22 ديسمبر، 2024 3:07 م

جمال شهيد.. “داعش” تغتال البراءة

جمال شهيد.. “داعش” تغتال البراءة

في رمضان الماضي.. قلنا: الكرادة داخل جرح نازف من الآن الى المستقبل.. فهل سينزف جرح الكرادة خارج، مما وراء المستقبل الى المستحيل

لم تهدأ ريح جهنم الهابة على وجداننا من الثقب الذي خلفه مسمار “الكرادة داخل” في العام الماضي، بهذا التوقيت تقريباً،  وإذا ببركان “الكرادة خارج” يتفجر قرب الفقمة، حيث يكتظ المكان بعوائل تصطف رهطاً في أمان الشهر الفضيل.. رمضان الخير والبركة.. سلاما حتى مطلع الفجر، فلا أمان لـ “داعش” ولا إحترام لما يدعون.

أطفال ونساء وأرباب عوائل، ليسوا سياسيين ومعظمهم لم يبلغ الفطام، وصبايا بريئات لا يعرفن من “إمغالب الزلم” شيئاً…

“لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا.. ولكن على أقدامنا تقطر الدما” يصح بيت شعر الحُصَينِ بن الحمام.. هذا، عندما كانت إتجاهات السياسة، تحسم بالحروب المباشرة، والحروب.. باطلها وحقيقها.. قائمة على الفروسية والمواجهة الرجولية، أما الآن وقد باتت الحروب تحسم بضغطة زر على كومبيوتر؛ فما من موضع لقطر الدمى ولا يمكن للخليفة عمر بن الخطاب “رض” أن يوصي الجيش المتوجه لفتح بلاد فارس: “لا تقتلوا طفلا ولا إمرأة.. لا تقطعوا شجرة”.

حاشى لله أن ترتقي “داعش” لإبن الحمام.. مانع الضيم؛ لأنها هي مبعث الضيم نفسه، ويبرأ خليفة رسول الله، من أن تبلغ “داعش” شسع نعله؛ لأنها تدعي لباب جذور الإسلام الجوهرية، كما وردت في النص القرآني، لا تؤمن بالآيات التي تحذر من قتل (ما يعتبرونه مرتدا) بل تشتغل منهجياً بوعي أهوج.. تماماً، على إجتزاء الآيات من سياقها “وإقتلوهم حيثما ثقفتموهم” مغفلين “وإن جنحوا للسلم فإجنح له” بل هم الذين يبادرون لمداهمة سلم الآخرين، إعتداءً على الناس بالمفخخات الساحقة، في العراق وسواه من دول العالم الإسلامي وغير الإسلامي الآمن.

·         خلافة الدم

على بعد شظايا قاصرة، تترامى مثلجات “الفقمة” من مقر عملي، وقد هزتني صرخات النهاية.. عقب هزة الإنفجار.. تنطلق من أفواه صبايا كالجوكليت” وشباب كالأقمر وأمهات ينحنين على الرضع بين أيديهن، في القمائط، فيخترقهن الإنفجار، نفاذاً الى التمائم القرآنية والإنجيلية المعلقة على صدور الأطفال.. تتلولح من أعناقهم التي حزها موت داعشي لئيم.

صبايا يستعرضن براءة إنوثتهن، وشباب يتباهون بفتوتهم، ماذا أخذوا من “داعش” الذي يسقي “دولة الخلافة” بالدم الطاهر يشخب من أضلاع تهشمت من حول قلوب تخفق بحب بنت الجيران تواً؟

غضاضة أحلام تباهل شيطان “داعش” وتنتصر عليه بجمالها الشهيد، الذي وأده الإرهاب، فاغراً فم السؤال، نعاتب من!؟ وشبابنا يسقون جنون “دولة الخلافة” المهووس، بدمهم وأرواحهم.. قسراً، والبلاد تسفح أبناءها تبدد ثرواتها، في خلافات هوجاء..؟

لاأنتظر جواباً؛ لأن الجواب آتٍ.. قريب، مع إنفجار لاحق، ربما يطالني، قبل إتمام كتابة هذا المقال، أو يطال القارئ، قبل إكمال تلقيه؛ ما دمنا نحمل آلة فنائنا، مشرعين مقتلنا لرحمة جبان إذا تولى لا يعف! فيا لرخصنا.. مشاعون للموت مجانا؟

·         حزم جميل

فلننته من تداعيات الحزن الجميل، النافذ الى سويداء القلب حرقة، ونتحدث بحزم عن الإجراءات الكافة.. مانعة وجامعة، متسائلين: بعد 14 عاماً من الإرهاب “ياهو” المسؤول عن تأمين خوف الشعب وتطمين رعبه وإشباع جائعه وإكساء عريانه وضمان مستقبل أبنائه، قبل وأدهم في إنفجارات تستبيح البراءة بموت محيق؟

في شهر رمضان المبارك، من العام الماضي، قلنا: الكرادة داخل، جرح نازف من الآن الى المستقبل، فهل سينزف جرح الكرادة خارج، مما وراء المستقبل الى المستحيل، وأصحاب الشأن يكتفون بالشجب، كالغرباء المعزين مواساة من باب المجاملة.