من يصاب بالعمى في أول العمر قد يعوضه الله بموهبة ما. أتذكر أني عملت أيام مراهقتي في معامل لإنتاج الصابون ومساحيق غسل الثياب، وطلب مني موظف اعمى أن اذهب به الى ال WC وكنت أجهل مكانها فكان يضرب بعصاه الأرض، ويصف لي الطريق: من هنا، ومن هنا، الى هناك، وهنا. حتى وصلنا.
في مرة كنت آخذ بيد صديقي الذي ضعف بصره في دروب القرية، وواجهتنا حفرة مر منها، ووقعت فيها، وكأني من الذين حق عليهم القول، من حفر حفرة لأخيه وقع فيها . وهذا مايفسر ربما وصف الأعمى بالبصير..
في حديث قدسي( من ذهبت بعينيه فصبر أوجبت له جنتي) وصحة الحديث تعود لطبيعة الإصابة، فهي حرمان كامل من النظر الى جمال الدنيا ومباهجها، فلايعود للأعمى ان يسعد بالأحداث، ولابطعام، ولاشراب، ولامضاجعة، فمن لم ير جمال المرأة لايحسن مضاجعتها بحقيقة اللذة.
جمهورية العميان تضم نسبا عالية من السكان الذين لايستحقون الجنة، وليس لهم نصيب من رحمة الله إلا بمايقرره هو لأن عمى سكان هذه الجمهورية جاء بالإختيار، وليس بالحوادث الدنيوية العارضة، هو ليس مرضا عضويا، أو نتيجة وباء، أو حادث حدث دون قصد من المبتلى بالعمى، والسبب يعود للإستخدام المفرط لأجهزة الموبايل، والحواسيب اللوحية، وأجهزة الكمبيوتر، والألعاب التي يقضي الناس ساعات من الليل والنهار في النظر إليها، مع مافي ذلك من مخاطر ليس على حاسة البصر وحسب، بل على خلايا الدماغ والأعصاب، ومن شاء فليرجع الى الدراسات والتحذيرات الطبية من مخاطر الإستخدام السيء لتلك الأجهزة.
يعكف الناس على الموبايل لساعات طويلة، والبعض يذهب للنوم ليرتاح قليلا ثم يعود للمداومة على متابعة مواقع التواصل الإجتماعي والإتصال بالأصدقاء الذين يتواجدون هم أيضا ولايكلون ولايملون.