د. عبد جاسم كاظم الساعدي مازال يحرث في الارض الموات لإنبات زهرات الثقافة
شهد المشهد العراقي بعد العام 2003 ظهور الكثير من منظمات المجتمع المدني التي تختلف في توجهاتها ومصادر تمويلها وأهدافها وبعضها استطاع الاستمرار في مسيرة العمل المدني والبعض الآخر لم يتمكن من الاستمرار لأسباب قد تكون إدارية ، تمويلية أو عدم وجود البيئة المساعدة على إطلاق مشاريعها التنويرية ، وفي خضم الزخم الحاصل في هذا المضمار الحيوي للمجتمعات الانسانية ظلت جمعية الثقافة للجميع التي يرأسها د. عبد جاسم كاظم الساعدي ظلت تقارع الواقع العراقي رغم مراراته لتحقيق أهدافها التنويرية المدنية الثقافية وذلك بعد عقود من زمن الحروب والدكتاتورية المرتبطة بالنظام البائد وتبلور واقع عراقي جديد لا يختلف تعقيدا ً عن واقع حقبة الدكتاتورية فالتحديات اختلفت تبعا للظروف والمعطيات التي شهدتها فترة ما بعد التغيير ، واذا ما راجعنا مسيرة جمعية ( الثقافة للجميع ) منذ تأسيسها حتى اليوم نلمس جليا ً حجم الجهود المبذولة من قبل كادر الجمعية المذكورة بإدارة د. عبد جاسم الساعدي وهو شخصية تربوية وأدبية معروفة وله من الخبرة ما يؤهلها لقيادة هكذا جمعية معنية بالعمل المدني الذي نحن في أمسِ الحاجة له نظرا ً لما ينوء به المجتمع العراقي من مشكلات جمة خلفتها حقبة الدكتاتورية السابقة والفترة الحالية ما بعد 2003 حتى الآن وبالتالي نشوء واقع مليء بمشكلات حقيقية وهنا تجسدت جهود الجمعية في محاولة إرساء تقاليد العمل المدني من خلال ما أطلقته من مشروعات تربوية تمثلت في إطلاق حملات مكافحة الأمية لاسيما في المناطق التي هي بحاجة أكثر من غيرها لتلك الأنشطة التعليمية وبعد حصيلة 8 سنوات تخبرنا الاحصاءات الرسمية لنشاط الجمعية أن هناك شريحة واسعة استفادت من تلك البرامج والدورات التعليمية التي لم تقتصر على دورس تعليم القراءة والكتابة بل تعدتها لأنشطة أخرى تتعلق في تعليم برامج الحاسوب وتدريب المهارات وتطويرها لرفد سوق العمل بعناصر مؤهلة ، وكذلك شملت مشروعات الجمعية الدورات التدريبية والورش المختلفة في مجال حقوق الانسان والمرأة والطفل ، ولعل إفتتاح الجمعية المذكورة برامجها بمهرجان للطفل وكان ذلك قبل عدة أعوام هو علامة بارزة على تبني موضوعة الطفل بوصفه النواة الاساسية لقيام المجتمعات ومضى برنامج ( الثقافة للجميع ) في أفاق أبعد تنوعت بين الادب والفنون والقيادة واتسع نطاق تلك الانشطة في بقاع مختلفة من وطننا العراقي الجريح حيث شهدت محافظات بغداد ، كركوك ، الانبار ، البصرة ، ومناطق أخرى أنشطة أدبية وفنية متنوعة فضلا ً عن استمرار الدورات التأهلية للشباب والشابات ، وما يحسب ل ( الثقافة للجميع ) ان الكادر الإداري الذي يقود دفة العمل ممن لهم خبرة ودراية في العمل المدني من أولئك الذي مارسوا النشاط المدني في أنكلترا لذا تفاعلت وتلاحقت جهود الكادر الإداري لتنتج النجاحات تلو النجاحات فاليوم وبعد مرور بضعة سنوات على إنطلاق هذه الجمعية استعطنا أن نتلمس صداها بين الكثير من الاوساط الشعبية والرسمية وما يستحق الاشارة له أن الجمعية المذكورة تعمل بدون تأثيرات حزبية أو أديولوجية لان همها الحقيقي هو إعادة تنشيط المياه الراكدة وإعادة الدور الحيوي للثقافة والتعليم وتأهيل الشباب المحروم من فرص التعلم وإكتساب المهارات المطلوبة واتسم نشاط هذه الجمعية بعقد الندوات والملتقيات لإتاحة الفرصة لطرح الرؤى والافكار الى جانب الدورات والورش في مختلف المجالات وتعززَ وجود هذه الجمعية من خلال إصدارمجلة بعنوان ( السؤال ) لرفد الحركة الثقافية والإعلامية ، ويؤمن القائمون على جمعية الثقافة للجميع أن إنبثاقها لم يأت لممارسة حالة من الترف بل هو ضرورة قصوى ليلبي حاجات اجتماعية وثقافية وتربوية في مجتمع أنهكته الحروب والديكتاتورية والآن سلطة الاحزاب الدينية الفاشلة والفاسدة وثقافة المحاصصة المقيتة ، ولم تقتصر ثمار عمل ( الثقافة للجميع ) على وجود عدد من المستفيدين من برامجها من شرائح مختلفة من المجتمع بل ان دورها في حمل قنديل الثقافة لتكريس فلسفة الحب والجمال عبر نافذة الابداع الفني والثقافي تجسد في إفتتاح قاعة ( فؤاد التكرلي ) التي أسست تقليدا ً ثقافيا ً تمثل في إقامة الامسيات والاصبوحات الثقافية صباح كل خميس حيث يجتمع المعنيون بالظاهرة الثقافية على مائدة الابداع ليتبادلوا الأفكار والرؤى حيال قضايا الادب والفن ، وآخر ما شهدته القاعة مؤخرا ً هو الاحتفاء بالفنان والناقد قاسم ماضي بمناسبة صدور كتابه ( في ثنايا القصائد ) ولطالما عبر القائمون على جمعية ( الثقافة للجميع ) أنها إعتمدت في آلية عملها على أسس فلسفية عميقة تم أستحضارها من نظريات ومناهج علمية وتجارب عملية في مجتمعات ناهضة ، وبعد سنوات من العمل الجاد وتلمس نتائجه المثمرة حري ُ بنا أن نفخر بهذه الجمعية وبكادرها الاداري ممثلا ً بالدكتور عبد جاسم الساعدي الذي أكد لنا إصراره على المضي في طريق العمل ومواصلة العمل رغم الصعوبات الكثيرة لنرى مجتمعا ً عراقيا ً معافا ً وخلاّقا ً من آثار ما مر به من نكبات ، ولا ننسى أن الساعدي هو اليوم أحد مرشحي التيار المدني الديمقراطي الذي تحمل قائمته الرقم 232 ويحمل برنامجه الانتخابي الكثير من الرؤى التي تتركز حول الدور النهضوي للعلم والمعرفة والثقافة واستغلال موارد البلد للتنمكية البشرية والرخاء ، وبعد مرور سنوات على عمله في مضمار العمل المدني يمكننا ان نمنحه الثقة ليكون ممثلنا في البرلمان الجديد فالنهج المدني هو طريق خلاصنا من غياهب التخلف والتراجع الذي نشهده في عراق اليوم .