في المناهج الدراسية وبشكل تسلسلي ولكافة المراحل الدراسية بحيث يتخرج الطالب وهو ملمّ بحضارته العريقة و يزيد من انتمائه الحقيقي للبلد, ولايفوتني أن أذكر دور الاعلام الذي يعتبر وسيلة رئيسية 
في التعريف بتلك الحضارة من خلال الأعمال الفنية والدرامية والثقافية التي تعتبر من أنجح الوسائل في تحقيق ذلك ولنا الاستفادة من تجربة الشعب المصري في ذلك حيث نجد معظم الأفلام والأعمال الدرامية تتحدث عن حضارة وادي النيل بمختلف مراحلها لذلك نجد 
المواطن العراقي يعرف عن حضارة وادي النيل أكثر بكثير عن حضارة بلده بسبب اطلاعه على هذه الأعمال الفنية.

دعوتي الى الحكومة والى وزارة التربية والى وزارة الثقافة والى لجنة الثقافة والاعلام النيابية الانتباه الى هذا الموضوع الهام والاسراع باتخاذ خطوات مدروسة بتعريف المواطن وخاصة الأجيال الجديدة بالاطلاع على حضارتنا العظيمة والذي يعزز من القيم الوطنية النبيلة في 
نفوس المواطنين ويساعد على تنشئة جيل ينتمي بشكل حقيقي لتربة هذا الوطن ولتلك الحضارة الممتدة في جذور التاريخ بما يجعله يشعر بالفخر وان يستنبط الدروس الحقيقية لإعادة ولو جزء بسيط من تلك الأمجاد التي ولت واندثرت في صفحات التاريخ ليستعيد بلدنا 
الحبيب مكانته الحقيقية التي يستحقها بين البلاد والتي ضاعت بسبب طيش الحكومات المتعاقبة وسوء ادارتهم للبلاد والعباد.