10 أبريل، 2024 2:05 م
Search
Close this search box.

جمهورية العراق الثالثة … بعـــد التحـريـر

Facebook
Twitter
LinkedIn

صار واضحا جليا أن طرفي المعادلة في العراق هما ، الحشد الشعبي والمقاومة الأسلامية وقياداتها الميدانية الأبطال تحت رعاية المرجعية الدينية العليا متمثلة بالإمام السيد علي الحسيني السيستاني أعزه الله وأدام بقاؤه ، واسناد الأغلبية الشعبية الشجاعة ، والجمهورية الأسلامية في ايران بدعمها المتواصل من خلال تواجد القيادات الميدانية والسلاح والتقنية العسكرية العالية ، هذا الطرف الأول. وأما الطرف الآخر فتمثله الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الأكراد وسنة العراق والقيادات الشيعية الطامحة للسلطة والتي تورطت بالمشروع الأمريكي ـ التركي ـ السعودي ـ القطري.

ولا شك أن الطرف الثاني هو المتضرر من انتصارات الحشد الشعبي واكتساح حواضن داعش وتحرير مناطق تواجده والقضاء عليه وطرده من العراق ومسك الأرض وتغير المعادلة لصالح الشعب العراقي عموما وضرب مصالح الأمريكان وحلفائهم في العراق.

الحشد الشعبي يزداد عددا وقوة بانضمام أعداد كثيرة من أبناء المناطق السنية والتركمان والمسيحين وغيرهم فصار النصرمحققا إن شاء الله ، وهذا الأمر يقلق الطرف الثاني الى درجة قصوى لفقده زمام المبادرة ، فأدرك حلفاء الأمريكان من بعض قيادات الشيعة هذه الحقيقة فتسارعوا لتسجيل بعض المواقف والمشاركة في القتال لتلميع صورهم أمام الشعب العراقي إضافة الى أن الكثير من أتباعهم التحقوا بالحشد الشعبي دون إذن منهم بعد أن أكتشفوا زيف أدعاءاتهم مما يزيد من قلقهم في اضمحلال دورهم السياسي. ولهذا صارت الكلمة العليا الآن للحشد الشعبي والمقاومة الأسلامية وقادتها الأشاوس الذين سحبوا البساط من تحت اقدام القيادات السياسية الحالية.

أكثر مايقلق السياسين الحالين جميعا من الشيعة والسنة والأكراد أيضا هو ( ما بعد داعش ) فبدأوا يطلقون مبادرات المصالحة الوطنية حتى وإن كانت مع داعش تحت ذريعة أن سنة العراق يشكلون 90% من داعش وعليه يجب التفاهم معهم وإعادتهم الى الصف الوطني. وهنا تخطر عدة أسئلة منها:

أولا: المصالحة مع مَن؟ مع الخليفة ابو بكر البغدادي مثلا لأنه عراقي سني؟ أو مع عزت الدوري ؟ أو طارق الهاشمي؟ أو مع رافع العيساوي؟ أو مع علي حاتم السلمان؟ أو مع أسامة النجيفي؟ أو مع سليم الجبوري؟ أو صالح المطلك؟ أو مع رافع الرافعي؟ أو مع أحمد العلواني؟

ثانيا: مَن هو الشخص المخَول بالصلح مع داعش وحزب البعث من طرف الضحايا؟ مثلا عمار الحكيم؟ أو نوري المالكي؟ أو حيدر العبادي؟ أو مقتدى الصدر؟ أو أياد علاوي؟ أو مشية شيوخ عشاير وتحويلة وفصل؟ ومن أين حصلوا على هذا التخويل؟

ثالثا: هل استأذن زعماء الشيعة الذين يطلقون هذه المبادرات أهالي الضحايا من الشيعة والسنة؟

رابعا: هل استأذنوا المرجعية الدينية بهذا الأمر؟ وهل تقبل المرجعية الدينية بهدر حقوق الضحايا؟

خامسا: هل أن الوقت عاد مناسبا لأطلاق مبادرة المصالحة الوطنية؟

سادسا: ما هي شروط المصالحة؟ مثلا تسليم المجرمين الى القضاء؟ أو تقديم أعتذار؟ أو إجبار رئيس الجمهورية الكردي معصوم على المصادقة على قرارات المحكومين بالإعدام من الأرهابين؟ أو إجبار الأكراد على تسليم المجرمين القابعين في ما يسمى إقليم كردستان؟ وإجبار الأكراد على إعادة ما سلبوه من أسلحة ومعدات من الجيش والشرطة؟ وإعادة اموال النفط المهرب؟ والإنسحاب من كركوك والمناطق المتنازع عليها؟

جميع هذه الأسئلة وغيرها يتوجب على زعماء شيعة العراق السياسين الإجابة عليها وتوضحيها.

