لن أذهب بعيداً لأقول إن جمعة الأعظمية الموعودة واحدة من الفتن التي تعودنا كنتيجة طبيعية لاستعانة المعارضة العراقية بأمريكا لإسقاط نظام صدام، ولكنها تبدو الفتنة الأكثر ضرراً حتى من مسجد ضرار الذي نزلت فيه آية .
في الأعظمية شوهد صدام يوم سقوطه المخزي له ولحزبه ولأنصاره الذين لم يتحركوا ضد النظام الجديد الا بعد أن اطمأنوا الى أن ” الجايين ” كومة خرگه وورق كلينكس للحمام فقط ، وأن الراعي الأمريكي وحلفاءه البريطانيين، هم من يسوگهم في العراق الجديد سوگ العصا، ولهذا حج الجميع من المعارضين الجدد للاحتلال والعملية السياسية ومعهم البعثيون أيضاً، صوب البيت البيضاوي العتيق في واشنطن بالواسطة، عبر هذا السفير أو ذاك المسؤول الاستخباري، أوعن طريق إقليميين يعترفون بعظمة لسانهم إنهم نعاج متعودين على سوگ العصا!.
وفي الأعظمية ضريح الامام التاجر الورع الزاهد أبو حنيفة النعمان وذكريات جسر الأئمة والشهيد عثمان العبيدي وأداء سيء لمن يعتبرون أنفسهم مرجعيات دينية من الطرفين ، وزعماء كشف الواقع فسادهم وتمسكهم بالدنيا و بقطعة أرض هنا وأخرى هناك بالقرب من الأعظمية، بالكاظمية مثلاً !.
وفي الأعظمية دعوات لجعل المنطقة آمنة بعيدة عن كل نيران الفتن والطائفية البغيضة ولن يتم ذلك الا بإعلانها من ضمن العتبات الدينية المقدّسة ولكن بعيداً عن كل الممارسات والطقوس الخالية من الدروس والمثيرة للاختلاف.
في الأعظمية محاولات من أيتام صدام لتحويل الصلاة في مرقد الامام أبو حنيفة النعمان الى فتنة ربيع عربي فشلت بكل ما للمعنى من فشل، في تونس وليبيا ومصر وهاهي اليوم تحتضر في سوريا، وبانت عورتها في البحرين وفي إيران لأن من يقف خلف ثور……ات الربيع العربي لديهم شتاء وصيف فوق سطح واحد، ويكيلون بأكثر من مكيالين،وكل يعمل على شاكلته، واللى يدرى يدرى واللى مايدرى قضبة عدس!.
في الأعظمية شعب من أهل العراق الأصيلين يكرمون السني والشيعي والكردي والتركماني وقد دخلت بيوتهم وكنت ضد صدام وكانت من ضيفنتي وأسرتها معه، ومازال طعم طبخها في فمي، وهؤلاء يجب أن نجنبهم كل محذور ومايسبب لهم الأذى حتى في التفتيش.
يا جماعة الخير ..
لو تسألوني أنت مع نوري المالكي أو استمرار الاحتجاجات عليه لقلت إنني أرفض العملية السياسية التي جاءت بالمالكي وحكومته، وأطالب بالتغيير الشامل بأساليب سلمية بعيداً عن العنف ودون الاستعانة بالخارج الإقليمي والدولي، ولكن ليس الآن يامخلصي مظاهرات الأنبار وأخواتها و “نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم”. والناس ليسوا سواء لكي نخاطبهم بخطاب واحد، ولكل مقام مقال ، ولكل حدث حديث.
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتحدث للقوم بمقامات يختلف فيها الخطاب من مقام إلى آخر. ففي مقام السياسة كان أحياناً يستعمل التورية. وفي مقام الدعوة كان خطابه مفعماً بالهدوء والحكمة ولين العبارة. وفي مقام الإعلام يقول: أتحبون أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وفي مقام التعليم كان يعطي لكل شخص ما يرى أنه بحاجة إليه ويبدأ بصغار الناس قبل كبارهم وهكذا بقية المقامات . ومشكلتنا اليوم أننا نعيش إرباكاً في تحديد نوعية الخطاب وأن الكثيرين يستخدمون خطابا واحداً لكل الفصول ولكل المقامات.
وفي مقام الفتنة قَال علي (عليه السلام): كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ.
خطب علي عليه السّلام بالنهروان إلى أن قال فقام إليه رجل آخر فقال له عليه السّلام : حدّثنا عن الفتن وقال عليه السلام إن الفتن إذا أقبلتْ شُبهتْ و إذا أدبرتْ نبهتْ ، يُشبهن مُقبلات و يُعرفن مُدبرات ، إن الفتن تحومُ كالرياحِ يُصبن بلداً و يُخطئن أخرى.
والعاقل يفهم.
مسمار :
رُبَّ كلامٍ يُثيُر الحروبْ!