22 ديسمبر، 2024 5:13 م

جمال صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة

جمال صوت المرأة في السرديّة التعبيريّة

ملامح السردية التعبيرية في ديوان (( أوراق تنام مبللة .. حديث ليل ومداد .. للشاعرة المغربية : فوزية أحمد الفيلالي )) .

يقول ( هيجل ) : الشعر هو الفن المطلق للعقل , الذي أصبح حرّاً في طبيعته , والذي لا يكون مقيّداً في أن يجد تحققه في المادة الحسيّة الخارجية , ولكنه يتغرّب بشكل تام في المكان الباطني والزمان الباطني للافكار والمشاعر .

مما لاشكّ فيه انّ الموهبة قد تموت وتنتهي بالتدريج اذا لم يستطيع الشاعر تطويرها واستثمارها أقصى إستثمار عن طريق الاطلاع على تجارب الاخرين والاستفادة منها والاتكاء على المخزون المعرفي لديه , وتسخير الخيال الخصب في انتاج وكتابة كتابات متميّزة ومتفرّدة تحمل بصمته الخاصة التي عن طريقها يُعرف ويُستدلّ بها على إبداعه , وقد تموت ايضا اذا لم تجد التربة الصالحة والمناخ الملائم لأنضاجها , وقد تنتهي حينما لمْ تجد مَنْ يحنو على بذورها التي تبذرها ويعتني بها ويُسقيها من الينابيع الصافية والنقيّة , فلابدّ من التواصل والتلاقح مع تجارب الاخرين الناجحة والعمل على صقل هذه الموهبة وتطويرها والاهتمام بها وتشجيعها والوقوف الى جانبها قبل أن تُجهض . نحن سعداء جدا في مؤسسة تجديد الادبية ان نستنشق الان ملامح إبداع جميل وحضور مشرق من خلال دعمنا المستمر للمواهب الصادقة والناجحة في هذا الموقع , فلقد اصبح لدينا الان مجموعة رائعة جدا من الشعراء والشواعر الذين يجيدون كاتبة القصيدة السرديّة التعبيريّة , ونحن لم ندّخر اي جهد في مساعدة الجميع عن طريق الدراسات النقديّة والنشر والتوثيق المستمر في المواقع الالكترونية الرصينة وفي بعض الصحف الورقيّة , وابداء الملاحظات من أجل تطوير وإنضاج هذه الاقلام الواعدة , نحن على ثقّة سيأتي اليوم الذي يشار الى كتابات هؤلاء والاشادة بها والى القيمة الفنية فيها ومستوى الابداع والتميّز وما تحمله من رساليّة فنيّة وجماهيريّة .

فلم تعد قوالب الشعر الجاهزة ترضي غرور شعراء السرد التعبيري لذا حاولوا ونجحوا في الانفلات من هذه القوالب ومن هيمنتها ولو بشكل محدود ( في الوقت الحاضر ) , وتجلّ هذا من خلال طرق كتابة النصّ والموضوعات التي يتطرق اليها , وترسخت فكرة التجديد لديهم وخطّوا لهم طريقا مغايرا في كتاباتهم , وصاروا يواصلون الكتابة وياخذون منحا اخر لهم بعيدا عما هو سائد الان في كتابة قصيدة النثر , صارت القصيدة أكثر حرّية وانفتاحا على التجارب العالمية , لقد منحت السرديّة التعبيريّة لكتّابها الحرية والواسعة والفضاء النقيّ الشاسع والأنطلاق نحو المستقبل خاصة حينما يكون التعبير أكثر شبابا وصدقا عن المشاعر الحقيقية المنبعثة من القلب الصافي كالينبوع العذب , فلقد أحسّ الشاعر بمهمتة الصعبة في الكتابة بهذا الشكل الجديد والمختلف والذي نؤمن به وبقوّة , فنحن نؤمن وعلى يقين بانّ القصيدة السردية التعبيريّة هي قصيدة المستقبل لقدرتها على الصمود والتطوّر المستمر نتيجة التجربة الطويلة والتراكم الابداعي , بروعة ما تقدّمه وتطرحه على الساحة الشعرية , نعم أحسّ الشاعر بالانتماء والاخلاص لهذا اللون الادبي الجديد والذي نطمح في قادم الايام ان يكون جنسا أدبيا متميّزا , لهذا استطاع الشاعر ان يطوّع المفردة رغم قسوتها وعنادها وإعادة تشكيلها وتفجير كل طاقاتها المخبوءة , وأن يفجّر من صلابتها الينابيع والانهار وإستنطاقها نتيجة ما يمتلكه من خيال جامح ابداعي وعاطفة صادقة جيّاشة وإلهام نقيّ وقاموس مفرداتي يعجّ باللغة الجديدة .

سنتحدث اليوم عن صوت المرأة الشاعرة في السرديّة التعبيرية ونختار بعض القصائد كي نشير الى مستوى الابداع وكميّة الشعرية فيها , ونستنشق عبير هذه القصائد النموذجية .

انّ حضور الصوت النسائي في السرديّة التعبيرية له تاريخه المشرق وحضوره البهيّ , فمنذ تاسيس موقع ( السرد التعبيريّ ) كان حضور المرأة الشاعرة متميّزا ينثر عطر الجمال ويضيف ألقاً وعذوبة في هذا الموقع الفريد والمتميّز, وقدّمت قصائد رائعة جدا تناولها الدكتور انور غني الموسوي بالقراءات الكثيرة والاشادة بها دائما , وتوالت فيما بعد الاضاءات والقراءة النقدية لهذه التجارب المتميّزة من قبل بعض النقاد ومن بعض شعراءها . فاصبحت هذه القصائد نوعية مليئة بالابداع الحقيقي وبروعة ما تطرحه من أفكار ورؤى ومفعمة بالحياة وروح السرديّة التعبيريّة وخطّتْ لها طريقاً تهتدي به الاخريات ممن عشقن السرد التعبيري وحافظن على هيبته وشكله وروحه والدفاع عنه . لقد أضافت الشاعرة الى جمالية السرديّة التعبيريّة جمالا آخر وزخما حضورياً وبعثت روح التنافس وحرّكت عجلة الابداع فكانت بحق آيقونة رائعة . القصائد التي كتبتها المرأة في السرد التعبيري كانت معبّرة بصدق عن اللواعج والالام والفرح والشقاء والحرمان والسعادة , بثّت فيها شجونها وخلجات ما انتاب فؤادها , ولقد أزاحت عن كاهلها ثقل الهموم وسطوة اللوعة , ولقد جسّدت في قصائدها آلامها ومعاناتها في بناء جملي متدفق , منحت المتلقي دهشة عظيمة وروّت ذائقته وحرّكت الاحساس لديه . كانت وستظلّ زاخرة بالمشاعر والاحاسيس العذبة ومتوهّجة بفيض من الحنان , نتيجة الى طبيعتها الفسيولوجية والسايكولوجية كونها شديدة التأثر وتمتاز برقّة روحها فانعكس هذا على مفرداتها وعلى الجو العام لقصائدها , فصارت المفردة تمتلك شخصية ورقّة وعذوبة وممتلئة بالخيال وبجرسها الهامس وتأثيرها في نفس المتلقي , فكانت هذه القصائد تمتاز بالصفاء والعمق والرمزية المحببة والخيال الخصب والمجازات ومبتعدة جدا عن المباشرة والسطحية , كانت عبارة عن تشظّي وتفجير واستنهاض ما في اللغة من سطوة , كل هذا استخدمته بطريقة تدعو للوقوف عندها والتأمل واعادة قراءتها لأكثر من مرّة لتعبر عن واقعها المأزوم وعن همومها وهموم النساء في كل مكان . فرغم مشاغلها الحياتية والتزاماتها الكثيرة استطاعت الشاعرة ان تخطّ لها طريقا واضحا وتتحدّى كل الصعاب وترسم لها هويّة واضحة الملامح , فلقد بذرت بذورها في ارض السرد التعبيري ونضجت هذه البذور حتى اصبحت شجرة مثمرة . لقد وجدنا في النصوص المنتخبة طغيان النَفَس الانثوي واحتلاله مساحة واسعة فيها معطّرة برائحتها العبقة واللمسات الحانية والصدق والنشوة , فكانت ممتعة جدا وجعلت من المتلقي يقف عندها طويلا منتشيا , وحققت المصالحة ما بين الشاعرة والمتلقي وهذا ما تهدف اليه الكتابة الابداعية .

متى امتلك الشاعر ناصية اللغة وسخّرها كيفما يشاء من اجل إنضاج النسيج الشعري لديه والذي من خلاله يحاول ارسال رسالة معينة من خلالها حتما سيكون نتاجه الشعري ثرّ ويستحق القراءة والمتابعة والاشادة , فالشاعر يستطيع ان يتعامل مع اللغة تعاملا منتجا ابداعيا , فهو بمقدوره ان يدخل منطقة الحلم في يقظته التي اشبه ما تكون بالحلم , ويستطيع اعادة صياغة الواقع بطريقة ابداعية جديدة تختلف اختلافا شديدا عما نعرفه في حياتنا اليومية , حينها تكون اللغة باشتغالاتها الجديدة في رسم علاقات ودلالات وامكانيات اخرى , وكأن الشاعر يقوم بانتاج قاموس لغوي جديد خاص به . هذه االغة يكون بامكانها ان تخلق عالما غريبا قادما مما وراء الحلم , تعبّر عن مواقف الذات الشاعرة في هذا العالم عن طريق صراع كائناتها التي تخلقها ورسم مصيرها واحتجاجها ورفضها لما يحدث في محاولة لرسم الجمال واعلاء شأنه أمام زحف هذا الظلام وخنق الازهار في ساعة الغبش . لقد وهبنا الحلم لنتمرّد على واقعية الحياة وقسوتها , فهو رفيقنا الطفولي الذي يرافقنا قبل ان تداهمنا الشيخوخة والسبات الطويل . لقد فتح لنا هذا الحلم الأبواب مشرعة لنلعب خارج الازمان والامكنة عن طريق كتابة الشعر , وبثّ الحياة في الجمادات واستنطاقها والاستبصار في حقيقة هذا الوجود وأنسنة الطبيعة وطبعنة الأنسان , هذا وغيره ما يقوم به الشاعر الحاذق والمتمكن من أدواته , كونه مخلوق عجيب يعمل كالساحر , يحتمي بالشعر من زمهرير الحياة العادية بامتلاكه خيالا جامحا منتجا به يستطيع اعادة تشكيل هذه الحياة بصورة غريبة مثيرة للريبة والشكّ والحيرة والتأمل .

منذ العام 2015 العام الذي أعلن فيه عن تأسيس والاعلان عن القصيدة السردية التعبيرية والمنبثقة عن قصيدة النثر بشكل الحالي اي القصيدة التي تكتب أفقياً على شكل فقرات نصيّة متتالية دون تشطير او فراغات او نقاط بين فقراتها , اي القصيدة التي تكتب على شكل كتلة واحدة أفقية تنثّر الشعر وتشعّر النثر , حيث ينبثق الشكر الكثير من النثر الكثير , ومن ملامحها انها تعتمد على السرد ولكن هذا السرد لا نقصد به السرد الحكائي القصصي وانما السرد الممانع للسرد حيث تتضخم طاقات اللغة وتعتمد على نقل الشعور العميق والاحاسيس المرهفة الجيّاشة والخيال الجامح الذي عن طريقه يمكننا اعادة صياغة الواقع وإلباسه صفة اللألفة ( وقعنة الخيال ) وكذلك تمتاز بالازياحات اللغوية العظيمة , فنحن اذا قرانا هذه القصيدة يتبادر الينا في البدأ اننا نقرأ قصة او حكاية لكن فجأة تنحرف اللغة فيها انحرافا شديدا , منذ ذاك الحين وهذه القصيدة تحثّ الخطى بخطوات متسارعة واثقة تحاول ان تجد لها مكانا في عالم الادب , وهذا لم يحدث الا بسبب إخلاص كتّابها اليها والتمسّك بها والدفاع عنها , لقد ازداد عدد كتّابها وسيزداد مستقبلا بالتأكيد لجماليتها وعذوبة اللغة فيها وسحرها الذي يتنامى في نسيجها الشعري شيئا فشيئا . اليوم هناك المئات من القصائد السردية التعبيرية التي تمتاز باللغة العالية والمجاز والانزياح والخيال والاستعارة وغير ذلك , وايضا اليوم هناك العشرات من الدواوين التي تهتم بهذه القصيدة السردية التعبيرية عربيا وعالميا , وكذلك أصبحت هناك مواقع ألكترونية عربية واجنبية متعددة تهتم بهذه القصيدة .

واليوم سوف نقرأ ملامح القصيدة السردية التعبيرية في ديوان الشاعرة : فوزية احمد الفيلالي .. أوراق تنام مبللة .. حديث ليل ومداد . وبيان هذه الملامح وتعدادها حسبما جاءت في هذا الديوان الجميل .

1- اللغة المتموّجة والتي تتناوب ما بين فقران وتراكيب توصيلية وأخرى انزياحية , كما في نصّ / عارية الروح .. / عارية الروح، أمشي نحو خطى عطشى الى طريق مسدود، بجوارح أصابها صم اللقاء ../ وكذلك في نصّ/ تكسرت أحذية الجدران بحرا .. / أدرت رأسي في كل اتجاهات البوصلة حيث يقبع ذلك الظل المنبوذ في مطية الورق، البورصة مرتفعة وصوت الكلاب صدّ أنفاسي كمن يحسب ذرات الثلج من خلف نافذة قطار سريع الوثب .. وكذلك في نصّ / فقاعات فراغ تتنكر لي ../ في عباب ذلك الليل كنت أنا وأنا وكنت ظلي المسجىّ على حافة السحاب المترامي لأطراف الدهشة النورانية وعصفور المدى يحملق في وجهي العبوس ../ وكذلك في نصّ / أرغفة من تراب … / يبدو أن الصبح قد ولّى باكرا والأبراج نامت على حديث الجفون التي أرهقها شباك سحرة فرعون في مخفر التحنيط .

2- التوافق النثروشعري اي الشعري الصوري المعتمد على الصورة الشعرية , ومن أوضح الاساليب التي تحقق حالة التوافق النثروشعري هي اللغة التي تتموّج ما بين القرب والتوصيل وبين الرمز والايحاء وبين التجلّي والتعبير ( وقعنة الخيال ) , اي إظهار الخيال بلباس واقعي مما يعطي النصّ عذوبة وقربا والفة ويزيل عنه حالة الجفاء او جفاف او اغتراب يطرأ عليه بفعل الرمزية والايحاء وكما في نصّ / ترانيم هوى / تجترني الهمهمات عبثا وتبوح في داخلي أشعار ميتة لم تثنيها قوافل الركب السحرية، كما تمثال الحرية ألوح بيديّ عاليا في الفضاء، أطل من شرفة الاوزون مبتسمة ولا أحد يسمع هتافاتي في خضم الضباب .. وكذلك في نصّ / سيجارة على خد أنثى / .. هي سويعات مجنونة تترصد وحدتي داخل سقوف التشظي ،ينسل سيف راحتي من بين أضراس الوقت الميت تتضارب حوادث أفكاري تعصرني حجرا .تقرض وجنتي دخانا ملوثا بأحمر شفاه .. وكذلك في نصّ / شاء القدر أن كان / .. وصلتني منه رسالة على أجنحة غمغمتي الثرثارة في علبة ليلي البهيم تجمد ضوء القمر في غرفتي انساب نجم معجب بروايتي، شذى لوعة العبرات حين انتهى من ارتداء ثوبه في لباس شوقي إليك الممتد عبر أفق الصدى.

3- البوح التعبيري وهو وصف العالم وطلب الخلاص بطرح رؤية فردية عميقة للحياة وما هو واجب ومفترض , فتكون معاني الاشياء غير معانيها . كما في نصّ / في قبيلتي لا شيء يذكر / .. وحده الكلام يقول أشياء ثم يقبرها فجرا. ماتت قبيلتي على صخب خطوات عبدة شياطين الهيب هوب وأبي الهول منتصب القامة يصفق وعلى جبينه علامة!؟ / , وكما في نصّ / لماذا هذا الحرف يزعج آذاني؟ / .. بين الفينة والأخرى وجدتني أتقلب في فراش كوابيس تفاهات تدور بأم حواراتي النفسية ،تنغص ماء الليل الفاتر ،ترمي أشواك المعنى المعقد في كراساتي الفلسفية داخل نقط مجوفة لبقايا أفلاطون ،وهوس أرسطو.