الحل ليس في المصالحة الوطنية المزعومة وليس هذا أوانها ياسادة..! وليس لكم الحق في التنازل عن حقوق الضحايا والتحدث بالنيابة عنهم والتفاوض بأسمهم ، لا حل أمامكم غير الإذعان لصوت الشعب والوقوف مع إرادته وتطلعاته وما يصبو إليه ، يكفينا أنكم تآمرتم على إرادته وأغلبيته واستقويتم بشعار المقبولية من أجل الحصول على الوزارات والمناصب..! يكيفينا ذلا ومهانة وتشرد ونهب وسلب لثرواتنا واستهانة لكرامتنا…!

واذا كانت الجمهورية العراقية الأولى أسس لها المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم عام 1958 وما نتج عنها من دستور لبى متطلبات مرحلتها ، وجاءت الجمهورية الثانية عام 2003 وبرعاية أمريكية وأنتجت لنا دستورا مشوها وعملية سياسية عوراء عرجاء ، فصار من اللازم اليوم إلغاء كل ما جاءت به القوات الأمريكية و التأسيس للجمهورية العراقية الثالثة يتولى المهام فيها رجال وطنيون مخلصون يؤمنون بسيادة العراق وحرية شعبه وكتابة دستورا يتناسب مع الواقع الجديد بعد تحرير العراق من الارهاب.

فبعد أن بات في حكم المؤكد تحرير العراق من عصابات الإرهاب ، فعلى الجميع الإنتظار حتى تضع الحرب أوزارها ويتم الفرز الكامل بين العناصر المخلصة والقيادات الحقيقية وبين العناصر المعادية للعراق وشعبه وعزلهم تماما عن الواقع السياسي ، وتبدأ الخطوة الأولى في حل البرلمان وإيقاف العمل بالدستور وإلغائه واجراء انتخابات حرة نزيهة للخلاص من عناصر داعش داخل العملية السياسية سواء كانوا في البرلمان أو الحكومة ومجيء أبناء السنة الشرفاء الى قبة البرلمان كممثلين حقيقين لمحافظاتهم ومناطقم ، لأن سنة العراق الشرفاء تم اختطاف رأيهم من البعثين تارة تحت شعار القومية ومن القاعدة ومن داعش تارة أخرى تحت عنوان المذهبية والطائفية وفرضت عليهم شخصيات نفعية تحمل أجندات خارجية مرتبطة بتركيا والسعودية ، فالعراق اليوم بحاجة الى رجال من السنة الشجعان المخلصين كما أن شيعة العراق بأشد الحاجة الى إبعاد أو استبدال هذا الطاقم السياسي الشيعي النفعي الخانع البائس الذي جعل من شيعة العراق حقل تجارب ، ولم يستفد منه شيعة العراق غير البؤس والفقر والخراب والدمار وخلق طبقة سياسة برجوازية مرعبة ومخيفة استولت على المال والسلطة.

وبعد أن تتم عملية الأنتخابات يعمد الى كتابة دستور جديد بأيد عراقية دون إشراف أو تدخل أمريكي هذه المرة ، كتابة دستورا يضمن حقوق جميع أبناء الشعب العراقي دون تميز ولاينص على إعطاء مكون أو قومية امتيازات أو التمتع بوضع خاص دون قومية أخرى… نعم كُتب هذا الدستور في مرحلة على وجه السرعة وكانت يتطلب أن يكون هناك دستورا لكن خلال هذه الفترة اكتشف أنه لا يناسب المرحلة الراهنة أو المستقبلية ، فلا يعجب أحد من عملية إلغاء الدستور الحالي ويعتبرها انقلابا ، بل ستكون البداية المباركة لتصحيح الخلل الكبير في العملية السياسية كما أن العراق ليس الدولة الأولى والوحيدة التي تلغي دستورها وتكتب دستورا جديدا فمصر كتبت دستورين منذ سقوط نظام حسن مبارك 2011 ولحد الآن.

فلابد من استثمار هذه الفرصة الثمنية من قبل كل العراقين في تصحيح المسار بعد تحرير الأرض من الإرهاب وحواضنه واتباعه ومروجي فكره وتحرير العقول من عبادة الأصنام والشخوص والأفكار الجاهزة والمفروضة على الشعب من الخارج عبر وسطاء لا يتمتعون بالنزاهة والشفافية في مختلف مكونات الشعب العراقي.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب