فعلية الاستجابة التقويمية الكاشفة
قراءة في كتاب ( نزعة التجديد و التجريب في السرد )
التحديث و التجديد و التجريب مقولة منهجية مدلولية ذات مستحدثات اصطلاحية متماسكة في حقيقة تمظهرات الواقع النقدي الناتج عن زمن ظواهرية مسميات ، المكاشفات الآفاقية المنعكسة في أدوات رؤية انتاجية مستجدة أدواتية علاقات النص و وظائفه الكيفية المتفاعلة في مبحثية المناهج. ولا شك ان كتاب الناقد حول التفاعلات اشكال هذه التمظهرات الاسلوبية و المنهجية ، يتطلب منه درجة دراسية خارقة في تفسيرو تقديم مبررات و تشوفات مداليل هذه الاجرائية المعاينة في دال مكونات المصدر و المعنى ، الموقوف عند حيز الابداعية الداخلية الخارجية في النص المدروس أنفا .. في كتاب ( نزعة التجديد و التجريب في السرد القصير / بنية السارد انموذجا ) للأستاذ الناقد جميل الشبيبي ، نلاحظ بأن القراءة النقدية الاجرائية ، تسعى نحو الاسباب و الصفات و الاساليب المشتركة و المتشابهة و المتقادرة ، فكرا و اسلوبا و موضوعا ، أي بمعنى ما ، أننا شاهدنا عنوانات الفصول المبحثية في دراسات كتاب الناقد ، فوجدناها تجسد ثمة مدارات اعتمادية ، على أساس من أسانيد
قبول المظهر المعيش المكرس بحدود علاقة ( تجريب / تجديد / البنية القصيرة ) و يمكننا القول على هذا ، بأن جل مباحث دراسات الناقد الشبيبي ، كانت تنصب نحو مكامن القيم الاجرائية في النص المدروس مرجعيا ، و مرورا بالصور الوصفية و الادوات السردية و البنائية و الاسلوبية ، و انتهاء بمعايير موضوعة الاجيال و طبيعة خوضها الاعتباري في توقيع متوازيات أنواعها التطبيقية النصية في ممارسة انشاء الشكل و البناء في علامات التنصيص القصير..
( كيف يرتقي العراق / رؤيا صادقة )
في دراسة مبحث قصة ( كيف يرتقي العراق ) للقاص الرائد عطاء أمين ، نلاحظ قول الناقد جميل الشبيبي قاب قوسين
( آليات قصص الرؤيا في كثير من مدن مدينة اليوتوبيا سواء أكانت تأريخية كبابل و آشور في العراق القديم أو خيالية مثل
بصرياثا و أرابخا أو تلك المدن الخيالية التي وردت في الذاكرة الشفاهية للمدن العربية كدومة الجندل و دلون و إرم ذات العماد .. ان بناء مدينة الرؤيا في السرد القصير العراقي كان و مايزال أحد الوسائل الفنية التي تلبي حاجات انتمائية
تؤكد علاقة القاص بمجتمعه و كذلك حاجات اشائية فنية يبتكر القاص خلالها اساليب جديدة في السرد تخالف المألوف و تدفع بالسرد القصير نحو آفاق غير مألوفة تسمح بألانفتاح على عوالم جديدة و لذا فأن دراسة قصص الرؤيا التي نشرت أبتداء من ثمانينات القرن العشرين لقصاصين عراقيين معروفين قد أوضحت الاضافات الجديدة في مكونات السرد
العراقي القصير ليستوعب بناءات فنية تستقبل لغات جديدة من أجناس أدبية مجاورة و تسمح بأضافات مبتكرة تتعلق ببنية السارد و مكان و زمان القصة / الرؤيا الأمر الذي دفع ببعض النقاد الى أطلاق مصطلحات جديدة على هذا النوع من القصص مثل نص أو خطاب قصصي أو رؤيا .. بسبب هذا التداخل النصي الذي كسر رتابة التأليف و اضفى على الجملة القصصي مرونة ذات دلالات مفتوحة يمكنها ان تستوعب بناءات معقدة تشير الى رؤى و أمكانات تأويلية وضعت القصة القصيرة في مفترق طريق .ص15ص16)
