لم يكن صحيحا إرتداء وتجول السيد مقتدى الصدر بلباس عسكري كامل داخل مدينة بغداد قبل يوم من التظاهرات المليونية التي دعى إليها في ساحة التحرير والتي تحولت إلى تظاهرات ألفية لم يتجاوز عدد المشتركين بها عشرين ألفا كما ظهر واضحا في شاشات القنوات الفضائية! الصدر أول من تصدى لمن يرتدي الملابس العسكرية من المدنيين مهما كانت صفته والمقصود هنا فصائل الحشد لأن مكان هذه الملابس هو ساحة المعركة، لكنه ظهر مرتديا تلك الملابس (المرقطة) متناسيا دعوته السابقة.. في يوم الجمعة الخامس عشر من تموز 2016 إرتفعت درجة الحرارة في بغداد ووصلت إلى 48 وكانت أحد أسباب إنهاء التظاهرات بسرعة بعد خطبة مكررة وشعارات مكررة أيضأ.. هذا التناقض غير المسبوق وفشل المنظمين لم يأت من فراغ بل نتيجة لإضطرابات المشهد السياسي في العراق أصلا.. وتفاعل ودخول مستجدات ومتغيرات على مدار الساعة ساهمت في شق صفوف جميع الكتل الكبيرة والمؤثرة وعلى رأسها التيار الصدري، فالصدريون ( أتباع السيد الصدر ) دخلوا في جميع ميادين الدولة بلاإستثناء فلهم موطأ قدم في الرئاسات الثلاث وعدد من الوزارات ووكلاء الوزارات والدرجات الخاصة والمدراء العامين والسفراء والملحقين والقناصل وكبار الضباط في صفوف الجيش والأمن الوطني والمخابرات وأجهزة إعلام الدولة ورؤساء جامعات وعمداء كليات وهم يسيطرون على الكتلة المؤثرة في مجلس النواب ( الأحرار) ويرأس عدد من أعضائها لجان مهمة كاللجنة الأمنية (السيد حاكم الزاملي) وقنوات فضائية وصحف ومجلات ومكاتب سياسية وإقتصادية وأمنية وبحثية داخل المقرات الرئيسة وملايين المؤيدين في جميع محافظات العراق وقوة ضاربة وفرق عسكرية سميت بسرايا السلام وعضو في مجلس القضاء الأعلى ومرجعية دينية..
بمعنى آخر جمهورية الصدر القوية داخل جمهورية العراق الضعيفة! لكن الصدر أخطأ وياله من خطأ يستفحل ويتراكم حين لاينبهه أحد.. في يوم الأربعاء الماضي أي قبل يومين من التظاهرات صرح السيد مقتدى الصدر بأن سرايا السلام لا علاقة لها بالتيار الصدري ثم ظهر بعد ساعات وهو يجتمع بقادة السرايا! والصدر وثق كثيرا بمساعديه وكبار أتباعه حين أوهموه بأنهم مثال النزاهة والثقة والإلتزام بينما إكتشف في الوقت بدل الضائع أن من تياره ظهر أباطرة للفساد وزعماء انتحلوا إسم عائلته كدرع قوي لمن يتورط ويقترب منهم..فالمنحرفون والفاسدون واللصوص الذين يتم فضحهم وكشف أوراقهم وهم من حاشية الصدر وأتباعه لا يحق إلا للصدر أن يعاقبهم وأضرب مثلا واحدا وهو الفاسد بهاء الأعرجي.. الصدر كسب ود السنة وأصبح حليفا جاهزا لهم أما حلفاؤه داخل التحالف الشيعي فهم مرتعبون منه ومن مؤيديه ، على الأقل يتحججون بقتال داعش الآن ولاوقت لكل شيء ، ما دفع الصدر وأتباعه للإستمرار في خطوط الإحتجاج السلمية الأفقية التي خسرها وفككوا جمهوريته العنكبوتية هذا اليوم أمام عمود رفعه العبادي والحكيم والعامري ضده أطلقوا عليه عنوان نكهة النصر ليس على داعش وحسب بل الإئتلاف الشيعي اليميني ضد الإئتلاف الشيعي اليساري الذي مثله السيد مقتدى الصدر..