ربما أن هذا الجهاز السيء الصيت ،لا يكشف المتفجرات ، لكنه كَشَف الكذب ، وفنّد كل ما أدعته الحكومة ، من انجازات على الصعيد الأمني ، رغم ان ثمن هذه النتيجة انهار من الدم ، ولا بأس ، فهذه الدماء في نظر الحكومة ، أرخص من البترول ، وعندما ظهر للناس ، عُري وهزال الخطط الأمنية وكل اساليب مواجهة الأرهاب ، لجأوا كالعادة الى (بتر الذيول ) ، وهو اسلوب (الوِزغ) ، ذلك الحيوان الزاحف الذي يضحي بذنَـبه ، ليُلهي به مفترسه ، فينجو بجلده ، ويبقى (الرأس) حرا ، لا يلبث ان يصنع له ذيلا جديدا ، ومن الكذب ما قَتـل ، والكذب رأس كل رذيلة ، وبسبب كذب ابناء (يعقوب) ، ابيضت عيناه من الحزن .
عرضت قناة (البغدادية) ، فشل هذا الجهاز بما لا يقبل الشك بأسلوب (الكاميرا الخفية) مرارا ، في نقاط حرس مراكز تسوّق لبنانية ، وليس مداخل أحياء سكنية ، وكانت النتيجة أن تُكافأ البغدادية بغلق مكاتبها في بغداد ، لكونها الوحيدة التي فتحت ملفات الفساد على الرأي العام ، و(للبغدادية) أن تفخر بذلك انطلاقا من مبدأ (أذا أتتكَ مذمّتي….) .
جهاز كشف الكذب هذا لا يزال معوّل عليه ويعمل في سيطراتنا وشوارعنا ، حتى عندما تعلن (بريطانيا) زيفه ، وتلقي بمروجه البريطاني في السجن لعشرة أعوام !، دون أدنى ردة فعل من حكومتنا سوى (بتر الذيول) ، وكأن سياستنا مبنية على معالجة الكذب بالكذب !، لكونها مبنية على التشبّث في الكراسي مهما كان الثمن ، فكل الحكام ينهضون بعبء جماهيرهم ، وحكامنا عبءٌ علينا ، ودون ان يحقن هذا الجهاز قطرة دم واحدة ، ولو حدثت هذه الفضيحة في أي بلد ، ليس بالضرورة من العالم المتقدم ، لكانَ هرم السلطة في هذا البلد هباءً منثورا من الرأس الى القاعدة ، لأنها فضيحة من طراز فريد ، كونها تتعلق بارواح المواطنين ،ولأن ميزانيتنا (نزفت) الكثير ثمنا لهذا الجهاز الأكذوبة ، ولأنها أظهرتنا أمام العالم ، كأغبياء نؤمن بخرافات العرّافين ، من طراز ذلك الدّجال البريطاني !.