في مبحث فصل ( كيف يرتقي العراق ) يمكننا التأمل و التفكير في موضوعة رؤية الناقد الشبيبي ، حيث يمكن ان نعاين بأن معتمدات تفاعلات النص ، تقوم بتحديد علاقة القاص بما يكتبه من أساليب جديدة تخص انفتاحات رؤيا العوالم الجديدة الخيالية ، لذا نجد الناقد ، بات يجسد الجملة القصصية بموجي هوية بنية السارد و الامكنة و الازمنة في المساحة المرسومة في بنية النص ، و في مرحلة و شريحة القراءة الظاهرة و الخفية من معالجات سؤال الاستشراف و الاستطلاع ، و سؤال مرحلة متابعات المتعدد و الاحادي من رؤى امكانيات التأويل و اللحظة التشكيلية المتولدة من زمن تساؤلات ما يتساءل به الناقد من زمن طابعية مطالعة
( بنية السارد ) . و الحقيقة النقدية التي يمكن فهمها من خلال دراسة ( كيف يرتقي العراق ) هي تلك المتمثلة في التداخل ما بين مرحلة تحديد الرؤيا و بين مسافة الشكل اللامألوف ، و علاقته بالشكل الفني المألوف ، ثم بالتالي فهم آليات زمان و مكان ( الحلم / الرؤيا ) التي توفر بدورها للقراءة ، صفة علائقية الكتابة في شخصية و بنية السارد .ولاشك من جهة أخرى أننا نلاحظ ، بأن دلالات الحركة السردية في بنية
السارد و السرد و الموقع ، على هذا الشكل الذي أوضحه الناقد ، تبدو مصدرا تنهض من خلاله اللقطات الوصفية المشعة في تعريف ( الاوصاف / المتن الحكائي ) و هذا بدوره ما سوف يوفر انسجاما للقارىء ، مع فهم رؤية الخطاب القصصي في حكاية قصص الرؤيا .. ان متباينة الحديث عن بنية السارد في الاصوات الساردة في مبحث نص ( كيف يرتقي العراق ) يبدو كلاما تتآلف من خلاله مجريات المخيلة الاجرائية من لدن الناقد ، و هي تؤكد حجم حركة السارد في وجهات العلاقة مع عالم وظائف أوليات ذاكرة الظهور في لغة المشاهد و الشخصيات ، حيث تبرز كوظيفة ذاكرة في مملكة و مناخ النمو السردي ، الذي يتضح بأعتباره هو المتكفل في تقديم الحكاية الى جهة أدوات شكلية محطة قراءة مفترضة سرا ..
( الاجراء النقدي و خطاب التفرعات المبحثية )
ان فكرة التسليم بأن النص الابداعي هو الذي يستدعي كيفية المنهج النقدي ، و نوع محددات و سياقية القراءة التطبيقية النقدية ، قد تبدو مقولة غير صائبة في عوالم حلقات دراسات الناقد جميل الشبيبي ، خصوصا ان مرحلة النصوص التي تناولها الدارس ، تستوعب منهجا مبحثيا آحادي الممارسة و المنظور و الزاوية . كذلك فأن القارىء لمباحث دراسات الناقد المدروسة ، يلاحظ بأن منهجية طرائق المعالجة ،قد جاءت بموجب وظيفة انفرادية ، تتناول مكونات وثيقة تحولات الانواع الاسلوبية و البنائية و التقانية ، في ظل مرحلة لغة مراحل تلك النصوص ، و في ظل مراحل متوالياتها الشكلية والمسارية . و أول ما يثير الانتباه جدلا ،
عند معينات الناقد لتلك النصوص ، هو اعتماده الاكيد ، لمنظورية التفرع و دراسة التفريع و العنونة و صرامة الضبط في فرز مرحلية اسلوبية النصوص و تواريخها ، بل ان القارىء لها من جهة ما ، يتبين له مدى اهمية ذروة ما انتهى أليه الناقد من مستويات توثيقية هامة في المعالجة و الطرح و الاشارة و التدليل و الاحالة ، و ذلك في الحقيقة ما وجدناه تحديدا في مبحث ( تعدد الصوت في قصة جيف معطرة ) و في مبحث ( انفتاح النص على التأويل في قصة خطط مسائية لحرب غير منتهية ) و في القسم الثاني من مباحث ( السارد في المشهد القصصي العراقي في بداية التسعينات ) و في مبحث ( اشكالية البنية في مجموعة تيمور الحزين ) . و تبعا لشكل هذه الاجرائية في آلية مباحث كتاب الناقد الشبيبي ، أتضح لنا مراد مشروع افكار الناقد لتلك النصوص الابداعية ، حيث قد حلت بروح الترسيمة الفاعلة لنا نحو تحقيق عاملية بيانات ، الصلات النصية القائمة ، بين وظائف مكونات السردية في النص القصصي العراقي ، و بين هوية مراحل تدوين طرائق و اسلوب تلك النصوص ، حيث قد جاءت لنا تحقيقا قيما في المجال النقدي ، المتعلق بمباحث قراءة سياقات العتبات الجمالية النصية و الاسلوبية و المضمونية ، و اذا استقرأنا من جهة ما ، كنية دراسة الناقد تحديدا لتلك النصوص الابداعية الرائدة ، لوجدنا بأن معطيات هذا الاختيار ، ناتجا من أفق سيكلوجية تذوقية دقيقة لحالات تداولية منهج الشخصيات و الطبائع و النفسيات القائمة في مرحلة و زمن تلك النصوص الابداعية قدما .. ان الاستنتاج الذي يمكننا ان نسجله عن دراسة الناقد جميل الشبيبي ، هو الاخذ بمنظور خلق وسيط فكري و اجرائي ، يساعد الدارس و القارىء ، على فهم حالات النصوص و مراحلها و وظائفها
، ضمن أطر تحولية متشاركة من خصوصيات كتابة زمن النص حينذاك . و على هذا الأمر وحده ، وجدنا منهج الاستنتاج لدى اجرائية الدارس ، يبدو عبارة عن شروحات مبحثية ، من شأنها توصيف و تحديد شروط و مستحدثات واقع المواصلة ما بين النص و عناصر التنصيص ، حيث يمكن نقديا الاحتفاظ بكيفيات القراءة الائدائية المقترحة في ابعاد المعالجة السردية النصية المدروسة .. و في الختام
لا يسعني سوى تقديم المزيد من الشكر و التقدير لناقدنا العزيز الاستاذ جميل الشبيبي لما اتحفنا به في فصول كتابه القيم ( نزعة التجريب و التجديد القصير في السرد العراقي ) و الخلاصة الممكنة من كل ما قرأناه في كتابه النقدي ، هو تحديد طبيعة ، ( بنية السارد ) و أصواته ضمن امكانيات بناء النص القصصي القصير المقترح ، كما أننا نلاحظ سبب أختيار الناقد لموضوع دراسته نماذج من النصوص القديمة ، حيث يعود السبب أولا و أخيرا ، الى ان محكيات تلك المرحلة المن السرد القصصي ، تتمثل بمجاورات مفعمة بروح الوضوح و المحاولة و الارتقاء نحو أبنية تجريبية و اسلوبية في الكتابة القصصية . و تبعا لهذا فأننا نجد بأن كل الجدة في أختيار الشبيبي لهذه النماذج القصصية ، هو توكيده الاكيد ، بأن طبيعة الواقع القصصي في تلك المراحل المنصرمة من الابداع ، ما هي ألا مرآة تعكس مجريات قوائم الاستدعاء الحاضري في الكتابة القصصية ، و المتوغلة في أمكانية الفهم و التفهم لحدود آفاق ( الماقبل ) كبناء عاش دهورا و حقبا و أزمنة لا يعلمها الخطاب النقدي المعاصر ، ألا من زاوية الافهام الذهنية المتفردة و الفردية .