23 ديسمبر، 2024 1:26 ص

جلعوط يسحب الملك الى المحاكم

جلعوط يسحب الملك الى المحاكم

الكتابة عن الملوك و الرؤساء والشخصيات السياسية والاجتماعية مسألة جد خطيرة بل ومثيرة للجدل والخلاف في عالم اليوم قد تصل بالمتصدي لها بان يدفع ثمنا يصل الى حدود شخصيته وقد تكون الكتابة حكايات صحيحة او غير صحيحة لكنها في كل الاحوال حكايات تم نقلها من اناس عاشوا تلك الفترة وقد تكون هذه الحكايات معرضة للكذب والتلفيق في ضوء التراكمات التي يحملها الراوي سواء كانت هذه التراكمات سلبية او ايجابية عن الشخص المنوي الكتابة عنه .. حكايات طريفة تشبع نهم القاريء عن شخصيات كان لها التأثير على الجماهير خاصة وان المواطن بات اكثر حاجة للعودة لقراءة التاريخ الحديث قراءة متفحصة للمقارنة بين الماضي الجميل وحاضرنا المؤلم من اجل ان نخفف من قساوة واقع الحياة الاجتماعية التي نعيشها حاليا والتعرف على كوامن الشخصية القيادية التي سادت المنطقة عموما والعراق خصوصا خلال العقود الماضية في زمان كان النظام الحاكم نظام ملكي وافراده محصنين لهم قدسيتهم ولهم عالمهم الخاص وكان اغلب السياسيين ضمن تشكيلة الحكومة هم ادوات منفذة لارادة واوامر الملك والعائلة الحاكمة .. كانت الحكومة في نظر الشعب حكومة عميلة تتبع ارادة وسطوة بريطانيا التي كان يسميها عامة الناس حكومة ” ابو ناجي ” وكان الشعب والجيش العراقي وخلال فترة عقد الخمسينيات من القرن الماضي اكثر سخونة وتنافر مع النظام الحاكم وازدادت هذه السخونة اثر قيام ثورة تموز في مصر عام 1952 التي اججت المشاعر الوطنية وتوجت هذه المشاعر بقيام عدد من العسكرين بتنفيذ انقلاب عسكري اسقط النظام الملكي واقام على انقاضه النظام الجمهوري عام 1958 في عملية لاتخلوا من وحشية بعد قيام منفذي الانقلاب بفسح المجال لبعض الافاكين بالتمثيل بجثث افراد العائلة الملكية .. كان هذا التحول البداية لدخول العراقيين في صراعات حزبية متنافرة المباديء والمنهج اوصلت العراق الى الفوضى التي مازالت اثارها ماثلة حتى يومنا هذا تؤشر وجود خلل في تركيبة وبنية المجتمع العراقي والانظمة المتعاقبة على حكم العراق بعد سقوط النظام الملكي الذي كان زعماؤه يتحلون بصفات وقيم نبيلة مازال الموطن العراقي الذي عاصر تلك الفترة يتذكرها بشيء من الفخر والاعتزاز برموزها حيث كانوا يشكلون في تصرفاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية مع افراد الشعب تمازج جميل يدلل على بساطتهم اضافة الى تميزهم بروح الشفافية في تعاملهم مع ابناء الشعب وتنفيذ الانظمة والقوانين بروح التسامح ومن الحكايات التي تروى عن الملك فيصل الاول والتي تدلل على تواضعه وحرصه على تطبيق القانون كما يقول الدكتور فارس العقابي ” في احد ايام سنة 2000 في بغداد.. جاءني صديقي المرحوم الشهيد الأستاذ القاضي عبد الامير علي رحمة الله عليه.. الذي إغتالته العصابات المجرمه..أمام داره. حين كان رئيس محكمة جنايات بغداد الجديده عام 2005. وأخبرني.. بأنه كلف أن يكون رئيس لجنة إتلاف ملفات القضايا التي مر عليها اكثر من خمسين عاما” .. وأخذت الدرجة القطعية لإمتلاء قسم الارشيف بها في وزارة العدل.و أثناء العمل.. جاءته إحدى الموظفات.. بملف دعوة المدعي السيد كاظم جلعوط صاحب معمل طابوق جلعوط .. المدعى عليه فيصل بن الحسين ملك العراق. .. يدعي السيد كاظم بانه جهز الملك.. بكميه من الطابوق تساوي 100 دينار لم يسددها الملك .. وقال القاضي بانه درس الملف بالكامل.. ولم يجد اي شيء غير قانوني.. او اي معامله خاصه للملك… حيث تم استدعاء الملك عن طريق مُبَلّغ المحكمة الى الحضور امام القاضي.. في الوقت والمكان المحددين. .وحضر الملك في الوقت والمكانالمحدد .. ونودي عليه بصوت عال من قبل منادي المحكمه-. بأسمه الصريح وأجاب.. حاضر وجميع اقوال الملك مدونة في ملف القضية حيث اعترف الملك..بما إدعى عليه السيد كاظم جلعوط وطلب الملك من القاضي بعد ادانته ان يقسط المبلغ 10 دنانير كل شهر فوافق السيد كاظم على ذلك وامر القاضي ان يدفع هذا القسط اول كل شهر في المحكمه وخلاصة القول ان الملك فيصل الاول كان من أكثر الشخصيات التي حيكت عنها الحكايات واختلقت عنها الأكاذيب وقد عرف فيصل بحدة الذكاء وحسن الخلق وبرودة الأعصاب وقابليته على كسب ود من حوله. .فيا ايها الملوك والامراء والرؤساء والمسؤولين كونوا بسطاء سمحين في اعمالكم .. فليس الصلف ولا القسوة ولا التعالي على المواطنين من دلائل النجاح وعلو الهمة فاعظم الناس وانجح الناس هم اكثرهم بساطة وليونة ورحمة .. وليكن قدوتكم من سبقكم من الملوك والامراء والرؤساء