23 ديسمبر، 2024 8:07 ص

جهاز الأمن الوطني ودمائنا الرخيصة

جهاز الأمن الوطني ودمائنا الرخيصة

بعد كل خرق امني او انفجار كبير او مفخخة وسقوط اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى ينبري السياسيين والاعلام والقادة الامنيين وكل من له علاقة بالشان الامني بتحليل وتبرير وتخفيف وطأ ماحدث , او العكس , بحسب توجه السياسي او القناة الاعلامية , فالامر بالنسبة لقناة العراقية الحكومية وبالنسبة لـ سعد معن الناطق الرسمي الامني هو هين وبسيط والعراق بخير والدنيا كمرة وربيع , اما بالنسبة لقناة الرافدين وغيرها ف بغداد على وشك السقوط بأيدي ثوار داعش والعشائر.
من اكبر الاسئلة بعد كل خرق امني وسقوط ضحايا هو : من المسؤول ؟ كيف حصل الخرق ؟ ماذا نفعل بعد ذلك ؟
من ناحية المسؤولية : تتوزع الاتهامات نحو رئيس الحكومة باعتباره القائد الامني لكل شئ , وللقادة الامنيين الميدانيين وهكذا , كثيرا مايصيب الجيش العراقي لوم كبير , وتعاقب قياداته وضباطه بعد كل انفجار (وهم حقيقة رغم انهم مشغولون بتقاسم الارباح التي يسلبوها من المواطنين واجبارهم على الدفع كل حسب المنطقة التي يتولى حمايتها او حساب الارباح من الفضائيين وهم المنتسبين اللذين يدفعون نصف راتبهم مقابل عدم الحضور) رغم كل هذا فانهم اي الجيش لايتحملون المسؤولية عن اي خرق كما سنبين لاحقا.
 كيف حصل الخرق : غالبا مايقال عبوة صنع محلي , مفخخة تصنيع موقعي , اي انها لم تتحرك وتعبر السيطرات , وهذا تبرير جاهز لابعاد المسؤولية والتخلص من العقوبة.
اما ماذا نفعل : فالكل يقول تفعيل الجهد الاستخباري , هذه العبارة ثابتة لدى قادة الكتل واعضاء البرلمان وخاصة اعضاء اللجنة الامنية وغيرهم من المحللين السياسيين والامنيين.
بنظرة معمقة فانه ليس من واجبات الجيش العراقي تأمين داخل المدن ونصب السيطرات في شوارعها الداخلية و ولا من واجباته حماية الزيارات والمؤتمرات والمهرجانات وغيرها , الجيش واجبه حماية الحدود في السلم وصد الاعداء والدفاع والهجوم في الحرب. ايضا ليس من واجبات جهاز المخابرات العمل داخل العراق بكل بثقله , فعادة تخصص الدول اجهزة مخابراتها للعمل خارج اراضيها وملاحقة وتصفية الاعداء والخصوم قبل دخولهم للبلاد.
ان تامين الداخل هو واجب الشرطة المحلية وتنويعاتها من الشرطة الاتحادية والنجدة وغيرها , على ان تكون هذه الشرطة مدعومة بجهد معلوماتي واستخباري ناجح ودقيق , وفي وضعنا الحالي فان الشرطة متوفرة وبكثرة اعدادا وتجهيزات , لكن المشكلة القائمة هي في الدعم المعلوماتي والاستخباري الذي يستبق العمل الارهابي قبل وقوعه.
لدينا اكثر من 10 اجهزة استخبارية ومعلوماتية , تعمل كل جهة لوحدها ولحسابها , وترتبط اكثرها برئاسة الوزراء لانها اجهزة صممت اما لاشخاص مقربين من رئيس الوزراء (يعني يلكون الشخص وبعدين يخلقولة منصب وجهاز) او لانها اجهزة صممت لحماية الحاكم وبالتالي فهي اجهزة غير دستورية  , هذه الاجهزة لايصفها الا المثل القائل شليلة وضايع راسها , تعمها الفوضى والتخبط ويسيطر عليها الترهل والمحسوبية والجهل وقلة الخبرة ويستلم ادارتها مدراء عديمي الخبرة تهمهم راحتهم ومصلحتهم ومنفعتهم الشخصية فقط وكيفية المحافظة على كراسيهم والتقرب للحاكم والتملق له.
استخبارات الجيش , استخبارات الداخلية , وكالة الشرطة لشؤون التحقيقات والمعلومات , وكالة الشرطة للشؤون , وكالة الشرطة للجرائم والتحقيقات , خلية الاستخبارات , خلية الصقور , جهاز مكافحة الارهاب , الفرقة الذهبية , الافواج الاقليمية لجهاز مكافحة الارهاب في المحافظات , عمليات بغداد , واخيرا اكبرها واكثرها مسؤولية عن دمائنا جهاز الامن الوطني , هذه وغيرها هي اجهزة المعلومات والجهد الاستخباري التي كلما صدمنا بسقوط الضحايا رفعنا اصواتنا بتفعيلها.
