9 أبريل، 2024 1:35 ص
Search
Close this search box.

جنود المرجعية أم عُـصاتُـها؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

حين بدا مشوار الانتخابات في العراق، بعد الغزو الامريكي له، لم تخلُ القوائم الانتخابية بكل تسمياتها من اللمسات والصبغة الطائفية الواضحة، اذ لم يتردد واضعوها من ابرازها واظهارها بشكل ملفت للنظر، كدعاية انتخابية لحملاتهم في كل المناطق التي شاركوا فيها.
وهو تفكير صائب من قبل اولئك لجر عواطف الناس تجاه قوائمهم، خصوصا وان المجتمع العراقي ذو نسيج ديني عشائري، تتجه اغلب اطيافه بفطرتها الى الدين.
ومن بين القوائم التي اتشحت بوشاح الطائفية هي القائمة الشيعية، اذ كان من ابرز سماتها واوضح معالمها، هو عنوان المرجعية الدينية، فقد استعان اصحاب تلك القوائم بفتاوى المرجعية الحاثة على المشاركة في الانتخابات من جهة، اضافة الى تزيين ملصقات اعلاناتهم بصور ابرز المرجعيات في النجف الاشرف من جهة اخرى، كونهم يدركون جيدا ما لهذا العنوان من قدسية وطاعة وتقدير واحترام من قبل الجماهير، ستمنحهم المساحة الكافية في حصد اكثر عدد ممكن من الاصوات، تسمح لهم فيما بعد من الحصول على الاغلبية النيابية، والتي تجيز لهم اعتلاء سدة الحكم التنفيذي في هذا البلد.
وفعلا نال الطامحون مبتغاهم، وفازوا بالاغلبية، وباركوا جهود المرجعية في مؤتمراتهم الصحفية، بقولهم الانشائي، انها هي التي اوصلتهم الى هذه النتائج الطيبة الساحقة.
وهؤلاء وكعادة كل المُتسلّـقين، سرعان ما انقلبوا على المرجعية، وجعلوا منها مع مرور الايام مجرد عنوان يحفظ ماء وجوههم، وشماعة يرمون عليها اخطائهم، وبابا لسد الانتقاد بحقهم، غير مكترثين لماضيها القريب الداعم لهم.
الا ان هذا الشيء لم يدم طويلا، اذ ما ان التفتت المرجعية وشخّصت هذه الامور، سارعت وباسرع ما يمكن الى غلق ابوابها بوجوههم، ولم تكتف بذلك فحسب، بل سعت وحثت بين حين وحين الى توجيه خطبائها ووكلائها لنقد سياسة الحكم، ووضعت النقاط على الحروف في اكثر من مورد واكثر من مناسبة.
وما الموقف الاخير الصارم منها، والذي نقله نجل المرجع السيستاني الى اعضاء حزب الدعوة، بحيث كان من الدهشة ان اصيب بسببه رئيس الوزراء بوعكة صحية شديدة، يوم اكد لهم – نجل السيستاني -على موقف المرجعية الواضح الداعم للتظاهرات، اضافة الى رفضها مقترح رئيس الوزراء القاضي بحل البرلمان، وتاكيدها لهم على ان تكون فترة الرئاسات الثلاث لدورتين فقط.
الا ان كلام المرجعية وكعادته لم يعجب الوفد الدعوجي، فاندفع احد اعضاء الوفد متناسيا نفسه، وقام بتهديد نجل المرجع السيستاني بفتح ملفات تخص بعض المقربين للمرجعية وبعض وكلائها، مما جعل المرجعية تنصعق لردة كلام هذا الشيخ، بسبب ما وصل اليه هؤلاء من تخبط، جعلهم لا يعرفون ما يقولون وكيف يتصرفون.
وبالامس وتماشيا مع رؤى المرجعية في النجف الاشرف، اصدرت ابرز المرجعيات الدينية الشيعية في قم المقدسة، والمتمثلة بسماحة السيد كاظم الحائري وسماحة السيد محمود الهاشمي، بيانات بخصوص ما يجري من احداث في العراق، وتحديدا التظاهرات، اذ ادلت بدلوها وافاضت بموقفها، وهي مواقف وان كانت متاخرة بعض الشيء، الا انها افضل من ان تنعدم اصلا.
وهذه المواقف والمطالب من المرجعية، اقولها وبكل ثقة، انها صورة مستنسخة لما قاله السيد مقتدى الصدر، في اول ايام اندلاع التظاهرات، الا ان المتصيدين والمتربصين والحاقدين والمنتفعين، لم يتركوا الرجل واتباعه بحالهم، فشنت الحملات الاعلامية الماجورة، وعزفت طبول التشويه والتسقيط التي تعودنا على تكرار انغامها في مثل هكذا مواقف.
فعادت نبرات الطائفية والبعثية التي سمعناها ايام حجب الثقة تتعالى من جديد، فقالوا ان التيار الصدري ضد الحكومة الشيعية، وانه يتبع اجندات خارجية سعودية قطرية تركية، وانه يريد ارجاع البعثية ويدعمهم، وانه ناصر وازر تنظيم القاعدة، الى اخرها من الاشاعات والتهم المفبركة الجاهزة التي استهلكت في رفوف الفاشلين الفاسدين، والتي كانت غايتها التغطية على مساوئهم، كونهم ادركوا جيدا درجة ما وصلوا اليه من فشل ذريع في ادارة الحكم والعجز عن تقديم ابسط الخدمات للمواطنين.
فسؤالي اليوم، لكل من استشكل علينا وقال انكم مع البعثيين والتكفيريين، هل ان مراجع الدين في النجف الاشرف وقم المقدسة مع البعثيين والتكفيريين بعد ان توضحت مواقفهم؟، هل ان مراجع النجف الاشرف وقم المقدسة، يريدون اسقاط الحكم الشيعي؟، هل ان مراجع النجف الاشرف وقم المقدسة يعملون لاجندات خارجية؟، هل ان مراجع النجف الاشرف وقم المقدسة يريدون عودة البعث الى السلطة؟، اجيبوا وافيضوا علينا بردودكم، ونورونا بارائكم، اليس هذا ما وصفتمونا به وقلتموه علينا بالامس؟. وعليه، ان جاز وصفكم لنا بهذه الاوصاف، وجاز لكم اتهامنا بهذه التهم، فمن الاولى ان توصف المرجعية ايضا بكل وصفتمونا به، وتتهم بما اتهمتمونا به، لاننا لم نقل الا ما قالوا، بل واقل من ذلك بكثير، والا ماذا ستقولون؟، وماذا ستجيبون؟!!.
وكلامي هذا ليس موجّها الى العلمانيين، الذين لا يؤمنون بسلطة الدين على السياسة، ولا ايضا الى الوجوديين، الذين لا يؤمنون برب الارباب، انما هو موجّه الى من يدّعون التديّن، ويقولون سرا وجهارا انهم جنود المرجعية، فها هي المرجعية ادلت بدلوها، وقالت كلمتها، فماذا انتم صانعون؟.
ام انكم كعادتكم ستتخبطون كما تخبّط شهرستانيكم حسين قبل ايام في مؤتمره الصحفي، حين قال: ان اثنين من القتلى في الفلوجة هم من تنظيم القاعدة، الا انهم شهداء، وقد ذكرتنا ازدواجيته هذه بمن كان يقول، ان سيدنا الحسين رضي الله عنه، قتله سيدنا يزيد رضي الله عنه.
فياهؤلاء ان كنتم بهذا المستوى من التفكير وهذه الدرجة من التخبط، فارحمونا واتركونا بحالنا رضي الله عنكم..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب