موسم الأمطار غير متعارف عليه منذ 20 عام، كنا نتعرض الى رشقات بسيطة هددت دجلة بالجفاف، مع سياسة دولية ضاغطة أقامت السدود على دجلة والفرات. ربما نسأل هل المطر نعمة أم نقمة؟ سؤال لا يزال يدور في سجالات السياسة، يجعلنا في دوامة التكهنات، ننقسم حسب الميولات وما يستطيع التأثير بطبيعة تناوله المشكلة، نصدق هذه الجهة وإن كذبت ونكذب تلك وإن صدقت!! تتسع الهوة مع كل أزمة بين الساسة، ليس مثل الشعوب تتأزر وتتعاضد، تحشد الجهود وتتقارب أيام الشدائد والكوارث، وبدل التراحم برزت نخبة سياسية تتراشق الخطابات، بعيدة عن شعب يعيش في المياه الأسنة منذ شهر، متوجس من رعب أخر وأشاعات بحدوث الزلازل الإرتدادية وتساقط البيوت، غاطسة معظمها متهالك أيل للسقوط.
سؤال من المسؤول عن إغلاق الطرق وجعل الماء الأسن يعود للبيوت؟ وبالفعل إن الأمطار أكثر من المألوف، ممكن أن تحدث السيول، وما مصمم لا يكفي الى 8% ، تنذر بكارثة حقيقة ومدن تعد منكوبة.
جهات حكومية وشعبية بذلت الكثير من الجهود والطاقات عززت المواقف الشجاعة والإنسانية، تعاضد أبناء المناطق، تعاونوا مع قوات الجيش وشرطة المرور وعمال البلدية للغطس في المجاري.
المسألة تحتاج البحث عن مشاكل وأليات المشاريع، التي من المفترض أن تكون مهيئة بمستوى التنفيذ والإستعداد ورصد الطواريء وما هي الخطط البديلة، ويبدو ان هنالك مشاكل حقيقية وإنهم لا يفكرون بالطرق التي تتناسب مع التطور العالمي الهائل، وطبيعة حركة المجتمع؛ حيث شهدت السنوات الأخيرة هجرة من الأطراف الى المراكز، ومن القرى والأرياف بإتجاه المدن. شرق بغداد كان 1,25 مليون وصل الى ما يزيد على 5 مليون وتجاوز سكان العراق 30 مليون.
أحياء توسعت وبيوت إنشطرت ما وصل بعضها الى 30 متر للعائلة، أيّ ما يقارب ثمانية أضعاف، تضغط على الماء والمجاري والكهرباء وحركة الشارع. سيول العام الماضي إنذار لم تتخذ الجهات الحكومية التحوطات، والأنواء الجوية حذرت العراق من طبيعة الخطر القادم. العراقيون ينتظروها بفارغ الصبر، كي تخضر الحقول، توضع الخطط الستراتيجية للهجرة المعاكسة، التي تنعش المزارع والأهوار.
المشكلة بالتنفيذ وعملية الربط، ولا يزال الإعتماد على عامل أمي المهنة، لا يعرف كيف يربط وما هي التفاعلات الكيمياوية ونوع الغازات المنبعثة، وكيف التخلص من النفايات دون حاويات، وإختراع ألية المكبات في المناطق، ما تسبب إنتشار الأمراض والأوبئة.
الرقيب عادةً ما يكون غائب والمهندس المقيم لا يقيم في المشروع، تدفع بعض الأهالي هم من يراقب دون علم بما يحدث تحت الأرض.
تنذر بكارثة أكبر من طبيعة ما حدث في مناطق لا تزال محاصرة، ربما تغيير من مسميات المناطق، ومنطقة جميلة لم تعد جميلة، نأكل مستقبلاً مواد غذائية بطعم مياه المجاري، وحي الشعب بدون شعب يسكنه، بينما يتصارع الساسة على مكاسب من مأساة عوائل مشردة، ومرضى كبار السن محاصرون في البيوت, أما مدينة الحسين( الحسينية)، تكشف سرقة تسمية ثورة الامام الحسين وزيف الإدعاء بالشعارات المدافعة عن الطائفة!!.