اجهزة الامن الوطني في كل دول العالم هي المسؤولة عن الامن الداخلي , والمسؤولة عن الجهد المعلوماتي والاستخباري لدعم الاجهزة التنفيذية الاخرى , وبالتالي فان جهاز الامن الوطني العراقي هو المسؤول عن امننا ودمائنا والحفاظ علها.
منذ تأسيسه في عام 2004 ولغاية مجئ السيد فالح الفياض لرئاسة الجهاز لم يتجاوز عدد منتسبي الجهاز اكثر من 1200 منتسب , تغلب على اكثرهم صفة الخريجين والمثقفين وحملة الشهادات ومن ذوي الخبرات في مجالهم , بل ان الجهاز كان يسمى في عهد السيد شيروان الوائلي جهاز المهندسين لكثرة مابه من منتسبين مهندسين. كان الجهاز في زمن السيد شيروان الوائلي اكثر فاعلية واكثر تنظيما لان السيد شيروان الوائلي كان متفرغا للعمل في الجهاز حينما كان يسمى وزارة الامن الوطني ولم يكن معنيا بالشان السياسي ولم يكن يسافر كثيرا او يغيب عن الجهاز طويلا وكان متواجدا ويدير الجهاز بمهنية لهذا كان الجهاز اكثر فاعلية واداءا مما هو عليه الان في زمن السيد فالح الفياض الذي ينطبق عليه المثل المأثور اسمة بالحصاد ومنجلة مكسور حيث لايصل الجهاز الا مرة كل شهرين او اكثر , ولا يوقع البريد الا كل شهرين ولا يصل اليه او يلتقي به الا شخص او شخصين هم ابواب الفياض التي منها يؤتى. في مقابل هذا الاهمال والبعد للسيد الفياض عن الجهاز فانه تعامل مع الجهاز كديوان عشائر وكحديقة خلفية يرمي اليها كل اهل الكريعات والراشدية من النطيحة والمتردية من الاميين وانصاف المتعلمين او حتى من المخابيل (الداخل للموقع الجديد للجهاز يلاقيه في الاستعلامات منتسب من اهل الكريعات فاقد للاهلية العقلية يعني مخبل بالعراقي) واولاد البعثيين (ايضا في الموقع الجديد للجهاز تم تعيين علي ابن صفية ضابطا امنيا علما ان علي هو ابن احدى البعثيات المعروفات التي كانت تكتب التقارير في زمن النظام البائد وهي معروفة ومشهورة اشهر من نار على علم)
في عام 2011 وهب السيد رئيس الوزراء جهاز الامن الوطني الى السيد فالح الفياض كما وهبه سابقا مستشارية الامن الوطني التي كان يديرها سابقا السيد موفق الربيعي في زمن الامريكان ولما خرج الامريكان انتهى عقد السيد الربيعي فكان ان تم حل المستشارية وتوزيع منتسبيها على وزارات الدولة , لكن عند تشكيل الحكومة الثانية للسيد المالكي ووقوف السيد الجعفري بجانبه وتوطئة الكرسي له فان السيد المالكي كافئ السيد الجعفري بان وهب له من خلال السيد فالح الفياض مستشارية الامن الوطني ثم ضم اليها لاحقا جهاز الامن الوطني.
قام السيد فالح الفياض خلال عام 2011 بتعيين الكثير من اقاربه ومعارفه ومحبيه في المستشارية خاصة من مناطق الكريعات بالدرجة الاساس حيث يسكن هو وحيث يسكن اقرب المقربن اليه السيد حجي عباس الجبوري الذي كان مجرد مدير او حارس لبيت السيد فالح الفياض قبل ان يستلم الهبة من السيد المالكي فأصبح السيد حجي عباس الجبوري هو الكل بالكل.
ايضا عين السيد فالح الفياض مايقارب 300 منتسب الى الجهاز بعد ان ضم اليه بعد ذلك , اكثرهم من عديمي الخبرة بسبب عدم امتلاكهم للشهادة او القدرات الذاتية فكان ان امتلأت بناية الجهاز في المنطقة الخضراء بالمتسكعين وشرابي السكائر الذي لاشغل ولا عمل لهم سوى التسكع داخل البناية والقاء اعقاب السكائر على الارضية والحياطين.
قام السيد فالح الفياض بتقريب معارفه بالدرجة الاساس ومنحهم كل شئ بالجهاز ثم انصار تيار الاصلاح او المقربين من الدكتور الجعفري فتم تغيير طاقم المدراء الذي كان في عهد السيد شيروان الوائلي بطاقم جديد من المقربين لهم واستبشر المنتسبين خيرا ان يتقدم الجهاز او يتطور لكن اصبح حال الجهاز كما يقول المثل الشعبي لو ضالين على عام الاول كان احسلنة.
بلغ عدد منتسبي الجهاز لغاية 2012 مايقارب 1500 منتسب , سلمت ادارة الجهاز لاناس ومدراء مقربين من السيد الجعفري ومن السيد فالح الفياض بالدرجة الاساس ثم من المقربين للسيد رئيس الوزراء ثم المناصرين لحزب الدعوة ودولة القانون , واخذ هؤلاء يقضمون نبتة الربيع ويكرعون العسل المصفى بدل تقديم انجاز او عمل امني مهم , فمادام رئيس الجهاز غائبا او مسافرا او بعيدا فليذهب الامن للجحيم ولتذهب الدماء رخيصة.
في عام 2013 تم منح الجهاز 6000 الالاف درجة وظيفية , يبلغ متوسط راتب كل واحد منهم مليون ونصف شهريا , اي بما مجموعه  تسع مليارات دينار شهريا.
بدل ان يتم تعيين هذه الدرجات الوظيفية بطريقة تفعل عمل الجهاز وتفعل الجهد الاستخباري من خلال اعتماد االكفاءة والتخصص والحاجة المناطقية ونقاط الضعف الامني , فان هذه الدرجات توزعت واستخدمت لاغراض بعيدة كل البعد عن الامن , ولو لم يكن من كارثة امنية يحاسب عليها السيد المالكي والسيد الفياض سوى هذه الدرجات الوظيفية لكانت سببا كافيا لمحاكمتهم باقسى العقوبات عن اهدار دماء الشعب العراقي.

توزع الدرجات الوظيفية (الارقام تقريبية قابلة للزيادة والنقصان) كالاتي :
1300 درجة وظيفية  لرئاسة الوزراء – المقربين من السيد المالكي وابنه ومكتبه الخاص واقاربه وانسبائه وبعض اعضاء دولة القانون المقربين
1000 درجة وظيفية تقاسمها كل من السيد فالح الفياض على اهل الراشدية والكريعات ولاعضاء ائتلاف دولة القانون ومناصري دولة القانون وزعت عليهم كل عضو خمس او ست فايلات وهكذا.
وقد تخرجت الدرجات اعلاه في دورة الامن الوطني الاولى واقيم لها احتفال حضره السيد رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة قال في اول سطر في كلمته : انه لا مجال بعد الان للمليشيات كي تعبث في امن العراق , للاسف لايدري السيد رئيس الوزراء ان العصائب وغيرها لها مايقارب المئات من ضباط الامن واقفين امامه  , وقد كذب ايضا في كلامه هذا حيث ان المليشيات تصول وتجول في بعض محافظات العراق وبغداد وتخطف وتقتل وتسلب وتنهب وتسرح وتمرح بعلمه وعلم قياداته دون ضابط او رابط.
3000 درجة وظيفية بقت حصرا بيد المالكي وازواج بناته حسين المالكي وياسر المالكي – تم استخدامها حصرا اثناء الحملة الانتخابية لكسب الاصوات وشراء شيوخ العشائر والمتنفذين ووزعت اكثرها في كربلاء.
تم استخدام مايقارب 2000 منتسب من الجهاز كمراقبين في الانتخابات الاخيرة ظاهرا , الان ان عملهم الباطن كان التروبج لقائمة دولة القانون ولشقيق السيد فالح الفياض.
يستلم منتسبوا الجهاز رواتبا شهرية تصل الى مايقارب تسع مليارات دينار شهريا , تضاف لها صرفيات الابنية والبنى التحتية والوقود والمشتريات الكمالية وغيرها صرفيات اخرى قد تصل لنصف هذا المبلغ او تزيد  , وبهذا فان جهاز الامن الوطني يكلف خزينة الدولة العراقية مايقارب الــ 13 مليار دينار شهريا.
السؤال : لماذا لم يتحقق شئ ملموس على الارض رغم كل هذه الدرجات والتعينات والمليارات ؟ الجواب بسيط لمن يطلع على كيفية ادارة الامور عند السيد المالكي ومكتبه وقيادته ودولة القانون , لكن اجابة عن السؤال ندرج النقاط التالية :
1- غياب وفقدان رئيس جهاز الامن الوطني السيد فالح الفياض وبعده عن العمل والمتابعة بل حتى الزيارة , وكل شئ بدون راعي يكون عرضة للفوضى والضياع , السؤال هو ان عدد سكان العراق سيبلغ 34 مليونا , لماذا لم يجد السيد المالكي فردا من هذه الملايين ليسلمه قيادة الجهاز ومنحها لشخص سياسي مشغول وغير مختص ويتعامل مع جهاز الامن الوطني كديوان عشائر وليس مؤسسة من مؤسسات الدولة والجهاز بالنسبة اليه هو حديقة خلفية للتعيينات فقط.
2- فقدان التخطيط والادارة الجيدة , ف 6000 الالاف درجة وظفت بغير ايجاد الاماكن والوظيفة المناسبة لها , افترش بعضهم الارض وعمل بعضهم باعمال تثير الضحك , هذه هي الفوضى وسوء الادارة والتخبط التي تثير الضحك حد البكاء.
3- طاقم المدراء اللذين وضعهم السيد فالح الفياض لادارة الجهاز فاشلون ولايستحقون ادارة جهاز واعداد بمثل هذا المستوى وجل تفكيرهم هو بتزيين مكاتبهم بالصور مع قادة الكتل وبالقنفات واجهزة التفاز وغيرها من الكماليات التي تهدر فيها مليارات الدنانير من اموال الشعب , مدراء شهاداتهم صفر او مزورة ودرجاتهم الوظيفية دمج او فصل سياسي او تزوير او غير قانونية وكفائتهم وخبرتهم الوحيدة هي القرب من السيد رئيس الوزراء.
4- وهي النقطة المهمة والقاتلة :  انحصرت التعيينات على الشيعة فقط , وفي مناطق محددة كالكريعات والراشدية والناصرية وكربلاء , ولم يتم تعيين منتسبين من المناطق السنية والمناطق الساخنة والرخوة ومناطق حزام بغداد والمحافظات الغربية اطلاقا ,  والسؤال هو : هل سيأتي ابن الناصرية لجمع المعلومات في الانبار والموصل ؟ وهل سيذهب ابن الكريعات الى عرب جبور واللطيفية لجمع المعلومات ؟ وهل سيذهب ابن مدينة الصدر الى ابوغريب لجمع المعلومات ؟
5- بناءا على اعلاه فليس للجهاز مصادر امنيين متعاونين في المناطق الرخوة والساخنة وحزام بغداد , وبدون المصادر المتعاونة التي تجلب المعلومات المسبقة عن خطط ونوايا الارهابيين فان عمل الجهاز لاشئ وبالتالي فان عمل الشرطة والجيش لاشئ وبالتالي فان دمائنا تهدر بفلس ونص.
6- الصراع على المناصب والمكاسب في الجهاز بين المقربين من المالكي والمقربين من الجعفري والمقربين من فالح الفياض والمقربين من حزب الدعوة المقر وتنظيم العراق وتنظيم الداخل وهي الجهات التي تولت ادارة ورئاسة الجهاز منذ تأسيسه , ومدراء وكبار منتسبي الجهاز اكثرهم يدينون بالولاء والتبعية لهذه الجهات ويتصارعون فيما بينهم لنيل المناصب والمكاسب بدل التفكير بالامن والمواطن.

ثم بعد ذلك ياتي من يقول تفعيل الجهد الاستخاري , الحرب حرب معلومات , فنقول له هذا ظاهر واحد من اهم الاجهزة المعلوماتية الاستخبارية المسؤولة عن مكافحة الارهاب وصد الهجمات قبل وقوعها , اما باطن الامور والخفايا فهذا مما لم ينقله لنا الاخوة اللذين اتصلوا بنا شاكين وضاجين يعتصرهم الالم من حال الجهاز وما يجري فيه.
ختاما ننقل لكم واحدة من المهازل التي حدثت في الجهاز التي تدل الى اي مستوى وصلت الامور , بعد التعيينات الاخيرة وبسبب كثرة المعينين ولسوء التخطيط والفوضى فقد وجد بعض المدراء لديهم فائضا كبيرا في المنتسبين ممن لا عمل ولا مكان لهم , واحد من المدراء هو مدير الامن في الجهاز السيد ابواحمد البزاز , قام السيد البزاز بتكليف احد المنتسبين المعينين حديثا بالجلوس امام باب تواليت النساء!!! , وطلب منه اذا ما سأله احد عن سبب جلوسه هنا في هذا المكان عليه ان يقول انه مكلف بمهمة سرية!!!!.
نترك للسيد المالكي وللسيد فالح الفياض ولكل عباقرة وجهابذة الامن في العراق ان يخبرونا عن هذه المهمة السرية التي سترفع من مستوى الامن في العراق وتصد الارهاب وتحفظ لنا دمائنا الرخيصة.