4- البوح الأقصى وهو طريقة كتابة تشتمل على تعابير شديدة البوح وتحمل أقصى أشكال ابراز المكنونات النفسية بكلمات وتعابير في أقصى درجات البوح , وكما في نصّ / عبث الحنين / .. أنشرخ صدر آهاتي في حضن الليل، لبست رداء الخوف وانا بأحضان العتمة، رتقت بعضا مني بخيوط من بقايا صور مركونة في ذاكرة زمن ضاع بين هجر وحنين، ابتل سرير الشوق دموعا على انتحار وسادتي ../ وكما في نصّ / ثلاث فقط / .. اتعبتني ضفيرتي المعشوشبة بين لفات وسائدي , تنخر عواطف جسد أنهكه غياب سرب القطا، وتبك الرسالة التي جابت صحون السماء ثم أردفت مبتلة بدموع صغار ضفادع ميتة في جوف صدفيات ملغومة بزي اجنحة أشعة مريضة .

5- الرسالية الاجتماعية : البوح التوصيلي : ونقصد به التوصيلية الأمينة والمخلصة والمحمّلة برسالة واضحة بغية الخلاص , وكما في نصّ / منفى خارج الجسد / .. دع بطاقتي في جيب روحك واضرب بعصاك عنواني عسى يوما تنشق لقلبي مآذن الوطن. وتصلي في محراب كنائسي سرب أبابيل بلا أجنحة ولا كفن الحنين.. وكما في نصّ / رسائل ميتة تتنفس / .. قبل أن أمت أريد أن أقف على قدمي وأدفن على شموع مفكرتي ورسائل لن تدفن معي فأنا طوال حياتي راكعة حافية أكتبها كوريثة شرعية لجدي السلام .

6- الرسالية في السرد التعبيسري ومنها الفنية وهي الامتداد عميقا في تجربة الكتابة والأشتمال على الأصالة والتجديد بطريقة الكتابة وبصيغة الكتلة النثرية الواحدة , وكما في نصّ / وهل ينتحر الصمت في أحداق الظلم؟ / .. ركبت برج الليل ملتحفة أساور العتاب ،ممتطاة شعاب الدمع على ركب فنادق مرقمة بنجوم غيم قطبي على ساحل أيامي العرجاء ،فقدت أحد القوائم يوم النصر على غزو مغول بسيوف الكآبة و جمر المزاد في سوق نخاسة لأميرات ضيعن الحلق في علب الرقص على وتر طرب غجري وسهر أشقر , وكما في نصّ / من نوافذ مدينتي / .. حين تنام على جفني الحمامات، يتراقص ليلي على أسرّة النشوة في جوف الناي، افلاك الغواية تهدهد مخابراتها ترسل خيوط عنكبوت مريض كف عن حياكة حروف مبعثرة تستجدي لقاء مدائن ترقب رضعا ماتوا جوعا بعدما انقطع عنهم غيث حليب بزعتر البراري المنسية في قاموس مدينتي .

هذه بعض ملامح السرد التعبيري في هذا الديوان الذي يعتبر اضافة جديدة الى ما صدر فيما مضى وما سيصدر لاحقا من اصدارات تعزّز وتثبت صمود هذه القصيدة واستمراريتها . ربما لم تكن هذه الملامح واضحة بشكل جليّ ونموذجي هنا , لكنها تجربة أولى للشاعرة في كتابة القصيدة السردية التعبيرية , جهد يستحق التقدير والاحترام لابدّ من الاشادة به وبصاحبته , نحن متأكون بان الاصدارات القادمة للشاعرة ستكون أكثر نموذجية وذلك بعد ان تكتسب الثقة اولا وتلاقي التشجيع ثانيا وبعدما تنضج تجربتها ثالثا بالاطلاع على ما ينشر في موقع السردية التعبيرية .